يوسف القعيد يفاكه الخلان في رحلة اليابان

نسوا ترتيب ما يتعلق بالوجبات

يعرض الكاتب يوسف القعيد خلال صفحات كتابه \"مفاكهة الخلان في رحلة اليابان\" مشاهد من رحلته لليابان، حيث يؤكد أن الاستعداد لرحلة اليابان التي جاءت ضمن دعوة وجهت له من مؤسسة اليابان في القاهرة استغرقت قرابة نصف العام، وخلال هذه الفترة جمع كل ما استطاع أن يصل ليده باللغة العربية عن اليابان.

ويشير إلى أن الصعوبة التي واجهته وهو يستعد لرحلة اليابان هو أن معظم الكتب التي تم نشرها باللغة العربية عن هذه البلاد تتحدث عن المعجزة اليابانية، وهو ما جعله يخشى أنه إذا بدأ بقراءة الكتب التي تتحدث عن المعجزة اليابانية أن يقع فيما يعتبره (بئر الإعجاب والانبهار باليابان وما حققته من معجزة مالية واقتصادية)، ولذلك فإن يوسف القعيد قرر أن تتخذ رحلته لليابان شكل المعايشة أولا وطرح الأسئلة على كل من يمكن أن يكون لديه إجابات حول اليابان، وأن تكون القراءة للكتب التي صدرت حول هذه البلاد بعد أن يخوض الكاتب بالفعل مغامرة الرحلة، وهنا قرر أن تكون الكتب التي كتبت حول اليابان بمثابة وسيلة احتياطية للعثور على معلومات إضافية، بخلاف المعلومات التي سوف يحصل عليها خلال خبرته العملية في اليابان التي سوف يكتسبها في رحلته هناك.

وخصص المؤلف فصلا كاملا من كتابه للحديث حول الرحلة الجوية إلى اليابان، وهي رحلة استمرت يوما وليلة كاملة، ويسترجع المؤلف رحلات الرحالة العرب القدامى مثل ابن بطوطة وابن جبير، حيث كانت الرحلات في زمان الرحالة العرب القدامى أسهل ولا تستلزم إجراءات للحصول على جوازات سفر ولا تأشيرات دخول للدول المختلفة، ولا إجراءات جمارك ولا مطارات، بل كان الرحالة ينطلق مباشرة من بلاده إلى بلاد الله الواسعة، ووصف الكاتب الرحلات في هذا الزمن بأنها كانت بمثابة رحلات خضراء لا وجود فيها لعوائق الجوازات ولا التأشيرات ولا الوقوف عند الحدود.

ويشير القعيد كذلك إلى الطقوس التي يحرص عليها خلال سفره لأي بلد، وهي أن يتحرك دوما وبيده اليمنى جواز سفره، وبيده اليسرى تذكرة العودة، حيث يؤكد أنه في أسفاره المتعددة حول العالم فإن أول ما يحرص عليه هو أن يحجز رحلة العودة تجنبا لأي مفاجآت، حيث يظل طوال أيام سفره للخارج حريصا على تفقد جواز سفره وتذكرة طائرته والتأكد من وجودهما بشكل دائم ليطمئن على أنهما لم يضيعا منه.

وأول ملاحظة تقع عليه عين المؤلف بعد وصوله لمطار ناريتا الدولي في العاصمة اليابانية طوكيو هي النظافة الشديدة التي يبدو عليها المطار، حيث بهرت النظافة والعناية التي يصفها بأنها لا حدود لها، وإن كان قد لفت نظره أيضا ما وصفه بالبساطة التي يكتسي بها المطار، فلا وجود للافتات وصور الرئيس القادم أو الزعيم الملهم ولا عبارات التمجيد والشوفينية التي تنتشر في كل مكان في المطارات العربية، إلا أن ما لفت النظر في رحلته التي امتدت على مدار يوم كامل في السماء هو أنه تعرف على شاب مصري وصفه المؤلف بأنه مغامر، لأنه سافر لليابان بحثا عن العمل، وليس لديه في اليابان من علاقات سوى رقم هاتف قريب وقد لا يعثر عليه عندما يصل لليابان.

• إعلان مدهش !

ويشير القعيد إلى أن المتعة الوحيدة التي صادفته وهو في اليابان هو تسكعه في الشارع الرئيسي بحي جنزا، وبالتحديد في شارعها الرئيسي، وهو التسكع الذي كان يهرب له في الأوقات التي تفصل بين المواعيد المتعددة التي كانت تزدحم بها أجندته خلال رحلته لليابان، وأنه خلال هذه السويعات من التسكع كان يلفت نظره إعلان مكون من أربعة حروف فقط، هي (يويو)، وعندما سأل عن معنى هذا الإعلان فوجئ أنه إعلان عن نوع جديد من المراحيض متسع الحجم الذي لجأ له اليابانيون لمعالجة حالة عدم شعورهم بالراحة في مساكنهم الضيقة التي لا تزيد مساحتها عن 50 مترا فقط، حيث استبدلوا فكرة توسيع شققهم السكنية، وهي فكرة غير عملية ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع، بفكرة توسيع المراحيض الخاصة بهذه الشقق.

ولكن على الرغم من سمعة اليابان كبلاد متحضرة ومنضبطة، إلا أن المؤلف يشير إلى أنه كان شاهدا على جانب من جريمة لفتت انتباهه إلى ما يشتهر عن الجرائم العنيفة والمنظمة في اليابان، حيث تتميز العصابات المنظمة في اليابان بأنها ليست فقط عنيفة في جرائمها، بل تلجأ لاستخدام أحدث ما وصل له العلم من مستحدثات العلم والتكنولوجيا في تنفيذ جرائمها بأعلى مستوى ممكن من الدقة.

ومن الملاحظات التي لفتت انتباه المؤلف أيضا خلال رحلته لليابان هي ارتفاع الأسعار بشكل كبير، إلا أن أكثر ما لفت انتباهه خلال هذه الرحلة هو أن المسئولين عن رحلته لليابان وعن إقامته في الفندق المخصص لضيافته نسوا ترتيب ما يتعلق بالوجبات التي سوف يتناولها خلال فترة وجوده، وهو ما تأكد منه عندما سأل عن المطعم الذي سوف يتناول فيه طعامه، وهنا أكد أن الهالة المقدسة التي كانت تساور تفكيره حول الإنسان الياباني الذي لا ينسى ولا يخطيء قد سقطت، عندما تأكد له أن الإنسان الياباني مثله مثل باقي البشر يمكن أن ينسى ويرتكب الجرائم.

ويشير إلى المكانة الكبيرة للسمك ضمن وجبات الشعب الياباني، حيث يمثل ما يصفه بالأمان على المائدة اليابانية، أو ما يشار له في بعض الدول العربية بعبارة الأمن الغذائي، وفي المطاعم اليابانية يطلع الزبائن على دفاتر فيه رسوم ملونة لأطباق الطعام التي تعتمد بشكل كامل على وجبات السمك، حيث تبدو كل وجبة مرسومة بطرق يظهر فيها العناية الكبيرة، ولا تزيد كل وجبة عن طبق واحد مكتوب فيه مكونات الطبق وسعره بكل دقة.

يذكر أن كتاب \"فاكهة الخلان في رحلة اليابان\"، للكاتب يوسف القعيد، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ويقع في نحو 396 صفحة من القطع الكبير .(خدمة وكالة الصحافة العربية).