أحزاب كردستان تتبادل اللوم على تبخر الوعود الانتخابية

الاكراد ملوا من الوعود الضخمة

اربيل - إذ كان تحسن الوضع المعيشي للمواطنين وتحويل أجهزة الإقليم الى مؤسسات وتنمية الديمقراطية واعادة المناطق المتنازع عليها إلى حدود الإقليم أبرز الوعود التي أطلقتها الاحزاب، إلا أنها لم تتحقق بل ان معادلات قلبت بعضها مئة وثمانين درجة.

وتدنت الاوضاع المعيشية لمواطني الإقليم بسبب الأزمة المالية وتقليل الرواتب كما تحولت جميع المناطق المتنازع عليها التي كان الكرد يسيطرون عليها الى سلطة الحكومة المركزية.

وكانت نسبة 73% من مواطني الإقليم قد شاركوا في الحادي والعشرين من ايلول/سبتمبر من عام 2013 في اختيار اعضاء الدورة الرابعة لبرلمان كردستان والتي تنافس فيها 30 حزبا وكيانا سياسيا.

ولا تنكر أحزاب اقليم كردستان وعودها حتى الان وتتذرع بالأوضاع السياسية والاقتصادية للإقليم لعدم تنفيذها.

وقال فاضل بشارتي العضو القيادي للحزب الديمقراطي حول ذلك انه \"خلال حملات الدعاية في كل انتخابات في العالم أبواب إضافية بوجه الأحزاب لكسب اكثر اصوات الناخبين ونحن ايضا قمنا بالدعاية بالطريقة نفسها\".

واضاف بشارتي \"عندما اجريت انتخابات 2013 كان وضع الاقليم في مستوى مالي جيد، وكانت الوعود متعلقة بتلك الفترة، اما السبب الذي أدى الى عدم تنفيذ الوعود فكان حدوث وضع خارج سلطة الاحزاب والحكومة\".

الاتحاد الوطني: مدة قصيرة لتنفيذ الوعود

ولم تكن وعود الاتحاد الوطني الكردستاني خلال الحملة الانتخابية اقل من وعود الحزب الديمقراطي والذي يشكل معه الآن اكثرية الحكومة كقوتين رئيسيتين متنفذتين في الزونين الاخضر والاصفر في الاقليم.

وكان تثبيت النظام البرلماني في دستور الإقليم وترسيم حدود الإقليم وإجراء جميع الانتخابات في موعدها المحدد وتحويل القوات المسلحة الى مؤسسات وتأمين السكن للمواطنين من ابرز الوعود التي اطلقها الاتحاد الوطني خلال الحملة الانتخابية دون تنفيذ اي منها.

يقول لطيف الشيخ عمر العضو القيادي في الاتحاد الوطني \"يتعلق الجزء الأكبر من عدم تنفيذ الوعود بالوضع المالي والسياسي الذي شهده اقليم كردستان بعد الانتخابات، والجزء الآخر منه متعلق بالنظام السياسي للإقليم الذي كان عائقا أمام تنفيذها\".

وأضاف \"لقد ادت الدعاية الانتخابية ومحاولة الاحزاب جمع اكبر عدد من الاصوات الى تضخم في حجم الوعود، لم يكن بالإمكان تنفيذ جزء من الوعود خلال أربعة اعوام، وبالتالي كان جزء من الوعود مجرد دعاية\".

وكان من المنتظر ان تغير مشاركة حركة التغيير لأول مرة منذ تأسيسها عام 2009 في حكومة اقليم كردستان معادلة التطورات باتجاه خدمة المواطنين، باعتبار انها كانت قبل ذلك تنتقد ضمن جبهة المعارضة مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.

الحركة تم استبعادها من الحكومة في منتصف الطريق بسبب خلافاتها مع الحزب الديمقراطي حول موضوع رئاسة الاقليم واعلنت انسحابها من الحكومة رسميا اواخر العام الماضي ولم يتم تنفيذ معظم الوعود التي أطلقتها أثناء الحملة الانتخابية.

وكان استقلال السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية والغاء القوانين والتعليمات والقرارات التي تمنح الحصانة للمسؤولين السياسيين والحزبيين والعسكريين وكذلك توسع القطاع الخاص وزيادة رواتب المتقاعدين وانشاء صندوق \"الأجيال\" يخصص فيه جزء من واردات النفط للاجيال القادمة من ابرز وعود حركة التغيير ولم تتحقق.

وقال اسماعيل نامق عضو المجلس الوطني لحركة التغيير \"لقد منعنا من تنفيذ وعودنا وقد ساومنا على جميع المناصب. اما المسؤولون عن عدم تنفيذ الوعود فهم الذين قاموا بمنعنا\".

