موظفون يحددون رواتبهم في أجواء من رفاهية العمل

راحة وترفيه ضمن ساعات العمل

لندن - يؤيّد موظفو شركة \"سماركتس\" اللندنية السياسة التي تعتمدها هذه المؤسسة المتوسطة الحجم للشفافية في الأجور... فهم يحددون رواتبهم شخصيا ويعلمون كم يكسب كلّ من زملائهم.

وهنا، يحصل أغلبية الناس على مرادهم، بحسب أنجلين موليه-ماركي مهندسة المعلوماتية في هذه الشركة المتخصصة في الرهانات على الانترنت.

وهي تقول \"أظن أن الإستراتيجية تؤتي بثمارها، خصوصا أننا نوظف أشخاصا يستثمرون كل طاقاتهم في عملهم... وينتظرون في المقابل أجورا لائقة بعملهم\".

ويتقاضى المبتدئون حوالى 45 ألف جنيه استرليني سنويا في المعدل (64 ألف دولار تقريبا)، في حين قد يصل راتب المهندسين الأعلى كفاءة إلى المليون.

وتتراوح العلاوات التي يتقاضاها الموظفون بين 10 و30% من أجرهم. فقد حصلت أنجلين على علاوة أكبر بـ12% مما كانت تطالب به. والأرقام كلها منشورة على شبكة الانترنت الداخلية للشركة ويمكن لأي موظف الاطلاع عليها.

وهذه الشركة على ثقة بأن الموظفين السعداء في عملهم هم أكثر إنتاجية. وهي لا توفّر جهدا لضمان رفاههم، وتضع في متناولهم لعبة \"بايبي فوت\" وألعاب فيديو، في حين تستعين بطهاة يحضرّون لهم أطيب المأكولات.

وتتيح هذه المزايا كلّها للشركة التقدّم على منافسيها لجذب أصحاب الكفاءات. وتندرج هذه الإجراءات ضمن جدل أوسع نطاقا في بريطانيا حول الشفافية والمساواة في الأجور.

مساواة

تشرف سوزانا بينو على المراجعة الفصلية للرواتب لدى \"سماركتس\". وبغية الحصول على علاوة، يتوجّب على الموظفّ أن يحظى بتأييد خمسة من زملائه يقترحون راتبا يعتبرونه يليق بعمله.

ولا تقضي الفكرة بتلميع صورة الزميل من خلال الإفراط في إطرائه، بل إنه \"تحقيق فعلي\"، بحسب سوزانا.

ويصدر القرار بشأن العلاوة بعد مشاورات عدة ومقارنة مع الشركات الأخرى الناشطة في هذا القطاع. وفي حال لم يكن الموظف راضيا عن النتيجة، يمكنه أن يحدد راتبه بنفسه.

لكن هذه الفرضية نادرا ما تتحقق إذ إن الموظفين يدركون تمام الإدراك أنه يتعين عليهم بعد هكذا قرار تبرير أدائهم لنظرائهم الذين طالبوا براتب مختلف.

وتوضح سوزانا أن \"هذه السياسة تضمن المساواة في الشركة\".

وتغرّد \"سماركتس\" خارج السرب في لندن مدينة المال والأعمال المعروف عنها أنها حاضنة للشركات الناشئة، فأغلبية المجموعات الكبيرة فيها بعيدة كلّ البعد عن هذا الأداء، وعلى رأسها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

هذه المجموعة الإعلامية العريقة اضطرت سنة 2017 للكشف عن أجور مسؤوليها وكبار المذيعين فيها، فتجلّت فوارق كبيرة في الرواتب بين رجال ونساء في المنصب عينه.

لكن هل من الممكن نقل نموذج معتمد في شركة متوسطة الحجم تضمّ نحو مئة موظفّ إلى أخرى أكبر حجما بكثير تنشط في مجال مختلف؟

ليس الأمر بالسهل، وفق موظفين في \"سماركتس\".

وقد يجدي هذا النوع من نماذج العمل نفعا في مجالات مثل التسويق حيث معايير الأداء واضحة، بحسب جردي بلاينز فيدال أستاذ إدارة الأعمال في جامعة لندن لعلوم الاقتصاد. لكنه قد يكون معدوم الفائدة \"في قطاعات أخرى لا يسهل فيها تبرير الفارق في الأجور\".

عقليات مختلفة

في بلدان أخرى، تلقى سياسة شفافية الأجور رواجا أكبر، ففي النروج مثلا، تنشر وكالات الضرائب معلومات على الانترنت عن دافعي الضرائب وعائداتهم وثرواتهم.

وتعتمد مقاربات مماثلة في السويد وفنلندا، في حين يحق للموظفين في إيرلندا الاستعلام عن الأجور المعتمدة لوظائف مماثلة.

وبحسب دراسة صادرة عن المفوضية الأوروبية، تبقى \"الاعتبارات الثقافية\" العائق الأبرز لتعميم شفافية الأجور. وفي بريطانيا، تعدّ التكاليف الإدارية المرتبطة بهذه السياسة الجديدة المشكلة الأكبر.

وبالرغم من كلّ هذه الصعوبات، توصي أنجلين موليه-ماركي الشركات بأن تحذو حذو \"\"سماركتس\" إذ إن هذه الاستراتيجية تعزّز قنوات التواصل في الشركة.