أسباب تفسر لماذا تدمير الإخوان مهمة نبيلة؟

تجار الارهاب

تقوم حكومات السعودية والإمارات ومصر بما يمكن أن نسميه أنبل مهمة نشهدها بشكل متواصل، وهي مهمة تدمير جماعة الإخوان المسلمين فكراً وتنظيماً وأفراداً. ولكن لماذا تعتبر هذه المهمة هي الأنبل، والتي سيكون لها التأثير الأكبر مستقبلاً. هناك في تقديري 4 أسباب تفسرها:

السبب الأول: الفكر الإخواني هو تربة التطرف الخصبة وبدونه لن نعرف أخطر القيادات الإرهابية، التي تسببت بالكثير من المآسي ولطخت صورة الإسلام والمسلمين. لو لم يكن هناك إخوان مسلمون فمن المرجح أن بن لادن سيكون مقاولاً ثرياً يقيم في جدة والظواهري جراحاً يسكن في ضواحي القاهرة. ولكنَّ انتماءهم لهذا الفكر المتشدد هو الذي جعل منهم قتلة، تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء. ربما من المبالغة القول إن الإرهاب سينتهي تماماً بدون الإخوان وستظل هناك جماعات متفرقة تحول ثقافة الكراهية إلى عنف، ولكنهم لن يكونوا مثل الإخوان الذين جعلوا من التطرف احتراف ووظيفة، وغذوا الجماعات الإرهابية بعدد لا ينقطع من المجندين. تخيل عالمنا بدون إخوان وستدرك بوضوح أن الإرهاب لن يكون بهذا الحجم الهائل الذي وصل إليه.

السبب الثاني: لا دولة مع الإخوان. المقصود هو الدولة المدنية الحديثة، التي بدونها لا يمكن أن ينهض أي شعب. الإخوان هم ألدُّ أعداء هذه الدولة ويطمحون لتأسيس الدولة الدينية أو الخلافة ولهذا سر إعجابهم بالرئيس التركي أردوغان. وفي كل مرة وصل الإخوان إلى السلطة دمروا مفهوم الدولة، كما حدث في عهد مرسي والمرشد والشاطر، الذين دفعوا مصر لأول مرة إلى حافة الانهيار والسقوط في الظلام والفوضى. شتائم الإخوان مركزة بشكل مستمر على الدولة الحديثة في محاولة لنزع شرعيتها بشكل كامل. فالحكام طواغيت ورجال الأمن قتلة والقوانين المطبقة غير إسلامية وعلماء الدين وعاظ سلاطين. وليس غريباً هذا الفهم الإخواني لأنه يعتمد على تعاليم قديمة ومؤسسة نشرها منظرو الفكر الإخواني مثل المودودي وسيد قطب وغيرهما الذين رسخوا مفاهيم، مثل الحاكمية وجاهلية المجتمعات (أثرت أفكارهم على منظري وقادة النسخة الإخوانية الشيعية متمثلة في الخميني وبعده خامنئي مترجم قطب للإيرانية). تدمير الإخوان بشكل كامل يعني انتصاراً لفكرة الدولة المدنية بشكل كامل ونهائي بدون أي تهديد مستقبلي. مثلما دمر الغرب النازية والفاشية والشيوعية ليتقدم ويزدهر بلا عراقيل، من المهم تدمير الإخوان بشكل نهائي حتى تُطوى آخر صفحة من كتابهم البغيض للأبد.

السبب الثالث: لا تقدم علمياً وفكرياً وثقافياً وحضارياً مع الإخوان وفكرهم. الإخوان هم من سيطروا على مؤسسات تعليمية في دول عربية عديدة ودمروها تماما. سمموا عقول الطلاب بفكر الكراهية والمؤامرات، التي تحاك ضد الشعوب من الغرب خالقين حالة حادة من الفصام والصدام بين المسلمين والعالم، حتى بات التعايش والاندماج فكرةً صعبة. كما أنهم خلقوا حالة فصام داخلية فيما يسمى بمفهوم العزلة الشعورية الواجب أن يتخذها الأتقياء داخل مجتمعاتهم الجاهلة، وهذه العزلة هي التركيبة النفسية لأي إرهابي مبتدئ أو محترف. تعساء الحظ من درَّسهم إخوانيون لأنهم لم يتذوقوا طعم الرواية الأدبية، فكيف يقومون بذلك ونجيب محفوظ زنديق وعلماني؟ ولم يفهموا جمال الشعر، وأدونيس ونزار قباني وغازي القصيبي حفنة من المتهتكين! أما كبار المفكرين الغربيين المتخصصين في التراث الإسلامي مثل جورج طرابيشي فهو مجرد مسيحي مندس أو مستشرق صهيوني عدو للإسلام مثل برنارد لويس. قضوا على فكرة العلم التجريبي والمحايد وسعوا لتديينه على طريقة زغلول النجار الخرافية. لا يمكن أن تنهض أمة تعليمها مدمر ومهجوسة بفكر المؤامرة وأدبها مشبوه وعلمها أضحوكة. هذا بالضبط ما يتخصص به الإخوان المسلمون ولا يمكن المضي خطوة واحدة للإمام بوجودهم.

السبب الرابع: الفكر الإخواني وباء ينتشر في كل بقعة. الفكر الإخواني شمولي ولهذا فالمؤمنون به يتغلغلون في كل المؤسسات والوزارات وينشرون هذا الوباء، خصوصاً إذا كانوا على رأس السلطة. دمَّر الإخونجية الإعلام وحولوه إلى بروباغندا ودعاية صريحة تحتفي بالإرهابيين وتصفهم بالشيوخ والمتقين. الإعلام الذي يجب أن يدعم القيم المتحضرة مثل الحرية والانفتاح والتعايش والتسامح حوَّله الإخوان لمنصات تنشر أفكار العنف وتقدس المتطرفين وتروج لفتاوى العمليات الانتحارية. في المؤسسات الدينية ينشر الإخوان أفكارهم في كل مسجد وجامع وحتى في مؤسسات تعتقد أنهم بعيدون عنها سيجدون فرصة لنشر عقيدتهم. في مكتبات المستشفيات والسجون ستجد كتبهم، حتى الإرهابيون ستجد من رجالهم من يناصحهم.

الفكر الإخواني خزان للإرهاب وضد الدولة المدنية والعلم والثقافة ووباء يتغلل إلى المؤسسات، فيعبث بها ويدمرها. وهناك أسباب أخرى تجعله في صدام مباشر مع التحضر والتقدم وأنبل مهمة هي تلك التي تقوم بها الرياض وأبوظبي والقاهرة بصراحة ووضوح وشجاعة ونيابة عن الجميع.

ممدوح المهيني

كاتب سعودي