المفرق تختتم احتفاليتي يومي الشعر العربي واليوم العالمي للشعر

الاحتفالية تنتهي بعدما استمرت يومي الأحد والاثنين برعاية وزيرة الثقافة السيدة هيفاء النجار وبمشاركة كوكبة من الشعراء الأردنيي وحضور لافت من الشعراء والأدباء والإعلاميين والمهتمين.

اختتمت مساء الاثنين، في دائرة المكتبة الوطنية احتفالية "بيت الشعر" بالمفرق بمناسبة "يوم الشعر العربي.. واليوم العالمي للشعر" وجاءت الاحتفالية برعاية وزيرة الثقافة السيدة هيفاء النجار وحضر مندوبا عنها مدير دائرة المكتبة الوطنية الدكتور نضال العياصرة، بحضور مدير البيت السيد فيصل السرحان، واستمرت الاحتفالية يومي الأحد والاثنين، بمشاركة كوكبة من الشعراء الأردنيين، ووسط حضور لافت من الشعراء والأدباء والإعلاميين والمهتمين.

وشارك في الأمسية الختامية الشعراء: تيسير الشماسين، علاء عبد الهادي، عدنان السعودي، رشاد رداد، نبيلة حمد، شفيق العطاونة، وعز الدين أبو حويلة، وأدارت مفردات الأمسية الدكتورة وداد عبد الكريم أبو شنب بلغة عالية ومعلقة بحس نقدي على نصوص الشعراء.

القراءة الأولى استهلها الشاعر تيسير الشماسين الذي انتصر للشعر بقصائده مبينا أهمية الشعر ومكانته بلغة منحازة للنقد البناء ضمن رؤية شعرية كاشفة للمشهد الشعري وما آلت القصيدة في زمن التحولات والتطور التكنولوجي، حيث قرأ مجموعة من قصائده المحكمة التي لا تخلو من الحكمة.

من قصيدة له أسماها "جدلية" وهي قصيدة ثلاثية الأبعاد في حبّ البلاد كما يقول نقتطف منها:

" وا حــيــرَةَ الــبَـحَّـارِ .. كَــيْــفَ يَــنــامُ/ و مَـراكِـبُ الـبَـحرِ الـجَـميلِ حُـطـامُ؟!/وا حِــيــرَةَ الــبَـحَّـارِ فيمَــــا يَقتَضـــي/مِــنْ أَمْــرِهِ مــــا تَـقـتَضي الأَحـكَـــامُ!/قَـــرَأَ الـجَـمـيعُ قَـصـيـدَهُمْ و أَقــامُـوا/عُــرســاً ، بِـــهِ كُـــلُّ الـضُّـيـوفِ نِــيَـامُ/قَـرَأَ الـجَـمـيعُ و أَسْـهَـبوا، و أَضـاعُـوا/ وَقــــتَ الــعَـريـسِ و أُزعِـــجَ الــنُّـوَّامُ/قَـــرَأَ الـجَـمـيعُ و لَـيـتَـهُمْ لَــمْ يَـقْـرَأُوا/                     مــــا نَــوَّمُـوهُ و لا هُـــمُ قَـــدْ نــامُـوا!/و الآنَ دَورِي فـــي الـفَـصَـاحَةِ بَـعـدَما/هَـــــدَأَ الـضَّـجِـيـجُ و خــابَــتِ الأَزلامُ/و الآنَ دَورِي حَـــيثُ لا يَعلُــو عـلــى/المَخــدومِ وَفْــقَ شَـــرِيْعَتِي الخُــــدَّامُ/و الآنَ دَورِي حَــيــثُ أَشــبـاهُ الـــرُّؤَى/تَــعـصَـى عــلــى إِفْــلاسِـهَـا الأَجْـــرامُ"/وا حــيــرَةَ الــبَـحَّـارِ .. كَــيْــفَ يَــنــامُ/ و مَـراكِـبُ الـبَـحرِ الـجَـميلِ حُـطـامُ؟!/وا حِــيــرَةَ الــبَـحَّـارِ فيمَــــا يَقتَضـــي/ مِــنْ أَمْــرِهِ مــــا تَـقـتَضي الأَحـكَـــامُ /قَـــرَأَ الـجَـمـيعُ قَـصـيـدَهُمْ و أَقــامُـوا/عُــرســاً ، بِـــهِ كُـــلُّ الـضُّـيـوفِ نِــيَـامُ".

أما الشاعر علا الدين العرموطي الذي قرأ قصائد للمقاومة وعمان الأبية ولشارقة الجمال والمآذن، شاعر يمتلك حسّا شعريا عاليا مبنى ومعنى، شاعر أخلص لعمود الشعر كغيره من الشعر بلغة مكثفة ومجازات وتأويلات تعاين الواقع والمحيط الذي نعيش.

من قصيدة "المآذن" التي استذكر الشارقة التي قرأ فيها هذه القصيدة التي يقول فيها:

"أمر بها مقبلا مدبرا/وأعتادها مغمضا مبصرا/أمر بها وتمر الغمامة/ خيطان يلتمسان العُرى/ نسائلها عن عذاب اللهاة/ وتسألنا عن القرى/كأن المآذن عين العناية/مبتلة بدموع الورى/أرى المآذن تنهيدة/يصعدها الليل مستغفرا/رسائل شوق من المدلجين/لننظر عند نار القرى/أرى في المآذن تلويحة/لصبح يحاول أن يسفرا".

