السجل الحقوقي السيئ لا يلغي دعم الغرب للسيسي

'بلد صديق أمنه من أمننا'

القاهرة - يحظى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المرشح لولاية ثانية بدعم ثابت من شركائه الغربيين الذين يرون فيه ركيزة أساسية للأمن الإقليمي رغم أدائه السيء في ملف حقوق الإنسان.

واختصر نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون هذا الواقع عندما استقبله في قصر الاليزيه في تشرين الأول/أكتوبر 2017 رافضا في حينها \"إملاء الدروس\" على \"بلد صديق\" يعتبر \"أمنه من أمننا\".

وقال دوني بوشار الخبير في شؤون المنطقة لدى المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية \"مصر (التي تعد 96 مليون نسمة) مركز الثقل في العالم العربي. تشكل عامل استقرار في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد فوضى تامة. نحن بحاجة إلى مصر مستقرة\".

لكن البلاد تتعرض بانتظام لاعتداءات جهادية دامية خصوصا من تنظيم الدولة الإسلامية الذي يستمر تهديده في الاتساع والذي كان محصورا قبلا في شبه جزيرة سيناء.

ويحكم السيسي البلاد بقبضة من حديد منذ انتخابه في 2014 اثر عزل الرئيس الإسلامي محمد مرسي، على كافة مستويات المجتمع المدني.

من جهته قال المحلل أمير مجدي الباحث لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش التي تعنى الدفاع عن حقوق الإنسان إن \"القمع غير مسبوق وأسوأ مما كان عليه في عهد مبارك (مع محاكمات غير عادلة والتعذيب والاختفاء القسري). الأمر أشبه بالوضع في سوريا في عهد حافظ الأسد (والد بشار)\".

خيانة

وقال \"يجب أن يكون ذلك إشارة مقلقة جدا لأصدقاء وحلفاء مصر الغربيين في ضوء ما يحصل اليوم في سوريا\".

وكان الرئيس الأميركي السابق باراك اوباما القلق من هذا التسلط، علق في 2014 جزءا من المساعدة العسكرية الأميركية التي كانت تمنح تقليديا لمصر (1.5 مليار دولار سنويا) وهذا ما اعتبرته القاهرة خيانة.

وقال دوني بوشار \"أراد الرئيس السيسي تنويع شركائه الأجانب. تحول إلى باريس وموسكو وبكين ويواصل مذاك هذه السياسة حتى وان أصبحت العلاقات طبيعية مع دونالد ترامب\".

ومنذ 2015 وقعت مصر عقودا مع فرنسا تزيد قيمتها عن ستة مليارات يورو خصوصا في مجال التسلح منها لشراء 24 مقاتلة رافال.

ومصر تعد طرفا أساسيا لتسوية الأزمة الليبية ولعبت فيها فرنسا دور الوسيط بين طرابلس والمشير خليفة حفتر الرجل القوي في شرق البلاد المدعوم من القاهرة.

وقال مجدي \"إذا لم تضبط مصر، البلد الذي يمر عبره اللاجئون، حدودها بشكل صحيح سيترجم ذلك بتدفق اكبر لهؤلاء إلى أوروبا\" منددا بسياسة \"قصيرة النظر\" تنتهج مع الرئيس السيسي.

\"نتائج عكسية\"

في واشنطن المشكلة الوحيدة تتعلق بـ\"شراء مصر بصورة غير مشروعة لمعدات عسكرية كورية شمالية في انتهاك للعقوبات الدولية\" كما قال مركز صوفان الأميركي في مذكرة تحليل تعود إلى 13 آذار/مارس.

في آب/أغسطس 2017 علقت الولايات المتحدة مجددا مساعدة عسكرية لمصر بقيمة 291 مليون دولار للاشتباه بان السفارة الكورية الشمالية في القاهرة \"تستخدم في عمليات تهريب الأسلحة\" بحسب مركز صوفان.

والهاجس الأمني يبقى أساسيا في العلاقة مع مصر بما في ذلك لدى إسرائيل الحليف الأول في محاربة الجهاديين في سيناء.

وقال دوني بوشار \"كما أن السيسي يواجه مشاكل داخلية كبرى خصوصا اقتصادية. في هذا الإطار انتهاج سياسة قمع بدون تمييز سيأتي على الأرجح بنتائج عكسية لأنها تساهم في تشدد قسم من المعارضة\".

وأضاف \"عندما تمنعون أو تعطلون وسائل التعبير أو التظاهر السلمي سيكون من الأسهل على الجماعات المتطرفة إقناع الشباب وتجنيدهم\".

والاثنين اخذ ايمانويل ماكرون علما بإعادة انتخاب فلاديمير بوتين بدون أن يقوم بتهنئته رسميا مشددا على الطريق الذي لا يزال على روسيا سلوكه نحو الديمقراطية. وتساءل مجدي \"هل سيتخذ الموقف نفسه مع السيسي؟\". الجواب في اليوم التالي من الانتخابات الرئاسية المصرية في 29 آذار/مارس.