تبون يُجاهر بالعداء للمغرب ويهادن فرنسا

الرئيس الجزائري يقول إن علاقات بلاده مع المملكة المغربية وصلت إلى نقطة اللاعودة، بينما بدا أكثر هدوء في الحديث عن الأزمة مع فرنسا، معلنا عودة قريبة لسفير بلاده لدى باريس.
تبون يقول إن تونس تتعرض لمؤامرة
التعامل الجزائري مع عدة قضايا يُظهر حالة من التشنج السياسي
الرئيس الجزائري يعتبر علاقات بلاده مع فرنسا متذبذبة

الجزائر - أعلن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون في مقابلة تلفزيونية أنّ العلاقات مع المغرب وصلت إلى نقطة اللاعودة، في إعلان جاهر فيه بالعداء للمملكة، بينما خفف من لهجته حيال فرنسا، معلنا عودة قريبة لسفير بلاده لدى باريس بعد الضجة التي أثارتها السلطات الجزائرية حول قضية الناشطة أميرة بوراوي.

وخلال مقابلة مع قناة الجزيرة القطرية نقلت مقتطفات من مضمونها وكالة الأنباء الجزائرية أبدى تبون عن أسفه "لوصول العلاقة بين البلدين الجارين إلى هذا المستوى"، كمن يلقي باللوم على الرباط التي مدت يدها مرارا للمصالحة ولم تبادر بقطع العلاقات ولا قبلها باغلاق الحدود.

وبدا واضحا أن العداء المعلن للمغرب ناجم أساسا عن النجاحات التي حققتها الرباط في ملف الصحراء بعد أن استقطبت اعترافات وازنة دولية وإقليمية بمغربية الصحراء وبعد أن وجد مقترح الرباط للحكم الذاتي في الصحراء تحت السيادة المغربية صدى واسعا.

وفي الأشهر الأخيرة بدا واضحا أن الجزائر تعيش حالة من الإرباك والتشنج السياسي وغضبا على مستوى القيادة من عجز الدبلوماسية الجزائرية عن إحداث اختراقات في إفريقيا وفي قضية النزاع المفتعل في الصحراء.  

ويفسّر ذلك ردّ الفعل الرسمي في التعديل الحكومي الأخير الذي أطاح فيه تبون بوزير الخارجية رمطان لعمامرة.

لكن تبون توارى في تفسيره لقطع العلاقات مع المغرب وإعلانه بلوغ العلاقات نقطة اللاعودة بأنّ موقف بلاده هو "ردّ فعل" على أفعال مفترضة قامت بها المملكة.

وكانت الجزائر قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب في أغسطس/اب 2021 بسبب خلافات عميقة، خصوصا بشأن قضية الصحراء المغربية والتقارب بين الرباط وإسرائيل.

ووضعت قضية الصحراء وهي مستعمرة إسبانية سابقة المغرب في مواجهة انفصاليي جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر، منذ عقود وهي الحركة الانفصالية التي انساقت تحت إغراءات مالية وغطاء سياسي للطرح الجزائري وللنزاع المفتعل بعد تأسيس كيان غير شرعي تحت مسمى الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في سبعينات القرن الماضي والتي لا تحظى إلا باعتراف محدود جدا بدأ يتآكل.

وقرّرت الحكومة الإسبانية برئاسة الاشتراكي بيدرو سانشيز في مارس/اذار 2022، تأييد مقترح المغرب منح الصحراء حكما ذاتيا تحت سيادته، في موقف أشعل غضب الجزائر التي بادرت بمعاقبة اسبانيا بتعليق اتفاقية الصداقة وبممارسة التضييق على الشركات الاسبانية التي تراجع نشاطها التجاري بشكل كبير.

وردا على هذا التغيير في موقف مدريد، علّقت السلطات الجزائرية معاهدة تعاون مع إسبانيا في أوائل يونيو/حزيران 2022.

وقال تبون في المقابلة إنّه يعتبر أن "موقف الحكومة الإسبانية من الصحراء موقف فردي صادر من حكومة سانشيز"، مشيرا إلى أنّ التبادلات التجارية بين الجزائر وإسبانيا "مستمرّة ويجري معظمها عبر القطاع الخاص في البلدَين".

لكن تصريحات الرئيس الجزائري لا تتطابق مع واقع الأمرن حيث تشتكي الشركات الاسبانية من تضييق تمارسه السلطات الجزائرية على أنشطتها التجارية، ما تشبب فيتراجع كبير في المعاملات البينية منذ أشهر. وبحسب مصادر متطابقة تراجعت الصادرات الاسبانية للجزائر بنحو الضعف.

واعتبر تبون في موضوع آخر أنّ تونس التي تواجه أزمات سياسية ومالية خطيرة "تتعرّض لمؤامرة"، مضيفا أنّ "الجزائر كانت إلى جانبها حتى لو أثار ذلك استياء البعض".

وفي مقابل العداء المعلن للمغرب، أعلن الرئيس الجزائري أن سفير بلاده لدى باريس سيعود قريبا لمهامه بعد أن كانت الجزائر قد استدعته مطلع الشهر الماضي بعد خلاف بين البلدَين بسبب ناشطة فرنسية جزائرية.

واستدعت الجزائر سفيرها سعيد موسي احتجاجا على ما اعتبرتها "عملية إجلاء سرّية" تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين، بعدما تمكّنت الناشطة الفرنسية-الجزائرية أميرة بوراوي من التوجّه إلى فرنسا من تونس التي كانت تعتزم ترحيلها إلى الجزائر.

وفي إشارة إلى الخلاف بهذا الشأن، قال تبون في مقابلة مع قناة "الجزيرة" مساء الثلاثاء إنّ "علاقتنا مع فرنسا متذبذبة"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.

وبعد برود طغى على العلاقات بين البلدَين منذ خريف العام 2021، بدأت باريس والجزائر في تحسين هذه العلاقات لمناسبة زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في أغسطس/اب الماضي. حينها، وقّع رئيسا الدولتين إعلانا مشتركا لاستئناف التعاون الثنائي.

وفي 20 فبراير/شباط، أعلنت النيابة الجزائرية وضع أربعة أشخاص رهن الحبس الاحتياطي وشخصا خامسا تحت إشراف قضائي في إطار تحقيق بشأن الخروج "غير القانوني" للناشطة الجزائرية أميرة بوراوي من الجزائر.

وبوراوي فرنسية جزائرية عُرفت خصوصا في العام 2014 خلال مشاركتها في حركة "بركات" ضدّ ترشح الرئيس الراحل عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رابعة، لتنخرط بعد ذلك في الحراك الشعبي.

وفي يونيو/حزيران 2020، حُكم على بوراوي وهي في الأصل طبيبة وتبلغ من العمر 46 عاما، بالحبس عاما واحدا لكنّها استفادت من إطلاق سراح مشروط في يوليو/تموز.