 ومن جهته الشاعر عدنان السعودي قد أجاد في قراءته الشعرية التي عاين في الشأن الحياتي وكما انتصر للغتنا العربية مصدر هويتنا وعراقتنا ومصدر بوحنا، لغتنا التي منبع الشعر والتراث التي نسمو بها وتسمو بنا، معرجا ومستذكرا علماء الفكر والتراث والعلوم الإنسانية، بلغة مثقفة في معناها ومبناها.

الشاعر رشاد رداد شارك بغير قصيدة عاين فيها قضايا إنسانية ووجدانية ذاهبا بنا إلى "الغارقون" في واحدة من قصائده، يمتلك رؤى شعرية تواكب تطور القصيدة العربية بحس شعري حداثي لا يحتمل التعقيد.

من قصيدته المسماة "الغارقون" نقتطف منها حيث يقول:

"الغارقون بحزنهم أعواما/العائدون من الحياة يتامى/تركوا منازلهم وراء ظهورهم/تبكي وتنزف حرقة وهياما/الجرح في قلبي ليؤنس وحدتي

قابيل في دمنا استراح وناما/وأخوك من تعطيه قلبك صافياً/فيقدّهُ ..   حتى يراه حطاما/حتى الرفاق تبعثروا وتباعدوا/واستبدلونا علكةً وكلاما/ماذا أقول لهم ولي طوبى لكم/فلترحلوا بالذكريات تماما/أما أنا قد همتُ في الصحراء مذ/باع الخليفة نينوى والشاما/أما أنا لم يبق لي شيء سوى/ظلّي وظلّي ضلّني وتعامى".

الشاعرة نبيلة حمد صاحب حسّ شعري عال ولغة شعري مطعمة بالسرد ضمن بناء حوارات داخل نصها المحكم الممعن بالحسّ الأنثوي الذي تنتصر له، إلى جانب اشتباكها الحدث اليومي.

من قصيدة لها بعنوان: "هطول  الغيمة الأخيرة" نختار منها:

"سأسكنُ لحظةً خطرت/ وأخلعني من/الأوهام كي أحيا/بلا دمع يعيدُ/لجيب ذاكرتي  مناديلي/وألواني/وأهربُ للبعيد أنا/وأهطل في سما النسيان/كي أجتازَ رمي النرد/واستفزازَ  نيراني/سأقنعُ شهقةً عثرت/على وجهي بأني/الآن لا أحتاجُ/إلا الشمس والتغيير/ والمنفى لألقاني/بأني صرتُ شاعرةً/أسيرُ بخطو عرق الماء/لا أشقى بعطر/الطين  أوأذوي بأحزاني/سأفتح للشتاء دمى/لعل العمرَ يسكبني/ بقلب الغيم أوراقا/وأهدم ما يشتتني/وأعلو فوق أشجاني/سأعذرُ  كل  نافلة تشكلني/ كطيف بارد أبدا/كرمل ساقه بحرٌ/ لينثره بجنب الليل/كي أنسى بداياتي/ على الشطآن/أو أغتال أزماني".

فيما قرأ الشاعر شفيق العطاونة جملة من القصائد ذات البناء المحكم التي عاين فيها ومؤثثا رؤاه تجاه الحياة وما يعتمل في القلب من جراحات وألم، شاعر قلق يمسك بزمام قصيدته لتعلو به ويعلو بها، كاشفا عن جماليات اللغة في مبناها الشعري.

من قصيدة له بعنوان: "على قلق أنا والقبّرات" يقول فيها:

"على قلقٍ أنا والقبّراتُ/تَنَازَعُنا همومٌ مثقَلاتُ/أُسائلُها، إلامَ الحزنُ يبقى/وتُقتَلُ في الصّدورِ  الأمنياتُ/إلامَ بحضرةِ الآمالِ فينا/تَعيثُ بنا الحياة، ولا حياةُ/تعبنا يا بلادُ فأمهلينا/ليرقأ دمعَ غربتِنا الشّتاتُ/هَبينا من رحيقِ الطّهرِ وِردا/نفكُّ بَذاء ما نفثَ الجُناةُ/فلا سرجٌ نبادلُه الحكايا /ولا خيلٌ يعانقُها الكُماةُ/فمنذُ انفضَّ سامرُنا تعبنا/ وحادي العيسِ أنهكَهُ السُّباتُ/ويقضي الشّامخون بلا ضجيجٍ/وتبكي جَورَ تربتِنا الفلاةُ".

واختتم القراءات الشاعر الشاب عز الدين أبو حويلة وهذه من أهمية بيت الشعر في الاكتشاف الأصوات الجديد واشراكها في مهرجاناته وأماسيه الشعر، الشاعر أبو حويلة صوت شعري يشق طريقه في عالم القصيدة بقوة عاملا على مسرحة قصيدته، حقا كان لافتا في مشاركته الشعرية.

من قصيدة له بعنوان "السّر" وهي قصيدة فازت بشاعر الجامعات الأردنية نختار منها.

"سرُّ ابتهاج الورد أن تتأمله/فاقرأ بصمت الواثقين تأمله/ واحمل من العطر القديم إجابة/زازرع زمانك كي تضيئ الأسئلة/في الخلفي للذكرى/مواء حقيقة/تبكي سبات "المرحلة"/عاتبت نفسك في مراياك التي/عافت خضوعك للذي ما كنت له/لم تتقد سببا فصرت مسببا/زيف المظاهر وانحطاط المسألة".

واختتمت الأمسية بتكريم الشعراء بدروع بيت الشعر من قبل مدير البيت السيد فيصل السرحان.