أذان سلمي ومفرح في تونس على وقع الموسيقى

'دعوة للحياة لا للحزن'

تونس - تتعالى أصوات عشرات المؤذنين موحدة، منادية للصلاة من وسط معهد الموسيقى \"الرشيدية\" العريق في المدينة العتيقة في تونس، والذي يحتضن للمرة الاولى دورة تدريبية في اداء الاذان.

بعيون مغمضة وتركيز عال، يتابع المؤذنون توجيهات الاساتذة الذين يحاولون تنسيق نبرات أصواتهم لتطوير ادائهم في انشاد الاذان على الطريقة التونسية \"الخاصة والسلمية\".

يرتاد هؤلاء المؤذنون مرتين في الاسبوع وحتى منتصف نيسان/ابريل، \"معهد الرشيدية\" المتخصص في الموسيقى التراثية والذي يقصده عادة المنشدون وعازفو العود.

ويقول مدير المعهد الهادي الموحلي إنها المرة الاولى منذ عشرات السنين، التي يتلقى فيها المؤذنون دروسا في الموسيقى تتعلق بتقنيات رفع الاذان في تونس.

ويوضح الموحلي \"سماع الاذان عند الساعة الرابعة صباحا بصوت جميل وبتقنية عندما يكون الشخص لا يزال في الفراش، يشجع على التقرب من الله\".

ويكشف المؤذن عادل الحيدري المشارك في الدورة التدريبية معتمرا قبعة شبابية ومرتديا سترة جلدية \"هناك اصوات ترفع الاذان لا نحبذ سماعها\". ويأمل الحيدري الذي يعمل في منطقة شعبية في ضواحي العاصمة، ان يكون صوت رفع الاذان مصدر فرح للناس.

ولا يتم التعامل بخفة مع مسألة الاذان في تونس اذ حُكم العام الماضي غيابيا بالسجن سنة واحدة على منسق موسيقي بريطاني قام ببث الاذان خلال سهرة صاخبة داخل ملهى ليلي في مدينة الحمامات السياحية.

ويتقن المتمرسون في الاذان عشر طرق مختلفة في رفع الكلمات المكونة لنداء الصلوات الخمس اليومية:\"الله اكبر،اشهد الا إله إلا الله،اشهد ان محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، الله اكبر الله اكبر\".

لكن يصعد عدد من المؤذنين المنتدبين من قبل وزارة الشؤون الدينية الى المنارة لاداء الاذان بتدريب ضعيف في مقابل اجر زهيد.

ويرفع الاذان في تونس في غالب الاوقات بأداء مباشر من دون اللجوء الى التسجيلات. وفي بعض المناطق تتوارث هذه المهنة من الاباء الى الابناء.

الله جميل ويحب الجمال

في غرفة تدريب يغمرها نور خافت في \"معهد الرشيدية\"، يصغي نحو ثلاثين متدربا من بينهم موظفون وطلاب وعاطلون عن العمل، بانتباه شديد الى تعليمات المدربين.

ويتناوبون الواحد تلو الاخر على اداء الاذان واضعين اياديهم على الاذن، بحثا عن الالهام في اعماق انفسهم ليخرجوا اصواتهم باجمل طريقة ممكنة تحت اقواس وجدران المعهد المزخرفة بالاسود والابيض وبقطع الخزف المطلية باللون الاخضر.

ويتدخل المدرب الياس بنور ليوقفهم فيدعوهم تارة الى تركيز الصوت اكثر وتارة أخرى لابطاء النسق في مقاطع معينة.

وينحدر هذا الاربعيني الذي يؤذن في مسجد بالمدينة العتيقة وسط العاصمة، من عائلة تحفظ القران \"عن ظهر قلب\"، على حد قوله.

واعتبر وزير الشؤون الدينية احمد عظوم اثناء حضوره حصة تدريب المؤذنين ان \"الله جميل ويحب الجمال\".

ويرغب وزير الشؤون الدينية في المحافظة على خصوصية الاذان التونسي، كونه \"خاصا وسلميا\"، مشددا على ان \"رفع الاذان في تونس يدعو للفرح، فهو دعوة للحياة لا للحزن\".

ويقول المشرف على الدورة، فتحي زغندة ان \"الانغام هي نفسها لكن طريقة الاداء مختلفة\".

ويضيف هذا الموسيقي والملحن \"هناك انغام اطول واخرى نركز عليها اكثر في تونس خلافا لماهو موجود في الشرق الاوسط\".

وتكشف نبرة الاذان التونسي عن رهانات الهوية الاسلامية الوطنية.

ويؤكد وزير الشؤون الدينية \"لدينا مدرسة تونسية متأصلة في اسلامها وفي هويتها الاسلامية الحقيقية والصحيحة\" مضيفا \"ان الدين هو الوطن (...) والاسلام لم يكن ابدا اسلام الارهاب الذي يتحدثون عنه. وهذه مناسبة لنظهر الوجه الحقيقي للاسلام في العالم الاسلامي وفي تونس\".