لا مزيد من الهروب الايراني للأمام

تضارب التصريحات والمواقف الصادرة من جانب القادة والمسؤولين الايرانيين والتي تنظر جميعها بعين الريبة والتوجس الى المستقبل المنظور والاعراب عن تخوف صريح من اندلاع الانتفاضة الايرانية كما جاء ذلك تحديدا على لسان وزير الداخلية الايراني عبدالرضا رحماني فضلي في تصريحات صحفية له يوم الاحد الماضي، دليل على إن السلطات الايرانية لم تتمكن لحد الان من حسم موضوع الانتفاضة التي إندلعت في 28 كانون الاول/ديسمبر الماضي وإن النار لازالت بقوة تحت الرماد.

تصريح وزير الداخلية الإيراني رحماني فضلي، لم يكن التصريح الوحيد بهذا الاتجاه بل هناك أيضا تصريح آخر لحسن الخميني حفيد مؤسس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية إنتقد فيها النظام لقمع الانتفاضة ومحذرا من سقوط النظام إذا لم يصغ إلى مطالب الشعب. لكن الذي يجب أن نلاحظه جيدا، إن هناك إتجاه في النظام الايراني يسعى من أجل تصوير الانتفاضة الاخيرة على إنها ذات بعد إقتصادي وتفتقد للبعد السياسي، وهو ما يناقض الحقيقة والواقع تماما ذلك إن الانتفاضة ومنذ بدايتها رفعت ورددت شعار الموت للديكتاتور (أي المرشد الاعلى للنظام) والموت لروحاني، كما كانت هناك شعارات أخرى تندد بالتدخلات في بلدان المنطقة وشعارات ترفض بمنتهى الصراحة البعد الديني للنظام خصوصا عندما هتف المنتفضون "الاستقلال، الحرية، الجمهورية الايرانية". من هنا، فإن الزعم بأن الانتفاضة كانت لأسباب إقتصادية إنما تهدف لغايات وأهداف تعمل بالاساس من أجل حرفها عن مسارها الصحيح والحقيقي وتجييرها لصالح النظام بصورة أو بأخرى.

تفاقم الاوضاع وعدم إيجاد حلول مناسبة للمشاكل والازمات التي تعصف بالنظام خصوصا بعد جنح التيار المتشدد في النظام بصورة خاصة الى لغة التهديد والوعيد والضرب بيد من حديد لكل من يقف بوجه النظام، يدل مرة أخرى على إن النظام ومن خلال هذا الاسلوب يسعى للهروب للأمام ويتجاهل المطالب الاساسية التي رفعتها الانتفاضة، وهو يدل أيضا على إفلاس النظام إقتصاديا وتضعضعه سياسيا. والواضح إن الشعب الذي فقد كل شيء وبات النظام يجبره وبقوة على التفنن في شد الاحزمة على البطون، لم يعد يقبل أبدا بالاسلوب غير المقبول للنظام بهروبه للأمام ولا يجد أمامه سوى مواصلة الشوط الذي بدأه في 28 كانون الاول الماضي، ولهذا فإن قضية عودة الانتفاضة بقوة (ذلك إن هناك إحتجاجات شعبية متفرقة في سائر أرجاء إيران بإعتراف السلطات الايرانية نفسها)، أمر مطروح ويتم توقعه بين أية لحظة وأخرى، علما بأن إندلاعها هذه المرة سوف يكون عاصفا وغير تقليديا وقد يقلب الامور كلها رأسا على عقب.