المجلس المغربي لحقوق الانسان يدين قتل الجزائر لمغربيين تاها في مياهها

بيان مرتبك لوزارة الدفاع الجزائرية يحاول تسويق مسوغات لاستخدام الرصاص الحي ضد مواطنين مغربيين ذنبهما الوحيد دخول مياه الجزائر الاقليمية خطأ.

الرباط – أدان المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب استعمال الرصاص الحي من قبل قوات خفر السواحل الجزائرية بالمياه الإقليمية الشرقية بالبحر الأبيض المتوسط، تجاه مواطنين عزل عوض المبادرة كما هو متعارف عليه عالميا، لتقديم الإغاثة لأشخاص تائهين في مياه البحر ومساعدتهم، في انتهاك جسيم للمعايير الدولية والقانون الدولي لحقوق الإنسان.

وتساءل المجلس عن أسباب لجوء السلطات البحرية الجزائرية إلى استخدام الرصاص والذخيرة الحية ضد أشخاص غير مسلحين لا يشكلون أي خطر أو تهديد وشيك للحياة.

 ويأتي ذلك على أثر فاجعة حدود المياه الإقليمية بالسعيدية التي استعملت فيها قوات خفر السواحل الجزائرية الذخيرة الحية، مساء الثلاثاء الماضي والتي تسببت بوفاة شابين يحملان الجنسيتين المغربية والفرنسية، إثر دخولهما المياه الجزائرية عن طريق الخطأ، في ممارسة تخالف كل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية التي تفرض على أي سلطة في مجال سيادتها الالتزام بمعايير معينة في التعامل مع حوادث التيه في المياه الإقليمية.
وأكد المجلس أن “الضحايا كانوا في خط حدودي غير واضح، وفي منطقة بحرية غير متنازع عليها، إذ أن إنقاذ حياة إنسان في البحر يعتبر مبدأ أساسيا في القانون الدولي لا يحتمل التقييد ويسمو على جميع الاعتبارات الأخرى”.

واعتبر أن “الفعل الذي ارتكبته قوات خفر السواحل الجزائرية، يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية المتعلقة بحماية حياة الأشخاص وسلامتهم في البحار، لا سيما منها مقتضيات الاتفاقية الدولية لحماية الحياة البشرية في البحر المعتمدة، مطلع نوفمبر عام 1974 والاتفاقية الدولية للبحث والإنقاذ في البحار المعتمدة في 27 أبريل 1979 كما تم تعديلها في 2004 وخاصة الفصول 1 و2 و3 من مرفق هذه الاتفاقية، فضلا عن خرقها الصريح للمادة 98 من اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المعتمدة في 10 ديسمبر 1982”.

وخلصت معلومات المجلس إلى أن جثمان أحد الشابين الذين قتلا لا يزال موجودا بالجزائر، فيما إصابة الشاب الثالث خطيرة ويقبع حاليا في غرفة الإنعاش بوجدة، كما تم اعتقال شاب مغربي آخر تقررت إدانته بثمانية عشر شهرا.
وشدد على الحق المشروع لأسرة الشاب عبد العالي مشيور في استلام جثمانه، حتى يتسنى لأسرته إكرامه ودفنه وفق العادات الاجتماعية والثقافية بالمغرب.

كما أبدى استغرابه من السرعة التي تمت فيها محاكمة الشاب إسماعيل الصنابي، الذي تقرر إدانته بثمانية عشر شهرا، مؤكدا على مشروعية مطالب أسرته الداعية إلى إطلاق سراحه وتسليمه للسلطات المغربية.

وأعرب أنه سيتابع حقوق الضحايا في الحصول على العدالة، داعيا النيابة العامة إلى نشر نتائج التحقيقات التي ستتوصل إليها.

وتوجه المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالجزائر، من أجل العمل على منح الصنابي الموجود رهن الاعتقال في الجزائر، كافة ضمانات المحاكمة العادلة والعلنية والسماح لمراقبين دوليين بحضورها، وضمان سلامته الجسدية والنفسية.

وسيواصل المجلس تتبعه عن كثب لتطورات الحادثة وتطبيق قواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان والمعاير الدولية في كل ما يرتبط بها، صونا للعدالة وللحقوق الجوهرية للضحايا وأسرهم.

