احتفالية أردوغان.. بذكرى تأسيس الإخوان!

غزو المنطقة العربية بالإخوان

يدفع ما يطرحه حاليًا قادة جماعة الإخوان من منصة تركيا للبحث عن ماهية مشروع الجماعة الجديد، في مرحلة تبدو كأنها تخرج من إطار خدمة ملفات عربية داخلية، إلى فضاء خدمة مشروع أشمل ينقذها من انهيار بات محتمًا.

الزيارات والوفود المتتابعة والفعاليات التي تتحدث فيها مراجع الجماعة العلمية والفقهية وعدد من القادة السابقين والحاليين، جميعهم يرفعون الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لمستوى زعيم المسلمين في العالم، وتعكس ما يشبه المبايعة للخليفة الجديد عقب انهيار خلافة الإخوان في مصر وخلافة داعش في العراق.

تكشف استضافة الحكومة التركية احتفالية جماعة الإخوان بمناسبة ذكرى عامها التسعين في هذا التوقيت، رغبة أردوغان في الظهور كقائد جديد لجماعة ينتشلها من إخفاقاتها وصراعاتها الداخلية، ويجمع قادتها في المنطقة لبدء مسار جديد لتحقيق أهداف واضحة ومحددة.

يستغل الرئيس التركي أزمة جماعة الإخوان في الدول العربية، بعد فشلها وعزلها عن السلطة في مصر، وتصنيفها كمنظمة إرهابية في عدد من الدول العربية وانقلاب دول الخليج عليها.

كما أنه يستغل إحباطات الجماعة بشأن انهيار ما كانت متعلقة به عبر تبني الغرب والولايات المتحدة لمشروع تصعيد الإسلام السياسي للحكم تحت عنوان \"الإسلام المعتدل\" أو \"الإسلام الديمقراطي\".

يطلب أردوغان الجماعة لتوظيفها في هذين المسارين تحديدًا، فهو يخطط لوراثة النظام العربي التقليدي القائم أساسا الآن على مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.

ويراهن على تحالفاته الإقليمية مع إيران والسودان وقطر، وإطلاق مشروع خلافة إسلامي وقوده جماعة الإخوان لضرب المشروع العربي وإضعافه.

من جهة أخرى، يحاول توظيفها في مسارات صراعاته مع دول الغرب، استغلالًا لرغبة الإخوان في الانتقام بعد التخلي عن دعم مشروعهم السياسي في السلطة.

وعوضًا عن حلف إسلامي غربي عقب ثورات الربيع العربي، تشهد المرحلة الحالية صراعا يقوده أردوغان الذي يهدد ويبتز دول أوروبا ملوحًا بامتلاكه ورقة الجماعة الأكثر انتشارًا داخلها.

يرهن أردوغان جماعة الإخوان بالكامل للمصالح التركية، عبر تعويض احباطات أعضاء الجماعة إثر هزائمها ونكساتها المحلية بربطهم بحلم الخلافة، ما يؤسس لمرحلة جديدة في عمر التنظيم في عهدة قيادة تركية مباشرة، تتضح من خلال طبيعة فعاليات الجماعة الأخيرة ومضمون ما ألقي فيها من كلمات.

وهي تعكس رغبة الرئيس أردوغان في تحويل مسار التنظيم الإسلامي الأكبر في العالم من مجرد جماعة تسعى لعودة رئيسها المعزول عن السلطة في مصر محمد مرسي، إلى جماعة تقترب من تحقيق حلم الخلافة تحت قيادة أردوغان.

ما يؤكد انتقال جماعة الإخوان من الحالة المصرية إلى الحالة التركية، ومن خدمة مشروع عودة مرسي للحكم واستعادة السلطة إلى مشروع خلافة أردوغان، أن هناك دلائل تبين الحرص على نفي صلة الجماعة بالإرهاب في مصر على خلفية الصراع مع السلطة الحالية.

وحرص منظمو احتفال جماعة الإخوان بذكرى تأسيسها التسعين على عدم حضور أية شخصية محسوبة على الجناح المسلح المسؤول عن العمليات الإرهابية في مصر أو من يطلق عليهم جبهة \"الكماليين\".

لذلك طلب الرئيس أردوغان من قادة جماعة الإخوان ومن خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس السابق، الخروج بشعارات تغازل الحماس الديني بغرض شرعنة احتلال تركيا لمدن عربية.

أراد أردوغان من خلال توظيف خالد مشعل أن يستبق الانتقادات الإسلامية والعربية التي تزيد من تدهور شعبيته عربيًا، والمتعلقة بالتساؤلات المشروعة عن تلك القوى الإسلامية التي تزعم تصدرها لتحرير فلسطين من الاحتلال، فإذا بها تحتل هي الأخرى أرضًا عربية.

كان مشعل بمثابة المحلل للخطوة التركية وما يتبعها من ضم لمدن وأراضٍ عربية، باعتبارها حقًا مشروعًا للزعيم الإسلامي الجديد الذي لا تنبغي مساءلته ولا ينبغي انتقاده، بل من الضروري مساندته ودعمه لكونه يعد العدة على طريقته لتحرير العرب والمسلمين، ولمواجهة تحدٍ أكبر من قدرة تركيا منفردة وبحدودها الجغرافية الحالية.

معنى ذلك أن تنفيذ الاستراتيجيات التركية التوسعية، وإنجاح فرص التواجد العسكري طويل الأمد بالدول العربية، سوف يكون عبر إسناد بشري من مقاتلين عرب منتمين للجماعة، على منوال ما أسهم به مقاتلو الجيش السوري الحر في الاستيلاء على مدينة عفرين السورية.

هشام النجار

ملخص ما نشر في أحوال تركية

خلافة أردوغان الجديدة.. جماعة الإخوان تستعد لغزو أراضٍ عربية