تهديد حزب الحلبوسي بالانسحاب من العملية السياسية يعيد خلط الأوراق

حزب تقدم لديه تحفظات على أي مرشح لرئاسة البرلمان من خارج الحزب رافضا الالتفاف على الاتفاقات السياسية.

بغداد - لوّح حزب “تقدم” الذي يرأسه رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي الثلاثاء، بخيار الانسحاب من السلطتين التنفيذية والتشريعية ومن العملية السياسية برمتها بالعراق في حال تم منح منصب رئاسة مجلس النواب الى مرشح من خارج الحزب، مما يعقد المعادلات السياسية في جلسة انتخاب الرئيس الجديد.

وكان الإطار التنسيقي قد عقد ليلة الاثنين، اجتماعا لحسم ملف انتخاب رئيس مجلس النواب، وقرر فيه عدم فتح باب الترشيح مرة أخرى بتاتا، والذهاب إلى الجولة الثانية لانتخاب رئيس مجلس النواب قبل نهاية الفصل التشريعي، ومنح أصوات كتله لصالح المرشح سالم العيساوي ليكون رئيسا لمجلس النواب.

 وقال أنور العلواني القيادي في حزب تقدم أن “حزب تقدم لديه تحفظات على أي اسم مرشح لرئاسة البرلمان من خارج الحزب، فهناك استحقاق سياسي ودستوري، وهناك عرف سياسي على أساسه تشكلت الرئاسات الثلاث في العراق ومنها رئاسة البرلمان، وهي من حصة حزب "تقدم" لما يملكه من أغلبية برلمانية سنية”.

ويشهد البيت السياسي السني تنافساً حاداً على خلافة محمّد الحلبوسي الذي ألغيت عضويته من مجلس النواب بحكم قضائي، فيما يصر حزبه "تقدم" على الاحتفاظ بالمنصب باعتبار أنه يمتلك الأغلبية البرلمانية ضمن المكوّن السني (43 مقعداً)، في وقت يرى خصومه من "السيادة، والعزم، والحسم" أن المنصب من حصة المكوّن دون التقيد بعنوان سياسي معين.

وشدد العلواني في تصريحات لوكالة شفق على أنه “لا يمكن للقوى السياسية أن تتجاوز العرف السياسي وهذا الاستحقاق السياسي والانتخابي لحزب تقدم وتعطي الاحقية للأقلية السنية بسبب الخصومة السياسية”.

الإطار التنسيقي قرر عدم فتح باب الترشيح والذهاب إلى الجولة الثانية لانتخاب رئيس مجلس النواب ومنح أصوات كتله لصالح المرشح سالم العيساوي

ولفت الى أن “منح هذا المنصب لهذه الأقلية سوف يدفعنا في حزب تقدم الى الانسحاب من البرلمان والحكومة ومجمل العملية السياسية، وهذا متروك للاتفاقات ما بين القوى السياسية”، مشيرا إلى أن “هناك جدية بهذا القرار إذا تم القفز على الاستحقاق السياسي والدستوري، فسيكون لنا موقف سياسي كبير”.

ويسعى البيت السني لحسم منصب رئيس مجلس النواب سريعاً الذي كان من المفترض أن يتم بعد أول جلسة للبرلمان التي تلت خروج الحلبوسي، لتكون هناك آلية عمل جديدة للمجلس وحسم المشاريع والقوانين المعطلة في هذا الخصوص، "لكن الأحداث المتسارعة ودخول المحكمة الاتحادية على الخط عطل الاختيار.
وأخفق البرلمان في أربع محاولات لانتخاب بديل للحلبوسي بسبب عدم التوافق على مرشح واحد، في ظل التشظي السني وإصرار الإطار التنسيقي على ترشيح شخصيات جديدة أو الإبقاء على محسن المندلاوي، النائب الأول لرئيس البرلمان رئيسا بالوكالة.

