أحمد عيدون يطرح 'الفكر الموسيقي عند الفارابي'

الكتاب يعد ثمرة اشتغال طويل للكاتب المغربي على مؤلّفات الفارابي في ميدان الموسيقى.

الرباط - صدر حديثا عن "منشورات المتوسط – إيطاليا" كتاب جديد للكاتب المغربي أحمد عيدون بعنوان "الفكر الموسيقي عند الفارابي".

هذا الكتاب هو ثمرة اشتغال طويل للمؤلف على مؤلّفات الفارابي في ميدان الموسيقى، كما إنه امتداد طبيعي لاهتمامه المتواصل بالتراث الموسيقي المنبثق عن الحضارة العربية الإسلامية في شرقها وغربها. ليأتي إسهامه هنا على شكل إضاءات إضافية، يحاول من خلالها تعميق التأويل عوض الاقتصار على شرح المَتْن وترجمة معانيه، ومن خلال ما توصّل إليه الفارابي يفتح أحمد عيدون المجال أمام تأصيل النظرية الموسيقية العامة، وتصحيح بعض المغالطات التي نشأت حول الموسيقى العربية، بفعل الانفصام الحاصل بين العلوم النظرية وواقع الممارسة العملية.

يبدأ الكتاب بالتذكير بسيرة الفارابي، حياته وتفرّغه للتحصيل العلمي والتأليف، وما هي آثاره بصفة عامّة في الفلسفة وتوابعها، ثمّ ما هو تأثيره عند تلاميذه ومعاصريه، وكيف استمرت أفكاره عند التابعين في المجال العربي الإسلامي، كما سيتّضح بعد ذلك أن كتاباته رغم ضياع الكثير منها قد وجدت لها صدى عند مفكّري غرب أوروبا منذ القرون الوسطى. مما سيقود نحو ضرورة التطرق لمعالم منهج الفارابي واستعماله لأدوات التحليل والتركيب والاستدلال المنطقي. وذلك ما سنجده كذلك بصفة مفصّلة عبر الأمثلة التي سنباشر شرحها في مَتْن كتاب الموسيقى الكبير، ثم يختتم الكتاب باستخراج كافّة المصطلحات التِّقْنِيَّة، والذي يبلغ عددها 678 مصطلحا. أخيرا، صدر الكتاب في 408 صفحات من القطع الوسط.

من الكتاب:

كثيرا ما تفترق الهيئتان ولا توجدان في شخص واحد، ولذلك ذكر الفارابي عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي قوله: "الألحان نسج يُنشئها الرجال ويجودها النساء". فقد كان الموسيقي الملحّن يصوغ الأُغنيَّة انطلاقا من تفاعله مع النصّ الشِّعْرِيِّ، لكن اكتمال الأداء وتفاصيل وزخارف اللحن تساهم فيها القينة المطربة المجيدة. ويمكن أن تجتمع الهيئتان في واحد بعينه، "مثل ما كان في أكثر المتقدّمين من العرب، وكذلك في كثير ممّنْ كان قبلهم في الفُرْس، وفي كثير من متأخّري العرب ومَنْ في عدادهم". في هذه الحالة يكون الملحّن عازفا ومؤدّيا بالغناء والعزف لما سبق له أن لحّنه. وقد قيل إن الفارابي كان في صغره يضرب بالقانون وبالعود ويغنّي، فلمّا التحى وجهه قال: "كلّ غناء يخرج ما بين شارب ولحية لا يستظرف"، فتخلّى عن ذلك.

الدكتور أحمد عيدون مغربي من مواليد 1952، حاصل على دكتوراه في الاقتصاد بأطروحته حول الصناعات الثقافية والإبداعية، خريج المعهد الوطني للموسيقى بالرباط في مواد الصولفيج والعود والتأليف الموسيقي، أستاذ محاضر حول قضايا التراث الثقافي والفني من حيث التشريع والصيانة والاستثمار.

صدر له: موسيقى المغرب، والموسيقى الروحية، والنوبة المغربية (الموسيقى الأندلسية المغربية)، الموسيقى الأمازيغية، وأزوان الموسيقى الحسانية، والموسيقى عند يهود المغرب.