النداء يراهن على الانتخابات البلدية لتشكيل حكومة بلا نهضة

تحالف الكارثة

قالت مصادر قيادية في نداء تونس إن \"الحزب يراهن على الفوز بنتائج الانتخابات البلدية ليشكل تركيبة حكومية بعيدا عن حركة النهضة\" وأقرت بأن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد يعود في جانب منها إلى \"التحالف\" الذي استبعد القوى الديمقراطية.

وأكدت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها أن \"نتائج تقييم التحالف مع النهضة هي نتائج سلبية سواء من حيث تداعياتها على تنظيم النداء أو من حيث تداعياتها على علاقته بالمشهد السياسي وخاصة القوى السياسية والمدنية الديمقراطية\".

قال عبد العزيز القطي القيادي في النداء، الاثنين، إن \"مسألة تغيير الحكومة من عدمها مرتبطة بنتائج الانتخابات البلدية وعلى أساسها يكون التغيير\".

وكان برهان بسيس المكلف بالشؤون السياسية في النداء حمل الشعب التونسي \"مسؤولية الاختيار بين مشروع الدولة المدنية والتحديث الاجتماعي والسياسي ممثلا في النداء وبين مشروع الإسلام السياسي ممثلا في حركة النهضة\".

وعلى امتداد العام الماضي تشكل تيار داخل النداء تقوده نخبة من القيادات المتشبعة بالثقافة السياسية المدنية ما انفك يضغط باتجاه فك التحالف مع الحركة الإسلامية.

وتؤمن النخبة الصاعدة في النداء بأن الأزمات الداخلية التي شهدها الحزب وتشنج علاقاته مع القوى السياسية الديمقراطية وأيضا مع اتحاد الشغل مرده إشراك النهضة في الحكم.

وشددت المصادر القيادية على أن \"غالبية القيادات والكوادر باتت أكثر اقتناعا بان قيادة المشروع الوطني لا يمكن إلا من خلال فك التحالف وبناء تحالفات جديدة مع القوى السياسية الديمقراطية\".

وأقرت بأن \"الأزمة السياسية تعود في جانب كبير منها إلى ضبابية السياسات الحكومية وبرامجها\" لافتة إلى \"تونس في حاجة إلى برنامج سياسي وتنموي واد ممثلا في النداء\".

وخلال الأسابيع الماضية انتهج الاتحاد العام التونسي للشغل خطابا سياسيا جديدا تصاعديا تجاه الحكومة مشددا على أن التجاذبات قادت إلى تفكك أجهزة الدولة.

ويرى مراقبون أن تصعيد الاتحاد يستبطن رسالة ضغط تتجاوز يوسف الشاهد رئيس الحكومة لتمتد إلى النداء مفادها فك التحالف والتمهيد إلى تركيز حكومة بلا نهضة.

ويقول عبد الرزاق عمارة أستاذ العلوم السياسية بالجامعة التونسية \"إن الاتحاد بخطابه النقابي السياسي لا يعبر عن رأيه فقط وإنما يعبر عن مواقف القوى السياسية المدنية\".

ويضيف عمارة لميدل ايست أونلاين \"إن الاتحاد باعتباره قوة مدنية يرى أن النهضة ساهمت إلى حد كبير في تأزيم الأوضاع العامة بالبلاد\".

ووفق المصادر القيادية في النداء فإن الحزب \"سيتخذ من نتائج الانتخابات البلدية في حال فوزه أرضية شرعية ليمد جسور التواصل مع الأحزاب اللبرالية والعلمانية.

وقد لمح إلى ذلك عبد العزيز القطي قائلا \"إن الانتخابات قد تفرز شرعية جديدة يجب التأقلم معها\"، ما يعني ضمنيا أن النداء يراهن على الاستحقاق لتركيز حكومة جديدة.

ولم تستبعد المصادر أن \"الشرعية التي ستفضي إليها نتائج الانتخابات من شأنها أن تساعد النداء على الانفتاح أكثر ما يمكن على الشهد السياسي\" مقرة بأن \"التحالف مع النهضة حال دون كسب ثقة القوى السياسية والمدنية الديمقراطية\".

وخلال الأشهر الماضية توترت علاقة النداء بالنهضة لا فقط نتيجة \"الحرب الصامتة\" على التموقع ضمن مؤسسات الحكم المحلي وإنما أيضا نتيجة تلويح النداء في أكثر من مناسبة بأنه يتجه نحو مراجعة علاقته بالحركة الإسلامية.

وكانت قيادات من حركة النهضة لوحت بأن مسألة الانسحاب من وثيقة قرطاج التي تركزت بناء عليها حكومة الشاهد مطروحة أمام على هياكلها التنظيمية.

وساهمت تسريبات سياسية مفادها أن راشد الغنوشي يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر 2019 في تعميق حالة التوتر بين الحزبين المتحالفين.

ويرى مراقبون أن تونس بإمكانها أن \"تتجاوز الأزمة السياسية التي ألقت بالأحزاب اللبرالية والعلمانية على هامش صناعة القرار إذا ما حسم النداء فك التحالف\".

ويقول عبد الرزاق عمارة \"مشكلة النداء الأساسية التي يتحمل مسؤوليتها الوطنية والتاريخية تتمثل في إشراكه لحركة النهضة في الحكم وهو إشراك كان على حساب العلمانيين على الرغم من أن الحزب تأسس العام 2012 لمناهضة الإسلاميين\".

ويرى عمارة أن \"النهضة لعبت دورا خطيرا من خلال إستقوائها بمؤسسات الدولة واستضعافها للأحزاب الأخرى ما قاد بالبلاد إلى أزمة سياسية تكاد تكون مفتعلة\".