وجاء بيان المجلس بعد أن كلف وفدا رسميا يضم رئيس اللجنة الجهوية (المحلية) بجهة الشرق محمد العمارتي، وعدد من أعضائها وطاقمها الإداري لجمع المعلومات والتفاصيل عبر الاستماع للناجي من الحادثة محمد قيسي ولأفراد أسرة الشابين بلال قيسي وعبد العالي مشيور.

 واعتبر متابعون أن الحادثة إشارة واضحة إلى الاستفزاز المتعمد الذي تمارسه السلطات الجزائرية ضد المغرب، رغم الرسائل الايجابية التي أرسلها مرارا العاهل المغربي الملك محمد السادس لطي صفحة الخلاف بين الجارتين.

وقال العباس الوردي، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس، إنّ “المغرب لا يمكن أن يسمح بأن تمر هذه الجريمة الشنعاء مرور الكرام”، مضيفا أن “المسؤولين سيسلكون المسارات التي يخولها لهم القانون الدولي، لأن القتل بهذه الطريقة لشخصين أعزلين يبرز أن الجزائر تلعب خارج ضوابط المنظومة الدولية”.
وتابع “المغرب لن يرد بالمثل، ولكن سيلجأ إلى الطرق القانونية من أجل رد الحقوق إلى أصحابها”.

وبعد الضجة التي أثيرت حول الحادثة داخل المغرب وخارجها، والاستنكار الشعبي الواسع لها، أصدرت وزارة الدفاع الجزائرية بيانا مرتبكا بررت فيه عملية القتل وحاولت إيجاد مسوغات لاستخدام الرصاص مدعية أن أمر إطلاق النار على المواطنين المغاربة، جاء كون هذه المنطقة البحرية الحدودية تعرف نشاطا مكثفا لعصابات تهريب المخدرات والجريمة المنظمة، قائلة أنه تم اعتراض القوارب في حدود الساعة السابعة و47 دقيقة، وأنه “تم إطلاق تحذير صوتي وأمرهم بالتوقف عدة مرات”، مدعية أن هذا الأمر “قوبل بالرفض وقيام أصحاب الدراجات المائية بمناورات خطيرة”.

وفي محاولة أيضا لتبرير استخدام القوة بدلا من المبادرة وإيقاف المغاربة الذين تاهوا في مياهها الإقليمية، حاولت الوزارة التذرع بأنه “أمام تعنت أصحاب هذه الدراجات المائية قام أفراد حرس السواحل بإطلاق عيارات نارية تحذيرية”.

وهو عذر لا يعفي الجزائر من المسؤولية عن عملية وصفها كثيرون بأنها إعدام بدم بارد لشابين أعزلين كل ذنبهما أنهما دخلا خطأ مياه الجارة الشرقية وبدلا من أن تتم مساعدتهما تمت تصفيتهما بالرصاص.

وأضافت أنه “خلال دورية أخرى لحرس السواحل، يوم الأربعاء تم انتشال جثة مجهولة الهوية من جنس ذكر مصابة بطلق ناري تم تحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث بمستشفى تلمسان”.

وكان محمد قيسي، شقيق أحد الشابين الذين قتلا والناجي الوحيد من الحادثة، قد قدم رواية مغايرة لتلك التي أعلنت عنه وزارة الدفاع الجزائرية، إذ قال إن عناصر خفر السواحل الجزائرية، قبل أن تعمل على إطلاق النار، قامت بالاصطدام بالدرجات المائية، موضحا أنهم دخلوا المياه الجزائرية عن غير قصد، بعد أن نفد مخزون الوقود وبفعل تقلب أحوال الطقس.

وأفاد المصدر ذاته، أن أحد الشبان تم اعتقاله ونقله على متن قارب لخفر السواحل الجزائرية، وهو الذي تم إيداعه السجن بعد عرضه على وكيل الجمهورية.

وفي تعليق للحكومة المغربية على الحادثة، قال الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بايتاس، إذ هذا الأمر من اختصاص السلطات القضائية، فيما أعلن مصدر قضائي مغربي، أن النيابة العامة بوجدة، أمرت بفتح تحقيق بناء على تصريحات أحد الأشخاص الذي أكد أنه كان رفقة أربعة شباب آخرين ضحية حادث عنيف في عرض البحر.