أبوظبي للكتاب يجمع خبراء نشر من ثلاث قارات

الخبراء يبحثون في حلقة نقاشية بالمعرض جهود دور النشر في صناعة السلام.
مصر ضيف شرف معرض أبوظبي الدولي للكتاب
جناح مصر يضم عشرة أركان تحاكي السوق القديم بتفاصيله العتيقة وجمالياته التاريخية
البحث عن الأساطير يثير خيال زوار معرض أبوظبي الدولي للكتاب

أبوظبي - اجتمع خبراء نشر من ثلاث قارات (آسيا، أفريقيا، أوروبا)، في إطار البرامج المهنية التي ينظّمها معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2024، لمناقشة جهود دور النشر في ترسيخ التفاهم والحوار الإنساني وتبادل المعارف وتأريخ الحضارة البشرية، في جلسة متخصّصة بعنوان "حديث القارات: النشر كصناعة سلام".

وأدارت الجلسة عائشة المزروعي، مديرة إدارة الفعاليات ومعارض الكتاب في مركز أبوظبي للغة العربية، بمشاركة كل من إيرنست أوبونج من شبكة الناشرين الأفارقة، ولي يو المساعدة التنفيذية لشركة الصين الوطنية لاستيراد وتصدير المنشورات (المجموعة المحدودة)، وميكاليس كالاماراس مستشار النشر في معرض ليماسول الدولي. طرح هؤلاء الخبراء البارزون، مناقشات غنية حول دَور النشر كلغة عالمية للتواصل، ومدى فعّاليتها في تحقيق رسالتها السامية، ودوافع الناشرين لاختيار هذه المهنة ومتابعتها، واختلاف أهدافهم من دولة لأخرى.

وتحدّث إيرنست أوبونج من شبكة الناشرين الأفارقة عن دَور شركة الناشرين الأفارقة وتطوّرها وتأسيس شبكة للناشرين والتواصل مع الناشرين، في سبيل بناء الجسور بين الدول الأفريقية ومنها إلى العالم وبالتالي زيادة عدد المواد الأدبية المنشورة.

وذكر هنا تجربة شخصية باقتناء كتاب "رؤيتي" للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وكيف استفاد مما طرحه بشأن الاختلافات وكيفية تطور المجتمعات، كما استحضر مقولة لزعيم جنوب أفريقيا نيلسون مانديلا حول تشجيع التبادل الثقافي: "إن تحدثت مع شخص بلغة يفهمها سوف يرسخ حديثك في رأسه، ولكن إن تحدّثت بلغته الأم سيرسم ذلك في قلبه".

وقال ميكاليس كالاماراس مستشار النشر في معرض ليماسول الدولي إن الكتب قد تكون أكثر الطرق فعّالية وتأثيرا في مجال تواصل الثقافات، وقطاع النشر والمحتوى يحتاج إلى مثل هذه المؤتمرات لتبادل الخبرات والاطلاع على آخر الإصدارات والأعمال.

وأكد أن هذه المشاركة الأولى له في معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مشددا على أهمية تعزيز أفكار وأهداف منظومة النشر لدى المختصّين والخبراء وكافّة المعنيين، في بناء الشراكات والتعاون.

وقدمت لي يو المساعدة التنفيذية لشركة الصين الوطنية لاستيراد وتصدير المنشورات توصيفا شاملاً عن دور الترجمة في مدّ الجسور بين الثقافات والقارات، مما يعزّز التفاهم العالمي.

وتحدثت عن الترجمة المتبادلة بين اللغتين العربية والصينية، مؤكدة نشر 500 كتاب في إطار التبادل العربي والصيني من خلال اتحاد الكتاب العرب والصينيين.

واستحضرت هنا المشاركة السابقة لهم في معرض الكتاب في عام 2017، التي عرضت بعض جوانب الثقافة الصينية، الأمر الذي فتح النوافذ على ثقافة وأدب الصين، قائلة إن هذا المؤتمر يعزّز التبادل الدولي ومن خلال الترجمة وما تقدّمه للقرّاء المحليين والدوليين.

وتأتي هذه الجلسة في سبيل تعزيز دَور النشر في صناعة السلام، وكيفية إسهام النشر في تحقيق التفاهم العالمي، وخفض حدّة النزاعات، وربط قلوب الشعوب، وترسيخ قيمها المشتركة، من خلال طرح الخبراء تجاربهم السابقة وتطوير أدوات قطاع النشر في المستقبل.

كتب عمرها أكثر من مئة عام

يفتح معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ33 إلى جانب الحلقات النقاشية، فرصة أمام زواره للتعرف على جماليات تمتاز بها مصر التي تحل هذا العام على المعرض كضيف شرف، حيث تم تخصيص لهذه المشاركة مجموعة من الفعاليات، والردهات الخاصة التي تحتفي بثقافة مصر وطابعها الحضاري، والمعماري، والتاريخي.

