آل كابوني والإخوان المسلمون.. المافيا

مرسي كان في زياراته الخارجية مندوبا لعصابة مكلفا بطرح أفكار تتعلق بتوسيع نشاط الجماعة في مقابل التنازل عن أي مواقف سياسية أو أي مبادئ أخلاقية كانت السلطات المصرية التي سبقت صعود الاخوان متمسكة بها مع هذه الدول.

بقلم: محمد أبو قمر

    الشائع هو أن الاخوان المسلمين جماعة دينية، ويعتبرهم بعض المهتمين جماعة دينية لها أهداف ومطامح سياسية، وآخرون يسمونهم جماعة سياسية تتستر بالدين، غير أنك حين تتطلع علي أدبياتهم منذ نشأة الجماعة وتدرس بعمق مواقفهم وممارساتهم وتقف علي تشكيلاتهم التنظيمية وتراقب باهتمام كيف يجندون ضحاياهم وكيف يختارونهم وتعرف ما هي الشروط التي يحددونها فيمن يأمنون لضمه للجماعة تدرك علي الفور أن علاقتهم بالدين لا تزيد أبدا عن علاقة أي شخص عادي بالدين، وتدرك بالتالي أنهم ليسوا جماعة دينية علي الاطلاق، وفيما يتعلق بما يفهونه أو يدركونه من السياسة يجعلك تتأكد بما لا يدع مجالا للشك بأنهم ليسوا جماعة سياسية بالمعني الذي نفهمه عن السياسة وعن الشروط التي ينبغي توفرها في المشتغلين بالعمل السياسي وعما ندركه من الأيدولوجيات السياسية المعروفة في العالم شرقه وغربه.

هكذا فإن الاخوان المسلمين ليسوا تنظيما سياسيا، ولا هم جماعة دينية حتى وإن تحدثوا عن الخلافة أو عن الشروط الواجب توافرها في الانسان المسلم وما إلي ذلك مما أعتبره أنا أدوات تخفي خلفها المكون الأصلي لهذه الجماعة.

العالم مليء بالجماعات، وبالمكونات العصابية، من أمثال آل كابوني، أو مافيا المخدرات، أو جماعات الجريمة المنظمة، أو الجماعات المتخصصة في السطو على البنوك، أو هؤلاء المشتغلين بعمليات التهريب، أو جماعات الاتجار بالبشر، أو تجار السلاح وغيرها من الجماعات التي تعمل خارج إطار القوانين بصفة عامة.

والملاحظ أن هذه الجماعات الاجرامية ليست بعيدة عن الحياة السياسية، بل إنك قد تفاجأ بأن بعض أفرادها قد تمكنوا من الصعود إلي مناصب سياسية هامة في بلدانهم، أو تمكنوا من الدخول إلي برلمانات بلدانهم، وليس مفاجئا علي الاطلاق أن بعض هذه الجماعات في إيطاليا وفي أمريكا علي سبيل المثال كانت تلعب أدوارا حاسمة في اختيار الهيئة الحاكمة في هذه البلدان بداية من أصغر موظف محلي ونهاية بالرئيس نفسه.

ليس خافيا علي الاطلاق أن بعض هذه الجماعات كانت تقوم بعمليات تصفية جسدية للحكام الذين كانوا يشكلون خطرا علي نشاطاتهم وعلي وجودهم أيضا .

وحين تدقق في نشاط الاخوان ستكتشف أن نشاطهم الأساسي كان مركزا في عمليات جمع الأموال تحت غطاء ديني، لم يكونوا يسرقون، ولا يتجارون في الممنوعات وإنما كانوا ومازالوا تحت مسميات خيرية عدة يجمعون الأموال بالمليارات من عدة دول حول العالم، وكأي منظمة تعمل خارج إطار القانون حين تتضخم ثرواتها تنشأ لديها علي الفور الحاجة إلي سلطة تحمي أنشطتها ومن هنا تنشأ وتتكون أيدولوجيا القفز علي السلطة تحت أي مسمي سواء ديني أو سياسي، وهكذا فإن المكون الديني لدي الاخوان ليس مكونا إلهيا ولا يعتمد علي نصوص أصيلة وإنما يعتمد علي تأويلات لبعض النصوص أو لي عنق بعض النصوص لتصبح الفكرة قابلة للتسويق وقابلة للتحقق لكي يمكن مواصلة النشاط الأساسي المتمثل في جمع الأموال والذهب والمجوهرات وإنشاء المشروعات الاقتصادية الهائلة في جميع جهات الأرض الأربعة.

وسوف تُدهش وربما تُصاب بالذهول حين تعلم ما الذي طلبه مُرسي من السعوديين حين زار السعودية، وما الذي قاله لبوتين في روسيا، وما هي العروض التي طرحها علي المسؤولين في ألمانيا أو غيرها من الدول التي زارها، سوف تندهش حين تعلم أنه لم يطرح هناك أفكارا سياسية، أو افكارا تتعلق بالعلاقات الثنائية بين مصر وهذه الدول، لقد كان مرسي في زياراته الخارجية مندوبا لعصابة مكلفا بطرح أفكار تتعلق بتوسيع نشاط الجماعة في مقابل التنازل عن أي مواقف سياسية أو أي مبادئ أخلاقية كانت السلطات المصرية التي سبقت صعود الاخوان متمسكة بها مع هذه الدول.

لا المسلم في حاجة إلي العودة إلي دينه كما يطرح الاخوان، ولا الخلافة فريضة كما يحاولون تأكيد ذلك في أذهان العامة، بل إن الخلافة كانت مشروعا ساقطا تخطاه الزمن ولفظته الظروف الحضارية وصار أمرا متحفيا ليس لوجوده أي مسوغ من أي نوع، ولا الخالق في حاجة إلي وكلاء يحكمون نيابة عنه كما يرددون في أدبياتهم .

كل الحكاية هي أن الاخوان جماعة مثل كل الجماعات التي تعمل في أنشطة غير قانونية كجماعات المافيا المنتشرة في جميع أنحاء العالم، فلا هي جماعة دينية، ولا هي جماعة سياسية، ولا هي جماعة فكرية تؤمن بنظرية أو ايدولوجية تستند إلي قواعد علمية أو دينية محددة.

الاخوان تشبه إلي حد كبير جماعة آل كابوني.