ومنذ إنهاء عضوية الحلبوسي في مجلس النواب، عقد المجلس جلسات عدة إلا أنه لم يطرح الموضوع في تلك الجلسات بسبب عدم اتفاق رؤساء الكتل السياسية على المرشح البديل. كما أن مجلس النواب صوّت السبت الماضي، على إضافة فقرة على جدول أعماله (انتخاب رئيس مجلس النواب)، لكن لم تشهد تطبيقا ورفعت الجلسة دون التصويت على الرئيس.

واعتبر القيادي في حزب تقدم محمد العلوي، أنه “لا يمكن الالتفاف على الاتفاقات السياسية، فهذا الأمر سوف يخلق مشاكل سياسية، وتلويح زعيم حزب تقدم محمد الحلبوسي بالانسحاب أو اتخاذ مواقف سياسية، هو أمر حقيقي وليس للتهديد السياسي، فلا يمكن التنازل عن هذا الاتفاق وضرب الاتفاقات السياسية عرض الحائط”.

وشدد العلوي على أن “بكل تأكيد سنكون مقاطعون لأي جلسة انتخاب تسعى بعض الأطراف السياسية لتمرير شخصيات من خارج (تقدم) لعقدها وأكيد أننا نملك حلفاء داخل القوى الشيعية وكذلك الكردية وسيكونون من المقاطعين معنا لمنع تمرير أي شخص من خارج (تقدم)، والسعي لسياسة فرض الأمر الواقع سوف تعمق الخلافات السياسية بشكل كبير وخطير”.

ويرى الباحث في الشأن السياسي كاظم الحاج، أن “الوضع السياسي العام يتجه نحو حسم انتخاب رئيس البرلمان خلال الأيام القليلة المقبلة وكل المعطيات تؤكد أن سالم العيساوي سيكون رئيس البرلمان الجديد، وهناك دعم سياسي وتبني شبه رسمي له من جميع الأطراف السياسية السنية”.

وبين الحاج، أن “رئاسة مجلس النواب استحقاق للمكون السني وليس استحقاقا لجهة سياسية واحدة، والتحالف الثلاثي السني (العزم، السيادة، الحسم) قدم مرشحه بشكل رسمي للإطار مقابل مرشح حزب (تقدم) الذي انسحب مؤخرا ولهذا ليس هناك إمكانية لإضافة مرشح جديد، ولهذا أصبح (تقدم) خارج المنافسة وفق التوجهات السياسية والقانونية”.

ويلفت إلى أن “انتخاب سالم العيساوي لرئاسة مجلس النواب، لن يؤثر على الاستقرار السياسي وكذلك الحكومي، ولا نعتقد أن هناك جدية حقيقية بانسحاب (تقدم) من الحكومة أو البرلمان، فهذا الأمر سوف يؤثر عليهم ولا يؤثر على استقرار الأوضاع العامة، كون الأطراف السياسية السنية مشاركة في الحكومة والبرلمان ولا يمكن اختزال المكون السني بجهة سياسية، خاصة وأن هذه الجهة ربما تشهد انشقاقات بصفوف نوابها خلال المرحلة المقبلة بعد خسارة المنصب بشكل رسمي”.

وعقد مجلس النواب في 13 كانون الثاني يناير الماضي، جلسة استثنائية لاختيار رئيس مجلس النواب الجديد، وانتهت الجولة الأولى من التصويت، بفوز حزب “تقدم” شعلان الكريم بـ152 صوتا من أصل 314 صوتا، وجاء خلفه النائب سالم العيساوي بـ97 صوتا، والنائب محمود المشهداني بـ48 صوتا، والنائب عامر عبد الجبار بستة أصوات، والنائب طلال الزوبعي بصوت واحد، إلا أن مشادات كلامية حصلت داخل قاعة المجلس ما اضطر رئاسة المجلس إلى رفع الجلسة حتى إشعار آخر ولم تُعقد جلسة أخرى لغاية إعداد هذا الخبر.

ويحتاج التصويت على رئيس مجلس النواب، لنصاب النصف زائد واحد، من عدد مقاعد البرلمان، وهو ما لا تمتلكه القوى السنية، حيث يكون العدد 166 نائبا.