أردوغان يفقد الأمل من إمكانية الانضمام لاتحاد الأوروبي

تركيا لن تجني أي خطوة إيجابية من قبولها لانضمام السويد إلى الناتو حتى فيما يتعلق بالسوق الأوروبية الموحدة أو دخول المواطنين الأتراك دون تأشيرة لدول الاتحاد الأوروبي.

أنقرة - أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن بلاده لم تعد “تتوقع شيئا” من الاتحاد الأوروبي بعد المماطلة على مدى عقود في مسعاها للانضمام إلى عضويته، فيما يبدو أن  المفاوضات بهذا الشأن وصلت لطريق مسدود بسبب عدم تحقيق أنقرة لشروط الأوربيين بشأن الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

وقال أردوغان في خطاب خلال افتتاح البرلمان التركي دورته الجديدة إن أنقرة “لم تعد تتوقع أي شيء من الاتحاد الأوروبي الذي جعلنا ننتظر عند بابه منذ 40 عاما”.

وتركيا مرشحة رسمية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي منذ 24 عاما، لكن محادثات الانضمام توقفت منذ 2016 بسبب مخاوف التكتل من انتهاكات حقوق الإنسان واحترام سيادة القانون.

وأبدى الاتحاد الأوروبي في يوليو تموز الماضي، استعداده لاستئناف التواصل مع تركيا بشأن انضمامها إليه بشروط، مشيرا إلى أن التكتل يريد من أنقرة إبداء مرونة فيما يتعلق بالقضية القبرصية وحلها بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى التمسك بالحريات والقيم الأساسية مثلما تحددها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.
وقبل قمة حلف شمال الأطلسي في تموز/يوليو، اشترط أردوغان للموافقة على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي، استئناف مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي الذي يضم معظم دول التحالف العسكري.

وكانت السويد قد أعلنت في نفس الشهر التوصل إلى اتفاق مع تركيا بشأن انضمامها لعضوية حلف الأطلسي. وقال بيان للحلف إن تركيا ستحيل بروتوكول انضمام السويد لعضويته إلى البرلمان، وستعمل السلطة التنفيذية عن كثب مع البرلمان من أجل المصادقة عليه.

وأضاف أردوغان “لقد أوفينا بكل الوعود التي قطعناها للاتحاد الأوروبي، لكنهم لم يفوا بأي من وعودهم تقريبا”، مشددا على أن أنقرة “لن تقبل متطلبات جديدة أو شروطا في مسار الانضمام” إلى التكتل.

أنقرة كانت تتوقع أن يحرز الاتحاد الأوروبي تقدما ملموسا في قضايا مثل السفر بدون تأشيرة، والانتهاء من بعض الفصول في عملية الانضمام إلى التكتل.

ويقلل متابعون من أهمية الموقف التركي تجاه انضمام السويد الذي انتقل من الرفض إلى القبول ويرون أن تركيا لن تحصل في مقابل هذا الموقف على أي خطوة إيجابية من الاتحاد الأوروبي حتى إن تعلق الأمر بالسوق الموحدة أو دخول المواطنين الأتراك دون تأشيرة لدول الاتحاد الأوروبي.

ويبدو أن أردوغان يدرك جيدا هذا الأمر حيث قال “ما لم يتراجعوا عن بعض المظالم مثل فرض تأشيرات الدخول التي يستخدمونها كعقوبة مستترة، ما لم يصححوا أخطاءهم… سيفقدون بالكامل حقهم في انتظار توقعات سياسية اجتماعية اقتصادية أو عسكرية من قبلنا”.

وكانت أنقرة تتوقع قبل فترة أن يحرز الاتحاد الأوروبي تقدما ملموسا في قضايا مثل السفر بدون تأشيرة، والانتهاء من بعض الفصول في عملية الانضمام إلى التكتل. إضافة إلى دعم تركيا في احتياجاتها المالية.

وشدد أردوغان على أنه “في حال كانت لدى الاتحاد الأوروبي النية لوضع حد لمسار انضمام تركيا غير الموجود سوى على الورق، سيكون هذا شأنه”.

وتوتّرت العلاقات بين بروكسل وأنقرة كثيراً بعد محاولة الانقلاب الفاشلة بأنقرة في تمّوز/يوليو للعام 2016 وحملة القمع التي أعقبتها وطالت معارضين وصحافيين.

ويقول محللون إنه في الوقت الحالي لا يوجد نقاش حقيقي أو توجّه واضح لدى الاتحاد الأوروبي بشأن قبول عضوية تركيا، وذلك لأن القناعة لدى الاتحاد بأن هناك مؤشرات قليلة جدا تفيد بقيام تركيا بخطوات جدية للحصول على عضويته.

ويتعين على تركيا إقناع الاتحاد الأوروبي بأنها جادة في تنفيذ الإصلاحات السياسية والاقتصادية، وحينها سيكون الاتحاد الأوروبي تحت ضغط للوفاء بالتزاماته السابقة لقبول انضمامها، لكن حاليا ووفق الوضع الراهن لا يبدو أن هذه الضغوط موجودة.

وتأتي تصريحات أردوغان بعد أيام من إدانة المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تركيا لاعتبارها أنّ استخدام مدرّس تطبيقاً للمراسلات المشفّرة على صلة بالمخططين المفترضين للانقلاب الفاشل الذي شهدته البلاد في 2016، دليل كاف للحكم عليه بالحبس.

ويمكن للقرار الذي خلص إلى أنّ حقوق المدرّس يوكسيل يالتشنكايا قد انتُهكت، أن يمثّل سابقة مهمّة مع آلاف القضايا المماثلة العالقة أمام المحكمة ومقرّها في ستراسبورغ.

وتتّهم أنقرة حركة فتح الله غولن بتدبير محاولة الإطاحة بأردوغان وتقول إنّ تطبيق “بايلوك” للرسائل المشفّرة استُخدم لتنسيق المخطط.

واعتُقل آلاف الأشخاص عقب الانقلاب وصدرت بحقّهم إدانات بتهم مرتبطة بالمجموعة، علماً بأنّ غولن المقيم في الولايات المتحدة نفى أيّ ضلوع له في ذلك.

واعتبر أردوغان أن قرار المحكمة الأوروبية “هو القطرة التي أفاضت الكأس”، مشددا على أن “أعضاء المنظمة الإرهابية ومناصريهم الذين شجّعهم هذا القرار، لا يجب أن يتأملوا بلا طائل. هذا القرار لن يحمل أي راحة للأوغاد الأعضاء” في جماعة غولن.

وشدد على أن تركيا “لن تتراجع خطوة في مكافحة هذه المجموعة من الخونة. لن تسمح بأي عودة إلى الماضي”.