فكأنك تتجول في العاصمة المصرية القاهرة، تزور  سور أزبكيتها التاريخي، وتتعرّف على مجموعة متكاملة من العناوين التي تعتّقت مع الزمن، خطّها عباقرة في حقول الثقافة، والأدب، والفنّ، والفكر، ستقرأ عيناك آلاف العناوين المدهشة التي ستأخذك في رحلة عبر الزمن لتتعرّف على جماليات الإبداع، واستثنائية النشر، حيث كانت الكُتب تشتهر بورقها الأصفر، وطبعاتها الخاصة.

الزائر للمعرض سيعيش تجربة التجوّل بين عشرة أركان يضمّها جناح "سور الأزبكية" الذي خصصه ليحاكي السوق العتيق الواقع في منطقة العتبة بوسط القاهرة، حيث يستقطب هذا الجناح في المعرض عُشاق الكتب من كل الفئات والأعمار، يمرّر لهم رسائل التنوير والفكر بلا حواجز ولا حدود، ويفتح المجال أمامهم للتعرّف على جماليات هذا المكان بوصفه أحد علامات الثقافة المصرية الأصيلة والمُعاصرة.

وعن أهمية حضور السور في المعرض، قال محمد صادق مسؤول ركن الأرشيف العربي للتراث "إقامة هذا الجناح يُعرّف الجمهور على قيمة السور في المشهد الثقافي المصري، ويتيح عرض نماذج من المعروضات التي يوفّرها من كُتب نادرة ومجلات، في تجربة فريدة تلقي الضوء على جانب مهم من تاريخ الثقافة المصرية".

وأضاف "تواجدنا في معرض أبوظبي الدولي للكتاب هذه المنصة الثقافية الفريدة، تهدف إلى إيصال رسائل الفكر والتنوير من مصر إلى العالم، خاصة أبناء الإمارات الذين تربطهم علاقات وطيدة بالشعب المصري".

وأشار القائمون على المكان إلى أن السور الذي تم إنشاؤه في العام 1907، يعدُّ جزءا من ثقافة مصر وتاريخها، ومقصدا دائما لأي باحث أو طالب علم، فهو مكان يعرض أعدادا كبيرة من الكُتب القيّمة والنادرة في العديد من المجالات، إلى جانب أمّهات الكُتب التي لا تقدّر بثمن، كما ويقدّم محتويات ثقافية، وتاريخية، فريدة تُعرض للمرة الأولى أمام جمهور معرض أبوظبي الدولي للكتاب.

البحث عن الأساطير

من جهة أخرى، يجد زوار المعرض عند عدد من المداخل المؤدية إلى قاعاته بمركز أبوظبي الدولي للمعارض مجسّمات أسطورية منسوجة من خيال مبدع، فالأساطير تحتمل كل الأشكال التي يمكن تخيّلها، بدون القواعد المعروفة للأشكال التي نألفها بدءا من الإنسان وانتهاءً بمكوّنات الطبيعة.

وفي أحد المداخل يوجد مجسّم "سيدة الأساطير" بثقة وتحته كُتبت عبارة "البحث عن الأسطورة"، بينما يأخذ النص المدوّن الزائر في رحلة خيالية إذ جاء فيه "تحت سماء تهمس نجومها بحكايات الماضي، أبحر مسافر في البحر العظيم بحثا عن سيدة الأساطير"، ليتابع في مقطع آخر "كل من سعى وراء حكمتها شيء يروي العطش ويروي حدود الشواطئ لكنه يحمل الحكايات حول العالم". و"كان للمسافر بصيرة ألهمته الجواب فصرخ "القصص" مثل المياه خالدة متغيّرة عاكسة وتربطنا مثل المسافات". إنها عبارات تتناغم مع شعار المعرض "هنا تسرد قصص العالم"، والقصص موجود في مواضيع آلاف الكتب المعروضة، التي بدأ بعضها من فكرة خيالية لكنه تجسّد حكاية بين صفحات الكتاب.

وأشكال الأساطير تتغيّر وترافق بطرق عدة زوّار المعرض والمشاركين فيه، فهي صور مطبوعة على بطاقات الإعلاميين والمشاركين بالمعرض، وعلى شاشات المنصات التي تقام فيها الندوات والفعاليات، مثل منصة منف، وكذلك موجودة على اللوحات الإرشادية التي تدل الزائر على الأجنحة.

هذه المجسّمات التي تثير الخيال توزعت بأشكال مختلفة، منها "باتمان: أسطورة فارس الظلام" وأسطورة "ناسج الريح" وتحتها كُتب نص بعنوان "الواحة الخفية". والنص يقول "بين همسات الرمال وجد صبي طريقه إلى واحة يحرسها ناسج الريح" الكبير الذي استقبل الصبي بسؤال "ما هو الكنز الذي حين نتشاركه يكبر؟" أشرقت عينا الصبي وأجاب "الكتاب". نعم إنه الكتاب الذي ينادي الجمهور إلى المعرض الذي يسدل ستار يوم 05 مايو/أيار الجاري ليقول من غير كلام لقد وجدت ما تريد، فالتنوّع اللامحدود يحاكي الجميع على اختلافهم.