حرب طهران ضد شبكات التواصل العالمية

يمكن أن نستشف من الحرب التي أعلنتها طهران ضد مواقع التواصل العالمية بحظرها في داخل إيران، من إنها خطوة عملية ثانية تخطوها بإتجاه الحد من ظاهرة انتشار الاحتجاجات وتفاعلها مع بعضها واتساعها لتغطي أكبر مساحة ممكنة، والخطوة الاولى بطبيعة الحال كانت تعزيز الاجراءات والتحوطات الامنية خصوصا بعد أن أعلن وزير الداخلية الايراني عن منح الاولوية للأمن من قبل حكومة روحاني.

انتفاضة عام 2009 وانتفاضة 28 كانون الاول/ديسمبر 2017، لعبت فيهما شبكات التواصل الاجتماعي العالمية دورا بارزا ومهما الى جانب الهواتف النقالة، وقد دعا المرشد الاعلى بنفسه خلال الاعوام الماضية الى ضرورة التصدي للخطر المحدق بالنظام من هذه الناحية، والحث على تأسيس شبكات تواصل إجتماعي داخلية، ذلك إن الاجهزة الامنية الايرانية لا يمكنها من مراقبة شبكات التواصل العالمية أبدا، ولذلك فإن إحلال شبكة داخلية محلها خطوة أمنية من جانب النظام خصوصا وإن الحرس الثوري الايراني يمتلك 51% من أسهم شركة الاتصالات الإيرانية، ما يمكنه من السيطرة على التطبيقات الداخلية، بالإضافة إلى الجيش الإلكتروني التابع لوزارة الاستخبارات، والذي يقوم بمراقبة مستخدمي الإنترنت والاتصالات والقنوات الفضائية ومواقع التواصل الاجتماعي، ويزود القضاء بقوائم من يعارضون النظام أو يتبادلون معلومات يعتبرها الحرس الثوري مصدر خطر على النظام أو مغاير لخطابه ومبادئه.

العجلة الواضحة جدا على السلطات الايرانية من أجل حظر شبكات التواصل العالمية وإحلال شبكات محلية مكانها، يعود بالاساس لحالة القلق والتوجس لدى القادة والمسؤولين الايرانيين من إحتمال إندلاع الانتفاضة مجددا، خصوصا وإن كافة شروطها متوفرة وفي مقدمتها وخامة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية التي لم تتمكن حكومة روحاني من إجراء أي تحسين بخصوصها بل وإن المنتظر والمتوقع هو أن تسير نحو الاسوأ خصوصا وإن العقوبات الاميركية والاوروبية تنهال على طهران كالمطر، إضافة الى أن هناك دافعا مهما آخر يحث السلطات الايرانية على الاسراع في مساعيها بهذا الاتجاه وهو إن منظمة مجاهدي خلق، الخصم اللدود للنظام، قد نجحت في الاستفادة من شبكات التواصل الدولية ونجح في توسيع قاعدته الشعبية داخليا وتوسيع نطاق شبكاته الداخلية العاملة ضد النظام، ولذلك فإن حكومة روحاني تعتقد إنها ستضرب أكثر من عصفور بحجر واحد، وعلى الرغم من إن هذا الاجراء سيقود الى عزل إيران خارجيا، لكن يبدو إن النظام سعيد وقابل بكل شئ يضمن أمنه ويدفع عنه الخطر بعيدا، والمعارضة الايرانية تؤكد دائما من إن هذا النظام مستعد للقيام بكل شيء من أجل بقائه واستمراره!