إيران تستثمر اغتيال العاروري للتحريض على توسيع الحرب

الحرس الثوري يعتبر أن اغتيال القيادي في حركة حماس سيضخ دماء جديدة في عروق المقاومة.

طهران - اعتبر الحرس الثوري الإيراني أن اغتيال القيادي البارز في حماس صالح العاروري واثين من قادة كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري للحركة سيفتح صفحة جديدة في أعمال "المقاومة"، قائلا إن "المقاتلين الفلسطينيين في الضفة الغربية سيدخلون ميدان الجهاد بجدية أكبر"، فيما تؤشر تصفية العاروري على انعطافة في الحرب الدائرة في قطاع غزة بالموازاة مع الاشتباكات على الحدود اللبنانية بين إسرائيل وحزب الله والتي ظلت طيلة الفترة الماضية محدودة، بينما توعد الحزب المدعوم من إيران بردّ على العملية التي تمّت في معقله.

ووصف الحرس الثوري العملية بـ"الإرهابية"، معتبرا أن "الإرهاب والجريمة وصفة فاشلة يتبعها الكيان الصهيوني المزيف للتعويض عن الفشل غير القابل للترميم الناجم عن طوفان الأقصى والهروب من مستنقع غزة".

والعاروري (57 عاما)، الذي كان يعيش في بيروت، هو أول قيادي سياسي كبير لحركة حماس يتم اغتياله منذ شنت إسرائيل هجوما شرسا جوا وبرا وبحرا على الحركة قبل ما يقرب من ثلاثة أشهر إثر هجومها المباغت على بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.

وقال حسام بدران عضو المكتب السياسي لحركة حماس في رثاء العاروري "نقول للاحتلال المجرم المعركة بيننا وبينهم مفتوحة".

ودأبت إسرائيل على اتهام العاروري بتدبير هجمات على إسرائيليين، لكن مسؤولا من حماس قال إنه كان أيضا في "قلب المفاوضات" التي تجريها مصر وقطر بشأن تبعات الحرب في قطاع غزة والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس.

ومن المقرر أن يلقي الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله خطابا في بيروت اليوم الأربعاء. وكان قد حذر من قبل إسرائيل من مغبة تنفيذ أي اغتيالات داخل لبنان وتوعد بالرد بقوة عليها.

وأكد الحرس الثوري الإيراني في بيانه أن "العمل الوحشي الذي قام به الكيان الصهيوني والهجوم المسير على جنوب بيروت الذي يعتبر انتهاكا لسيادة لبنان وأدى إلى استشهاد صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس واثنين من قادة كتائب القسام وعدد آخر، أثبت أن استمرار الجنون والوحشية والتعطش لإثارة الحروب هي إستراتيجية شريرة ينتهجها الصهاينة بدعم من حكومة الولايات المتحدة الإرهابية".

وأضاف "مما لا شك فيه أن الفشل الذي تسببت به عملية طوفان الأقصى لن يرمم بالإرهاب والجريمة ولن يتمكن الكيان الصهيوني الجاثي بارتكاب مثل هذه الممارسات من جعل حسابات المقاومة أن تقع في خطأ إستراتيجي".

وأشار إلى أن "الصبر الإستراتيجي للمقاومة وحزب الله لن يخرج عن إطار العقلانية والمنطق والنظر إلى متطلبات التغلب على محتلي القدس ومغتصبي فلسطين متأثراً بالآمال والأحلام المشؤومة للكيان الصهيوني وداعميه"، مضيفا أن هذا "الاغتيال والشهادة سيضخ دماء جديدة في عروق المقاومة التي ضيقت الخناق على الكيان المزيف قاتل الأطفال وسيجعل المقاتلين الفلسطينيين في كل مكان من هذه الأرض، وخاصة الضفة الغربية، يدخلون ميدان الجهاد ضد المحتلين بعزيمة أكثر جدية".

وختم بالقول إن "تزامن استشهاد كبار قادة حماس مع الذكرى الرابعة لشهيد القدس الحاج قاسم سليماني تتضمن إشارة ذات مغزى"، مضيفا أن "آلة حرب الكيان الصهيوني المعتدي الغارقة في وحل غزة ليس لها منفذ آخر إلا الاستسلام لإرادة المقاتلين الفلسطينيين ومجاهدي حماس والمنتصر في ساحة المعركة هو بلا شك المقاومة المجيدة والقوية لشعب غزة المظلوم وحماس البطلة".

ويأتي اغتيال العاروري بعد أيام قليلة من مقتل رضي موسوي أحد كبار قادة الحرس الثوري في سوريا في غارة جوية استهدفته على أطراف دمشق، بينما سعت إيران إلى استثمار تصفية هذا الجنرال من خلال الزعم بأنه كان في إطار المقاومة لنصرة غزة.

وفي سياق متصل أكد وزير الدفاع الإيراني محمد رضا اشتياني اليوم الأربعاء أن عواقب اغتيال نائب ‏رئيس المكتب ‏السياسي لحركة حماس صالح العاروري ستؤثر على الولايات المتحدة التي زعزعت التوازن الإقليمي.
وتابع "سنرى بالتأكيد وحدة ضد سياسات واشنطن عقب مثل هذه التصرفات بالمنطقة وفي الوقت نفسه مثل هذه الأخطاء الاستراتيجية ستوتر المنطقة وسترتد تداعياتها على الأميركيين".
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية أدانت عملية الاغتيال واعتبرتها "دليلا آخر على قيام إسرائيل على أسس الإرهاب والجريمة"، فيما قال الوزير حسين أمير عبداللهيان في تغريدة إنها "تشكل تهديدا حقيقيا للسلام وإنذارا خطيرا لأمن دول المنطقة".
ومساء الثلاثاء قالت وكالة الأنباء اللبنانية إن استهداف مقر لحركة حماس أسفر عن 7 شهداء وإصابة 11 آخرين"، فيما نعت حماس في بيان العاروري والقياديَين في كتائب القسام سمير أفندي وعزام أقرع و4 آخرين من كوادر الحركة.
وفي 28 أغسطس/آب الماضي حذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من أنّ "أيّ اغتيال على الأرض اللبنانية يطال لبنانيا أو فلسطينيا أو سوريا أو إيرانيا أو غيرهم سيكون له رد الفعل القوي ولن نسمح أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات".
ولإسرائيل تاريخ طويل في اغتيال قادة للفصائل الفلسطينية خارج الأراضي المحتلة، وهي عادة لا تتبنى هذه العمليات.
وتوعد مسؤولون إسرائيليون باغتيال قادة حماس في دول بينها لبنان وقطر، عقب هجوم الحركة على قواعد عسكرية ومستوطنات بغلاف غزة في 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي.

ومنذ نحو 3 أشهر يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الثلاثاء 22 ألفا و185 قتيلا و57 ألفا و35 مصابا معظمهم أطفال ونساء ودمارا هائلا في البنية التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة.