عن أية حرية تعبير يتحدث خامنئي؟

هناك من بين دول العالم ممن تمتلك أنظمة تسمح بقدر معين من الحرية وتسعى بطرق مختلفة لكسب الرأي العام العالمي والإيحاء بأنها تحترم الحريات ومبادئ حقوق الانسان بل وإن بعضها تقوم وبصورة فعلية بفسح مجالات جديدة أمام شعوبها من أجل ذلك، وهكذا دول عندما تدعي بأنها تعمل من أجل توسيع المجالات المتاحة أمام شعوبها من حيث تمتعها بالحرية، فإن إدعائها يمكن أن يحظى بشيء من القبول والتفهم. لكن أن يدعي المرشد الاعلى الايراني بأن إيران تتمتع بحرية التعبير وأن المعارضة في إيران شيء مباح، فهذا الكلام ليس لا يحظى بالتفهم والقبول فقط وانما يواجه بسخرية لاذعة أيضا.

عن أية حرية للتعبير يتحدث خامنئي وسجونه وبإعتراف المسؤولين الايرانيين أنفسهم، تكتظ بأضعاف طاقاتها ولا تزال دوريات الشرطة تلاحق النساء بسبب من "سوء تحجبهن"، كما يتم التضييق على مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بشكل خاص والانترنت بشكل عام الى جانب الطوق المفروض على حرية الرأي ولاسيما في مجال الصحافة حيث تعتبر إيران من أسوأ الدول بهذا الصدد، وإن الاوضاع تسير الى الاسوأ بكثير مع مرور الاعوام كما تدل تصريحات ومواقف المسؤولين الايرانيين أنفسهم.

تصريح خامنئي هذا يأتي في وقت شهد فيه العالم كله إنفجار بركان الغضب الايراني ضد الاوضاع الوخيمة في البلاد والتي مستمرة على قدم وساق منذ 39 عاما دونما إنقطاع، حيث إن إندلاع إنتفاضة 28 ديسمبر/كانون الاول 2017، والذي رفع شعار الموت للديكتاتور أي خامنئي نفسه، الى جانب شعار مهم آخر ذي دلالة خاصة طالب فيه الشعب بـ"العمل والخبز والحرية"، وهو دلالة واضحة على إن النظام قد فشل في تحقيق طموحات وأماني الشعب الايراني في أهم المجالات وأكثرها حساسية وأهمية أي الجانبين السياسي والاقتصادي. والمثير للسخرية الى أبعد حد عندما يقول خامنئي بأن المعارضة في إيران شيء مباح، وهو يتصور بأن العالم قد نسى مجزرة صيف عام 1988، التي أعدم خلالها آلاف السجناء السياسيين من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق كانوا يقضون فترات محكومياتهم!

الاوضاع في إيران التي باتت أشبه ما تكون بالتي على كف عفريت وهي بشهادة المسؤولين الايرانيين أنفسهم معرضة للإنفجار وإندلاع الانتفاضة مجددا خصوصا وإن التحركات والنشاطات الاحتجاجية مستمرة وبصورة ملفتة للنظر في سائر أرجاء إيران وإن خامنئي عندما يدلي بهكذا تصريح فإن كل شيء على أرض الواقع يدحض ويفند كلامه.