تراجع الهجرة إلى ايطاليا يزيد معاناة المهاجرين في ليبيا

وضع يزداد سوء

طرابلس - قال ممثلان للجاليتين السودانية والإريترية إن أوضاع المهاجرين الذين يعانون بالفعل من انتهاكات شديدة في ليبيا، تفاقمت منذ أن أدت حملة تدعمها أوروبا لمنع مغادرة القوارب إلى تراجع حاد في معدلات العبور إلى إيطاليا.

وقال متطوعان يعملان مع مجموعات المهاجرين في العاصمة طرابلس إن الجماعات المسلحة التي تحاول الحصول على المزيد من الأموال منهم من خلال التعذيب تحتجزهم لفترات أطول.

وتسارعت وتيرة المغادرة من ليبيا في 2014 مع انتشار الصراع المسلح حيث تجاوز عدد من عبروا البحر المتوسط في الأعوام الأربعة الماضية 600 ألف.

لكن عدد المهاجرين إلى إيطاليا الذين يصل معظمهم من أفريقيا جنوبي الصحراء الكبرى شهد تراجعا حادا منذ يوليو/تموز 2017 حين أبرمت جماعة كبيرة تعمل في تهريب البشر بمدينة صبراتة الساحلية اتفاقا لوقف مغادرة القوارب تحت ضغط من إيطاليا ثم اضطرت للانسحاب خلال اشتباكات.

كما أعادت قوات خفر السواحل الليبية المدعومة من الاتحاد الأوروبي المزيد من المهاجرين إلى ليبيا بعد اعتراضهم في البحر.

وفي العام الحالي ووفقا لأرقام وزارة الداخلية الإيطالية فإنه لم يعبر سوى حوالي 6400 مهاجر تقريبا من ليبيا إلى إيطاليا حتى الآن وهو ما يمثل انخفاضا بنسبة تتجاوز 80 بالمئة بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وقال عثمان وهو ممثل للجالية السودانية في طرابلس إن الوضع بالنسبة لمن هم داخل ليبيا "غير محتمل"، مضيفا "قبل ذلك كان من الممكن أن يأخذوا منهم الأموال ثم يتركوهم (المهاجرون). الآن يأخذون المال ثم يعذبونهم بالنار والكهرباء".

وتابع "زاد التعذيب. الطريق البحري مغلق. إذا لم تستطع أن تسافر فهناك المزيد من التعذيب".

وقالت خديجة وهي إريترية تقيم في طرابلس منذ فترة طويلة ومتطوعة لمساعدة المهاجرين الأفارقة إنه بعد أن خسر المهربون المخيمات الآمنة على الساحل والتي كانوا يحتجزون فيها المهاجرين قبل إرسالهم إلى البحر باتوا يمارسون أنشطتهم بعيدا عن الشاطئ خاصة في المناطق الصحراوية حول بلدة بني وليد على بعد نحو 145 كيلومترا جنوب شرقي طرابلس.

وعلى غرار عثمان طلبت خديجة الاكتفاء بذكر المقطع من اسمها الأول. وكان الاثنان يتحدثان في مركز لخدمة المجتمع في طرابلس تديره المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وقالت خديجة "إنها عصابات والمهاجرون تسلمهم عصابة إلى الأخرى. آخذ حصتي ثم تتسلم المهاجر وتأخذ حصتك وهكذا"، موضحة أنهم أصبحوا يطلبون مبالغ أكبر من ذي قبل.

وأضافت أن هذه التجارة يسيطر عليها إلى حد بعيد مهربون من ليبيا وشرق أفريقيا. وترسل صور أو مقاطع فيديو للتعذيب إلى أسر المهاجرين للضغط عليهم لتحويل الأموال من بلادهم.

ومنذ الاشتباكات في صبراتة في سبتمبر/أيلول 2017 أعادت المنظمة الدولية للهجرة الكثير من المهاجرين الذين كانوا محتجزين في مراكز تابعة للحكومة إلى بلادهم.

كما بدأت مفوضية اللاجئين إعادة توطين أعداد صغيرة من اللاجئين وإجلاء آخرين عن طريق النيجر رغم أنه تم تعليق الإجلاء عبر النيجر بسبب تأخيرات في إعادة التوطين بدول أوروبية.

لكن مئات الآلاف من المهاجرين الآخرين يقيمون بشكل معلن في ليبيا أو تحتجزهم شبكات تهريب أو يعملون بالسخرة في ظروف سيئة عادة.

ويقول عمال إغاثة إن صحة المهاجرين الذين يمرون عبر منطقة بني وليد تدهورت ويشمل ذلك حالات سوء تغذية وإصابات بالدرن (السل).

وفي بني وليد يوجد ملجأ يستقبل المهاجرين الذين أضعفهم المرض أو إساءة المعاملة لدرجة تجعل المهربين يتركونهم. واستقبل الملجأ أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر منذ إنشائه قبل نحو 14 شهرا.

وفي أحد أيام الأحد في الآونة الأخيرة جلس نحو 12 مهاجرا من أفريقيا جنوبي الصحراء في الفناء وكان بعضهم مصابا بجروح خطيرة إما بسبب الرحلات التي قاموا بها أو نتيجة انتهاكات تعرضوا لها على يد المهربين.

ويقيم يوسف (24 عاما) وهو من السنغال في مركز الإيواء. وقال إنه احتجز لثلاثة أشهر في سجن سري خارج بني وليد قبل أن يتمكن والداه من جمع 1500 دولار من أجل إطلاق سراحه.

وقال "تعرضنا للضرب والصعق بالكهرباء، لم يكن لدينا ما نأكله... مات أناس هناك".