آمال ضعيفة لحل الأزمة الليبية وسط تاريخ قاتم لاتفاقيات فاشلة

نواب ليبيون يرون صعوبة التوصل إلى نتائج يمكن تطبيقها على أرض الواقع في ظل وجود العديد من الملفات العالقة والخلافات بين الفرقاء الليبيين وسط مشهد معقد بسبب تدخل الأطراف الخارجية.
تركيا تعرقل جهود إرساء السلام في ليبيا
لا حل دائم يلوح في الأفق ينهي الأزمة الليبية في ظل وضع معقد

بوزنيقة (المغرب) - تتواصل لليوم الثالث على التوالي جلسات الحوار الليبي التي تحتضنها مدينة بوزنيقة المغربية (شمال) مع احتمال تمديدها ليومين، وسط آمال ضعيفة معلقة على نتائجها استنادا إلى تاريخ قاتم من الاتفاقيات الليبية التي سرعان ما تبخرت في ظل وجود أرضية هشة لاحتضان الاستقرار في ليبيا وأمام استمرار التدخل العسكري التركي الذي يسهم في تغذية الصراع بين الفرقاء الليبيين.

وفي هذا الإطار يرى عديد النواب في البرلمان الليبي على الرغم من تفاؤل أطراف الحوار بالتوصل إلى تفاهمات لحلحلة الأزمة، صعوبة التوصل إلى نتائج يمكن تطبيقها على أرض الواقع في ظل وجود العديد من الملفات العالقة والخلافات بين الفرقاء الليبيين.

وقال النائب علي التكبالي في حوار 'للعربية نت'، "إن هناك الكثير من العوائق في هذا الحوار السياسي تبدأ بالوفدين المشاركين من المجلس الأعلى للدولة وكذلك من البرلمان الليبي، الذين لا يملكون أي قوة على الأرض يستندون إليها لتنفيذ أي اتفاقيات قد يتوصلون إليها خلال هذه المشاورات، إضافة إلى سيطرة تنظيم الإخوان على الاجتماع المنعقد، ممثلا في أعضاء المجلس".

هناك الكثير من العوائق في هذا الحوار السياسي الليبي

وبدأت في مدينة بوزنيقة الواقعة على بعد نحو 40 كيلومترا جنوبي العاصمة المغربية الرباط أول أمس الأحد مشاورات ليبية تمهيدية بين وفدي المجلس الأعلى للدولة في ليبيا الذي يسيطر عليه الإخوان وبرلمان طبرق لمناقشة قضايا ليبية عالقة على رأسها المناصب السيادية ووقف إطلاق النار.

والمشهد في ليبيا معقد في ظل تداخل الأطراف الخارجية، لا سيما التدخل التركي الذي أجج فعلا الصراع بين الفرقاء الليبيين ووضع البلاد الغارقة في الفوضى منذ سنوات أمام سيناريو حرب طويلة الأمد، خاصة وأن تحركات أنقرة متناقضة مع أغلب الجهود الدولية لإرساء السلام بالأراضي الليبية.

وتزامنا مع الحوار الليبي بالمغرب كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان استمرار السلطات التركية نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا، حيث وصلت الاثنين دفعة جديدة تضم 109 مقاتلا على متن طائرة ليبية قادمة من تركيا.

جهود مغربية حثيثة لحلحلة الأزمة الليبية
جهود مغربية حثيثة لحلحلة الأزمة الليبية

وعقدت المباحثات الليبية المستمرة في المغرب استكمالا للجهود الدولية الهادفة لحلحلة الأزمة وبسط الاستقرار في ليبيا. وقال مسؤول بالخارجية المغربية الإثنين إن الحوار الليبي المنعقد في مدينة بوزنيقة سيتم تمديده ليوم أو أكثر.

ويأتي ذلك بعد أسابيع من زيارة كل من رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح إلى المغرب بدعوة من رئيس مجلس النواب المغربي.

كما يأتي بعد أسابيع من زيارة الممثلة الخاصة للأمين العام ورئيسة بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بالإنابة, ستيفاني وليامز للمغرب في إطار المشاورات التي تقودها مع مختلف الأطراف الليبية والشركاء الإقليميين والدوليين لإيحاد حل للازمة هناك.

