الطاقة ومنطقة الساحل يتصدران زيارة بوريل للجزائر

مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي سيبحث اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، والوضع في منطقة الساحل، في ظل المخاوف الأوروبية من تنامي العلاقة بين النظام الجزائري وروسيا وإيران.

بروكسل – يستعد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل زيارة الجزائر اعتبارا من اليوم الأحد ولمدة يومين بهدف "توطيد الشراكة" بين البلد المصدّر للغاز والاتحاد، إلى جانب البحث في الوضع في منطقة الساحل، في ظل توطد العلاقات بين الجزائر وروسيا وإيران والتي باتت تؤثر بشكل كبير على الوضع هناك.

وخلال زيارة رسمية للجزائر في 12 و13 مارس الجاري، يلتقي بوريل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبّون ورئيس الوزراء أيمن بن عبدالرحمان ووزير الخارجية رمطان لعمامرة، بحسب البيان الصادر عن التكتل الأوروبي مساء السبت.

وجاء في البيان "ستشكّل هذه الزيارة مناسبة لإجراء مفاوضات معمّقة لتوطيد وتوسيع الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر" و"البحث في المجالات ذات الاهتمام المشترك والتي تشملها اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، بهدف إحياء وتعزيز أكثر الحوار والتعاون".

وأشار إلى أن بوريل يخطّط أيضًا للتطرّق إلى "القضايا الإقليمية والدولية، بما في ذلك خصوصا الوضع في منطقة الساحل والتحديات المشتركة في السياق العالمي الحالي بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا".

وتملك الجزائر بحكم موقعها الجغرافي حضورا مهما في منطقة الساحل وهي ترعى مفاوضات بين الفرقاء الماليين، ويخشى الغرب من أن توظف الجزائر هذا التأثير والحضور لزيادة تمكين روسيا في هذه الساحة.

ويقول متابعون إن تنامي الحضور الروسي في منطقة الساحل والذي يجري بتنسيق مع إيران، يجعل من واشنطن وحلفائها الأوروبيين منتبهين أكثر للدور الذي يمكن أن تلعبه الجزائر في تعزيز هذا الحضور.

وتشهد منطقة الساحل الأفريقي تنافسا محتدما بين روسيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة ثانية، وتبدو الكفة إلى حد الآن تميل إلى صالح موسكو، عبر مجموعة فاغنر.

وسبق وأن أبدت الولايات المتحدة قلقها من العلاقات الروسية –الجزائرية، مطالبة الجزائر بضرورة وضع مسافة مع موسكو، وأن التخفي خلف سياسة الحياد، لم يعد مقبولا في ظل المتغيرات الطارئة على المشهد الدولي والإقليمي، لكن الجزائر رفضت إلى حد الآن مثل هذه الضغوط الأميركية.

وأشارت العديد من تقارير الاتحاد الأوروبي وتسريبات لوسائل إعلام غربية إلى تلقي الجزائر إمدادات مهمة من الطائرات دون طيار من إيران، لنقلها إلى جبهة بوليساريو، وهي مجموعة انفصالية تحظى بدعم السلطات الجزائرية، في معركتها ضد المغرب.

وذكرت التقارير اعتزام إيران على نقل تجربة حزب الله اللبنانية إلى المنطقة الأفريقية عبر إنشاء الفرع الأكثر راديكالية من إسلاميتها في الساحل والصحراء، وهي تحتاج في ذلك إلى دعم من الجزائر.

ونشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية مؤخرا تقريرا يفيد بأن الحكومة الجزائرية سمحت بدخول مجموعة فاغنر الروسية (التي تقاتل حاليا في أوكرانيا بموجب أوامر من الرئيس فلاديمير بوتين) إلى مالي، وهو ما تسبب في انسحاب فرنسا من البلد الأفريقي، وقد شكل ذلك ضربة كبيرة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لإنهاء الإرهاب في المنطقة.

والجزائر هي أيضًا المُصدِّر الأفريقي الأول للغاز الطبيعي.

وانتقلت العديد من الدول الأوروبية، أبرزها إيطاليا، إلى الغاز الجزائري، حرصا منها على تنويع إمداداتها لتقليل اعتمادها على المحروقات الروسية.

وقبل بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، كانت الجزائر تزوّد أوروبا بنحو 11 بالمئة من احتياجاتها مقابل 47 بالمئة من روسيا.

في نهاية ديسمبر، عارضت الجزائر الآلية الموقتة التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي لتحديد سقف لأسعار الغاز المُباع بالجملة، ودعت إلى "أسواق طاقة حرة" مع التأكيد على أنها "مورد موثوق وآمن لأوروبا".

وتأمل الجزائر تطوير قطاع الطاقة لديها من خلال الاستعانة بالخبرات الفنية الأميركية، حيث شهدت مدينة هيوستن على مدار اليومين الماضيين سلسلة اجتماعات مع شركات كبرى عقدها وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب سعيا للارتقاء بقدرات البلد في مضماري النفط والغاز.

وفي سبتمبر الماضي، أشاد رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال خلال زيارة إلى الجزائر، بالدولة العربية بصفتها موردًا للطاقة "موثوقًا به"، في وقت تسعى فيه أوروبا لتعويض النقص في إمدادات الغاز الروسي عقب الحرب على أوكرانيا.