ليس لإيران حلفاء عرب

ما صارت إيران تروج له في مجال الدعاية لمشروع توسعها في المنطقة هو نوع من الافتراء على الحقيقة.

فما من حلفاء عرب لإيران.

حين تعترف إيران بأنها تنتهك القوانين الدولية التي تحكم لعلاقات بين الدول مسوغة ذلك بالدفاع عن حقوق حلفائها فإنها تقصد أنها توفر الحماية لعملائها وخدمها ومرتزقتها والموالين لها على حساب شرفهم الوطني.

وإذا ما كانت إيران لا تتصرف في ذلك بما يتفق مع كونها دولة فلأنها في حقيقتها لا تستحق بنظامها الحالي أن يتم النظر إليها باعتبارها دولة بالمفهوم الحديث.

كل هذه الفوضى التي تعيشها المنطقة بسبب السلوك التخريبي العدواني لميليشيات خارجة على القانون هو نتاج تلك القطيعة الراسخة بين إيران والعصر الحديث.

فإيران لا تهتم بشؤون جيرانها. وذلك من حقها بل تتدخل في تلك الشؤون وهو ما تحرمه القوانين الدولية.

إيران قوة غازية في عصر لم تعد حتى الانقلابات العسكرية الداخلية أمرا مقبولا فيه.

ما فعلته إيران وما تفعله لا يعد بإمكانية أن تقوم علاقة سليمة بينها وبين جيرانها يوما ما.

لقد صار جليا أنها تعتبر شرق العالم العربي منطقة لنفوذها.

فهل تنطوي تلك الفكرة على شيء من الاعتراف بوجود دول وأنظمة وشعوب ومشاريع سياسية وعلاقات دبلوماسية؟

كانت إيران دائما حريصة على أن توسع المسافة التي تفصل بينها وبين العالم العربي وفي المقابل فإنها وثقت علاقتها بتنظيمات وأحزاب محلية، ضاربة عرض الحائط ما تمليه العلاقات بين الدول من التزامات وبالأخص على مستوى الولاء والتخابر وتلقي الأموال إلى أن تمكنت من احتواء تلك المنظمات والأحزاب وتحويلها إلى أذرع إيرانية.

فحزب الله مثلا الذي بدأ باعتباره حركة مقاومة لبنانية من أجل تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي هو منذ سنوات تنظيم إيراني خالص.

يتلقى ذلك التنظيم تمويله كاملا من إيران. ولطالما صرح حسن نصرالله زعيم ذلك التنظيم بأنه واحد من جنود الولي الفقيه. وقال مؤخرا إن إيران تدفع راتبه ورواتب كل مقاتلي الحزب وهو يفخر بذلك.

اما جمعية الوفاق في البحرين فإنها لا تخفي علاقتها بالنظام الإيراني. ولولا حزم الحكومة البحرينية لكانت صور خميني وخامنئي وسواهما من رموز التعصب الطائفي قد انتشرت في المنامة والمحرق. لقد كشف أعضاء تلك الجمعية الطائفية عن ولائهم المطلق لإيران حين رفعوا تلك الصور في تظاهراتهم فخانوا من خلالها مطالب الشيعة بالحقوق المدنية التي يقرها القانون.

لقد انحرفت إيران بأتباعها وخدمها عن الطريق السوية التي يكون فيها القانون محل احترام وأفقدتهم القدرة على التعبير عن مواطنتهم من خلال استعمالهم في عمليات تجسس مبتذل ورخيص وهو ما كشفت عنه خلية العبدلي في الكويت. وهي دولة لم تُعرف بمواقف حذرة من إيران.

ليس لإيران ولا لأتباعها شأن بالقانون.

وهنا بالضبط يكمن الخطر الذي يشكله ترك إيران تفعل ما تشاء.

وقد يكون السلوك القطري من جهة كونه ردا على المقاطعة العربية دليلا على الشعور بذلك الخطر. فبالرغم من أن القيادة القطرية قد تمسكت بعلاقتها بإيران في مواجهة مطالب دول المقاطعة فإنها لم تطور تلك العلاقة كما فعلت مع تركيا. لقد أبقتها عند حدود اطارها الدبلوماسي. ذلك لأنها تعرف أنها لو فتحت بابا لإيران فإن ذلك الباب سيكون مدخلا لجحيم لن تقوى الامارة الخليجية على مقاومته.

كان في إمكان قطر أن تعترف بكذبة علاقتها العميقة بإيران.

قطر تعرف جيدا ما الذي يمكن أن تفعله يران التي لا تملك ما تقدمه سوى الميليشيات الطائفية المسلحة. لذلك فقد وضعت تعاونها مع إيران دائما تحت الرقابة. فهي لا تطمئن حتى للطعام إذا ما اضطرت لاستيراده من إيران.

كانت تمثيلية العلاقة بإيران سمجة أكثر مما يجب.

لا يمكن لبلد جار لإيران أن يقيم علاقة بها إلا إذا قرر أن يكون عراقا آخر يكون فيه قاسم سليماني مستشارا لرئيس الوزراء.

كان العرب يتمنون أن تكون الجارة إيران حليفة لهم. ولكن أمنيتهم ذهبت إلى العدم. ذلك لأن إيران تحالفت ضدهم مندفعة وراء نزعة تدميرية لا ترى مستقبلا لدولهم.

إيران في خلاصة موقفها هي حليفة أعداء مفهوم الدولة في العالم العربي. وهي توظف من أجل ذلك الهدف عملاء وخدما ومرتزقة من العرب.