وكان من ابرز الوعود التي اطلقها الاتحاد الإسلامي خلال حملته الانتخابية قبل أربعة أعوام تثبيت النظام البرلماني والدعوة الى اتحاد اختياري ضمن العراق وتحويل دبلوماسية الإقليم الى مؤسسات وتعميق الدعوة الإسلامية دون ان يتحقق اي منها، وكان الاتحاد الإسلامي آخر حزب ينسحب من حكومة القاعدة العريضة للإقليم.

شيركو جودت العضو القيادي في الاتحاد الإسلامي قال ان \"النضال البرلماني في اقليم كردستان لا يتمتع بأجواء تمكننا من تنفيذ الوعود كما ان واقع الإقليم ليس في وضع يمكن فيه الاستماع لبرامج الإصلاح كما لا يسمح بتطبيقها بسهولة\".

ومنحت الوعود بمواجهة الفساد وتحسين الخدمات الأساسية للمواطنين وتنمية الحريات وحماية حقوق الانسان وتحسين الوضع المعيشي للبيشمركة أصوات القوة الخامسة للجماعة الإسلامية في الانتخابات الماضية، الا انها لم تتمكن من تنفيذ جميعها قبل انسحابها مع حركة التغيير من الحكومة.

وقال سليم كويي العضو القيادي في الجماعة الاسلامية \"شاركنا في الحكومة من اجل تنفيذ وعودنا، وكانت القوى التي تسيطر على السلطة في السباق وعدتنا بالإصلاح وتنفيذ الوعود الانتخابية، الا انها اخلفت وعودها بحجج مختلفة ومنعتنا، لذلك انسحبنا من الحكومة\".

تجربة جديدة وخوف قديم

الأطراف السياسية في الإقليم مقبلة على عمليتين انتخابيتين الأولى هي انتخابات البرلمان العراقي في أيار/مايو المقبل، أما الثانية فهي الانتخابات المحلية في الاقليم والتي لم يحدد موعدها حتى الان والمحتمل اجراؤها أواخر هذا العام.

ومنذ الآن اندلع التنافس وحرب الوعود ولكن بشكل مختلف عن الحملة الدعائية في الانتخابات الماضية.

وإذا كانت تنمية الديمقراطية والشفافية في الواردات وتحويل الاجهزة الحكومية الى مؤسسات والاصلاح السياسي تمثل وعودا نارية في السابق من اجل جمع الاصوات، فقد اصبح الآن تأمين الرواتب في مقدمة وعود الدعاية الانتخابية للمتنافسين.

ويبدو ان الخوف من تنفيذ الوعود قد دفع القوى حديثة التأسيس الى التعامل بحذر مع الناخبين.

وقال ريبوار كريم المتحدث باسم التحالف من اجل الديمقراطية والعدالة \"لن نقطع وعودا للمواطنين لا نستطيع تنفيذها، ليكون المواطنون مراقبين لمدى تنفيذنا لوعودنا\".

ويبدو ان التيارات الجديدة تمضي قدما على الطريق السابق نفسه في قطع الوعود اثناء الحملات الانتخابية دون أن تكون قادرة على تنفيذها، ومع ذلك لا يبدو ان مشاركة المواطنين في التصويت ستكون على اساس تنفيذ الوعود من قبل الأحزاب.

وقال آرام جمال مسؤول المعهد الكردي للانتخابات ان \"مشاركة مواطني الاقليم في الاقتراع ليست مبنية على تنفيذ الوعود السابقة وإنما على اساس النفوذ الحزبي الذي وزع المواطنين على الأحزاب\".

وتبقى الوعود \"الكبيرة\" والدعاية لخدمة المواطنين دون تنفيذ وتنسى مع اقتراب الانتخابات، لكن لا يبدو ان مشاركة المواطنين في الانتخابات وتصويتهم لصالح الاحزاب ستكون على اساس تنفيذ الوعود بقدر كونها ردود أفعال او متعلقة بمهمة حزبية للناخب، وربما تكون هذه المعادلة صحيحة بالنسبة للتيارات الجديدة أيضاً.

وقال الدكتور كامران منتك استاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين ان \"ذاكرة المواطنين ضعيفة اذ لم يعودوا يتذكرون الوعود، لم يفهم جزء كبير ممن صوتوا لصالح حزب معين منهج وبرنامج الحزب، لذلك لم يلق تنفيذ الوعود حتى الان اهتماما يذكر لدى المواطنين\".

واضاف منتك \"لم تنشأ احزاب جديدة وان من يرون أنفسهم كذلك فانهم خرجوا من رحم الاحزاب القديمة ويحملون نفس الثقافة وان كانوا يظهرون انفسهم وكأنهم مختلفين، الا انهم يبدون نفس مواقف الاحزاب الاخرى في المحطات الحساسة\". (نقاش)