مخاوف جدية في طهران

لئن أثار نبأ تعيين جون بولتن، في منصب مستشار الامن القومي الاميركي من جانب الرئيس ترامب ضجة وردود فعل واسعة ومتباينة في العالم كله، لكن أكثر طرفين معنيين بأمر هذا التعيين، هما إيران وكوريا الشمالية، إذ لبولتن مواقف متشددة من هذين النظامين ويدعو دائما للتصدي لهما بحزم وصرامة. وقد ظهرت ردود الفعل السريعة من جانب مسؤولين إيرانيين عن هذا التعيين الذي وصفوه بمثابة التصعيد ضدهم، بل وأن بعضهم مثل علاء الدين بروجردي، رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الاسلامي، ذهب أبعد عندما طالب بتعزيز العلاقات أكثر مع روسيا والصين من أجل التصدي للخطر الاميركي.

الموقف الاميركي من إيران والذي غلب عليه طابع من تشدد ملحوظ منذ إستلام الرئيس ترامب لمهام عمله في البيت الابيض، من الخطأ إنتظار تليين أو تساهل فيه بل إن الذي يجب إنتظاره دائما هو المضي نحو المزيد والمزيد من التشدد، خصوصا وإن إدارة ترامب ترى بأن سبب بروز الخطر الايراني في منطقة الشرق الاوسط والعالم وإنتشار التطرف والارهاب، هو بسبب سياسة التساهل والمسايرة التي اتبعتها إدارة الرئيس السابق أوباما طوال ولايتين له والتي يصفها العديد من المحللين بالفترة الذهبية لإيران في المنطقة والعالم، ومن هنا فإن تعيين بولت هو بالاساس حاصل تحصيل أمر واقع ودليل عملي على إن هذا السياق ماض دونما توقف.

بقدر ما كانت إيران في عهد أوباما مطمئنة وهانئة البال ازاء السياسة الاميركية تجاهها فإنها متوترة ومضطربة إزاءها في عهد ترامب، والذي يجب أن نضعه في الحسبان أن الاوضاع في إيران وخصوصا الاقتصادية والسياسية والامنية كانت أفضل بكثير مما هي عليه الان، ولاسيما فيما يتعلق بالداخل الذي يفور كبركان ينتظر لحظة الانفجار كما صرح عدد كبير من المسؤولين الايرانيين أو لمحوا الى ذلك. وحتى إن إنتفاضة عام 2009، التي فضل أوباما تجاهلها وخذل الشعب الايراني، قد تمكن النظام من قمعها بقوة، لكن الامر مع إنتفاضة 28 ديسمبر/كانون الاول 2017، قد اختلف كثيرا إذ بادر الرئيس ترامب بنفسه الى الاعراب عن تإييدها بقوة، والاهم من ذلك إن جذوة الانتفاضة باقية ولم تخمد كما كان الحال مع الانتفاضة السابقة، وهو الذي يهدد باندلاعها مجددا وفي أية لحظة.

بقيت الملاحظة الاخرى المهمة التي يأخذها المسؤولون الايرانيون بمنتهى الجدية، وهي إن جون بولتن بالاضافة الى موقفه المتشدد من إيران، فإنه كان يتردد وبصورة شبه مستمرة على مؤتمرات وتجمعات المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، ومن هناك كان قد صرح بأن النظام الايراني سيسقط قبل أن ينتهي العام 2018!