عثرات تكبح طموح العراق لزيادة انتاج النفط

عقود خدمة فنية تعتمدها بغداد متشددة أكثر من اللازم

لندن/بغداد - يواجه العراق، ثاني أكبر منتج للنفط الخام في منظمة أوبك، عقبات في المرحلة التالية لزيادة طاقته الإنتاجية مع تراجع شهية شركات النفط العالمية للاستثمار في القطاع منخفض العائد في البلاد.

وبعدما خفضت مستويات الإنتاج المستهدفة في 2013 و2014، تقوم معظم شركات النفط الأجنبية بتعديل مستويات إنتاج حقولها المستهدفة بالمزيد من الخفض. وتقول مصادر عراقية ومن الشركات إن النقاشات المتعلقة بذلك تمضي بوتيرة بطيئة.

وتظهر تقديرات أن النمو كان السمة المميزة لإنتاج العراق النفطي في السنوات العشر الأخيرة بزيادة تجاوزت 2.5 مليون برميل يوميا ليبلغ ذروته عند 4.71 مليون برميل يوميا في أواخر 2016.

ويدين العراق بجزء كبير من هذا النمو إلى الزيادات التي حققتها بي.بي وإكسون موبيل ولوك أويل وإيني وتوتال ورويال داتش شل وهي الشركات التي أشرفت في 2016على إعادة تطوير حقوله بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.

لكن تلك الشركات تشكو منذ فترة طويلة من أن عقود الخدمة الفنية التي تعمل بها بغداد مع الشركات الأجنبية في القطاع متشددة أكثر من اللازم وتتيح عائدا ضئيلا على الاستثمار.

وتفاوضت معظم الشركات في السنوات الخمس الأخيرة على خفض إنتاجها المستهدف وهو ما دفع العراق إلى تقليص خطته لزيادة الطاقة الإنتاجية من 12 مليون برميل يوميا إلى تسعة ملايين برميل يوميا بحلول 2018.

والآن فإن هذا المستوى الجديد يبدو بعيد المنال إذ يهدف العراق إلى زيادة طاقته إلى سبعة ملايين برميل يوميا بحلول 2022.

وقال عبدالمهدي العميدي مدير إدارة العقود والتراخيص بوزارة النفط العراقية، إن جميع الشركات باستثناء بتروناس وتوتال تقترح خفض مستويات إنتاجها المستهدفة.

وكان العميدي قال للصحفيين على هامش مؤتمر في برلين الشهر الماضي \"نقبل من حيث المبدأ خفض مستوى الإنتاج المستهدف لحقول معينة إلى معدلات أقل، لكن كل ذلك يخضع للنقاش\".

وتعهدت توتال مع شريكتها بتروتشاينا، بتنفيذ المرحلة الثالثة من توسعة حقل الحلفاية الذي تقدر احتياطياته بنحو 4.1 مليار برميل بهدف مضاعفة إنتاجه إلى 400 ألف برميل يوميا في 2019.

وتتجه بتروناس صوب الوصول بمستوى الإنتاج إلى 230 ألف برميل يوميا في حقلها الغراف.

وقال أيان توم المحلل لدى وود ماكينزي للاستشارات \"ما تراه الآن هو موجة ثانية من إعادة التفاوض في ضوء أسعار النفط وانخفاض الميزانيات بشكل كبير عما كانت عليه قبل خمس سنوات. هناك بدائل في النفط الصخري والمياه العميقة لكثير من اللاعبين في العراق تبدو أفضل\".

وقال العميدي إن لوك أويل هي الوحيدة حتى الآن التي توصلت إلى اتفاق مبدئي مع وزارة النفط بشأن مستوى مخفض للإنتاج المستهدف ليصبح مستوى إنتاج حقلها غرب القرنة 2 المستهدف 800 ألف برميل يوميا من 1.2 مليون برميل يوميا.

وأضاف أن الجانبين لم يستكملا بعد المحادثات مع استمرار النقاش بخصوص ما إذا كانت لوك أويل تستطيع تحقيق المستوى الجديد.

وتابع \"نجري نقاشات لكن لم نتوصل إلى اتفاق بعد\".

وقال إن العراق يريد تحقيق مستوى الإنتاج المستهدف في وقت مبكر عما تريده لوك أويل، لكنه امتنع عن تحديد الإطار الزمني قيد النقاش حاليا.

وتأخر مثل تلك المفاوضات مبعث إزعاج لأي شركة نفط تحتاج إلى وضع خطة لميزانيتها السنوية بناء على عدد حقول النفط التي تريد حفرها وما تحتاجه من منشآت جديدة للبدء في ضخ المزيد من الإنتاج.

وقال مصدر في إحدى الشركات النفطية إن تأخر المفاوضات متباين التأثير، حيث كانت الشركات ذات مستويات الإنتاج الأكثر بعدا عن المستويات المستهدفة المتفق عليها في الماضي هي الأكثر تأثرا.

ويقول محللون ومصادر في قطاع النفط إن طاقة العراق تقترب من خمسة ملايين برميل يوميا ويمكن زيادتها بسهولة نحو عشرة بالمئة في العام أو العامين القادمين حتى دون اتفاقيات جديدة للمستويات المستهدفة.

وقال توم \"إذا بدأ تشغيل الحقول الجديدة التي تشهد نشاطا حاليا وإذا عادت حقول كركوك وباي حسن فقد ترى الطاقة من الاستثمارات القائمة تقترب من 5.5 ملايين برميل يوميا في العام أو العامين القادمين\".

لكن فيما هو أبعد من تلك الاستثمارات كما في حقول مثل الرميلة وغرب القرنة 1 والحلفاية والزبير \"فتستطيع بالتأكيد توقع استقرار إنتاج العراق النفطي بتأثير عامل الانخفاض الطبيعي\".

استئناف العمليات في حقلي هافانا وباي حسن

وقال مسؤولون عراقيون الأربعاء إن شركة نفط الشمال التي تديرها الدولة بدأت عمليات الاختبار في حقلي النفط هافانا وباي حسن في كركوك من أجل زيادة إمدادات الخام إلى مصافي التكرير المحلية.

وقال مسؤول بشركة نفط الشمال \"بدأنا عمليات الاختبار في حقلي هافانا وباي حسن النفطيين للتجهيز للبدء بضخ أكثر من 50 ألف برميل يوميا\".

والعمليات في حقلي هافانا وباي حسن متوقفة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2017عندما استعادتهما القوات العراقية بعد أن كانا تحت سيطرة كردية منذ عام 2014.

وتم وقف صادرات النفط من حقول كركوك وسط خلاف مستمر بين بغداد وحكومة اقليم كردستان العراق على خلفية استخدام خط أنابيب التصدير جيهان الذي يصل إلى تركيا.

وقال مسؤول بقطاع النفط العراقي إنه لا توجد أي خطط لاستئناف تدفق الخام عبر خط الأنابيب المملوك للأكراد، لأنه لم يتم بعد التوصل لاتفاق.

وقال مسؤول بوزارة النفط \"حتى هذه اللحظة لم نتوصل لأي نوع من الاتفاق ولو حتى اتفاق مبدئي مع السلطات الكردية لاستئناف صادرات نفط كركوك إلى جيهان\".

ويشغل الإقليم الكردي خط أنابيب يتصل بخط أنابيب كركوك-جيهان المزدوج عند منطقة الخابور على الحدود مع تركيا.

وبدأ العراق العام الماضي تحويل إنتاج حقول نفط كركوك إلى مصاف محلية لتعزيز إنتاج الوقود والمساعدة في تحرير المزيد من النفط للتصدير من حقول النفط الجنوبية.