وفيما تتجه الأنظار إلى هذا الحوار، تُطرح تساؤلات عدة ما إذا كانت ستتمخض هذه المفاوضات عن حل دائم للأزمة الليبية وحول مدى تطبيقها واستمرارها في ظروف معقدة وشائكة تشوب الواقع الليبي.

فبعد مرور نحو عشرة أشهر على توقيع الاتفاق الأمني والعسكري بين رئيس حكومة الوفاق بطرابلس فايز السراج والرئيس التركي رجب أردوغان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم تتوقف عمليات نقل المقاتلين الأتراك والمرتزقة السوريين إلى ليبيا على الرغم من المناشدات الدولية لدعم التهدئة وتعهدات تركيا بذلك في مؤتمر برلين قبل أشهر.

وما يزيد الوضع تعقيدا فضلا عن التدخل التركي، هو تاريخ الاتفاقيات المبرمة مرار في السنوات الماضية والتي لم تصمد بين الأطراف المتنازعة، وهو ما يعكس آمالا متواضعة بالتوصل لحل سياسي وسلمي عقب الحوار المستمر بالمغرب.

يوم ثالث من المفاوضات الليبية بالمغرب لحل الأزمة
يوم ثالث من المفاوضات الليبية بالمغرب لحل الأزمة

وبالرجوع إلى أكثر من اتفاق عُقد منذ العام 2015 إلى الآن لبسط السلام في ليبيا، نجد أن كل منها فشل في وقف دائم لإطلاق النار، ولعل هذا ما دفع بعض المراقبين والمحللين للوضع الليبي للقول، إن جهود السلام هناك تواجه عواقب شائكة وواقعا معقدا جعل من المحاولات المضنية لإنهاء الصراع تكاد تكون شبه مستحيلة على الأقل في الوضع الراهن.

فمنذ اتفاق الصخيرات المبرم في المغرب عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، اُعلن عن مبادرات عدة لإخراج ليبيا من نفق الفوضى ووقف الاقتتال، إلا أنها بقيت في الواقع حبراً على ورق.

وبعد مفاوضات استمرت أشهراً بين ممثلين عن المجتمع المدني ونواب ليبيين في المغرب، تم اتفاق الصخيرات الذي وقع في 17 ديسمبر/كانون الأول عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي نص على تشكيل حكومة وفاق وطني مقرها طرابلس، لكنها قوبلت بتحفظات من قبل البرلمان المنتخب عام 2014 والمجلس انتقالي الذي انتخب في 2012، ما أعاد ليبيا إلى دائرة الفوضى والتوترات.

وفي شهر يوليو/تموز من العام 2017، تعهّد الفرقاء الليبيون خلال اجتماع في باريس، بالعمل على إخراج البلاد من الفوضى ودعوا إلى وقف إطلاق النار وتنظيم انتخابات، لكن ذلك لم يطبق على الواقع.

كذلك اتفق كل من السراج وقائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر وعقيلة صالح وخالد المشري أثناء اجتماع ثان بباريس في مايو/أيار من العام 2018، على العمل سوياً من أجل تنظيم انتخابات عامة، لكن شيئا لم يحصل.

وبعد خمسة أشهر من العام نفسه وتحديدا في نوفمبر/تشرين الثاني، نّظمت إيطاليا مؤتمراً دولياً لمحاولة تحقيق تقارب جديد بين الأطراف الليبية المتصارعة، لكن ذلك فشل بسبب الخلافات المستمرة بين الليبيين والتدخلات الأجنبية، لا سيما التركية.

وبعد أشهر قليلة أعلنت منظمة الأمم المتحدة في فبراير/شباط سنة 2019، عن اتفاق جديد اُبرم في أبوظبي بين السراج وحفتر بشأن إجراء انتخابات في ليبيا، لكن من دون تحديد جدول زمني، مما أدى إلى فشل الخطة.

وفي مارس/آذار 2019 أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مجددا، إقامة "مؤتمراً وطنياً" في منتصف أبريل/نيسان في مدينة غدامس (وسط)، لوضع "خارطة طريق" لإخراج البلاد من الأزمة، لكن التطورات على الأرض جرت عكس ذلك.

وفي أواخر أغسطس/آب من العام الحالي أعلنت حكومة الوفاق هدنة وصفها حفتر المناورة السياسية استعدادا لهجوم عسكري على مدينة سرت وسرعان فشلت الهدنة وتخللتها احتجاجات مناهضة للسراج بالعاصمة طرابلس وعديد المدن المجاورة لها.