أتشيربي من قاع الألم إلى قمة أبطال أوروبا

بعدما فاز بمعاركه ضد السرطان والاكتئاب وإدمان الكحول، المدافع المخضرم يجد نفسه رمزا لنضال آخر جعل من فريقه إنتر يخالف التوقعات ويصل إلى نهائي القاري يتواجه فيه مع باريس سان جرمان.

ميلانو (إيطاليا) - بعدما فاز بمعاركه ضد السرطان والاكتئاب وإدمان الكحول، يجد المدافع المخضرم فرانتشيسكو أتشيربي نفسه رمزا لنضال آخر جعل من فريقه إنتر الإيطالي يخالف التوقعات ويصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم، حيث يتواجه السبت في ميونيخ مع باريس سان جرمان الفرنسي.

في إياب الدور نصف النهائي ضد برشلونة الإسباني، كان للمدافع الدولي المخضرم دور رئيسي في تأهل فريقه بتسجيله هدف التعادل 3-3 في الوقت بدل الضائع، فارضا التمديد حيث كان الفوز في نهاية المطاف من نصيب إنتر 4-3، ليبلغ النهائي للمرة الثانية في غضون ثلاثة أعوام.

يجسد هذا الهدف الذي سجله من عمق منطقة جزاء النادي الكاتالوني، الروح القتالية التي أظهرها إنتر في فوزيه على برشلونة ومن قبله على العملاق الآخر بايرن ميونيخ الألماني.

سجل ابن الـ37 عاما هدفه الأول في دوري الأبطال حين حول عرضية الهولندي دنزل دمفريس بقدمه اليمنى الضعيفة التي كانت ترتدي حذاء مثقوبا، قبل أن يخلع قميصه للكشف عن جسد مغطى بالوشوم.

تناقضت هذه الصورة البسيطة نوعا ما مع برشلونة الشاب الأنيق بقيادة الشاب لامين جمال.

عاد لاعب وسط إنتر التركي هاكان تشالهانأوغلو الاثنين بالذاكرة إلى ذلك اليوم في السادس من أيار/مايو، قائلا "كانت لحظة مميزة حقا. شعرت أن شيئا ما قد تغير عندما سكنت الكرة الشباك. كانت تلك اللحظة التي أدركنا فيها قدرتنا على الفوز بالمباراة".

على الرغم من تقدمه بالعمر، يُعد أتشيربي الخيار الأول للمدرب سيموني إنزاغي في قلب دفاع إنتر المكون من ثلاثة لاعبين، وسيبدأ أساسيا ضد سان جرمان السبت على الملعب الأولمبي في ميونيخ.

مَرَّ أتشيربي بأوقات عصيبة داخل الملعب وخارجه، حيث عانى من الاكتئاب بعد وفاة والده أثناء وجوده لفترة وجيزة مع الجار اللدود ميلان قبل أكثر من عقد من الزمان، ثم خاض جولتين من الصراع مع سرطان الخصية يُعتقد أنهما كانتا الحافز لتغيير حياته.

"وصلت إلى الحضيض"

كشف في حديث أجراه عام 2019 حين كان يدافع عن ألوان لاتسيو أنه "بعد وفاة والدي، اصبت بانهيار ووصلت إلى الحضيض. كنت في ميلان، ولم يكن هناك ما يحفزني. لم أعد أعرف حتى كيف ألعب"، مضيفا "بدأت أشرب (الكحول)، شربت كل شيء. أنقذني السرطان. كان لديّ ما أحاربه من جديد، ما أتغلب عليه".

كان لديّ ما أحاربه من جديد، ما أتغلب عليه

وتابع "سألت نفسي +ماذا ستفعل إن عاد؟+ وقررت أن أواجه الأمر مجددا. رأيت الأمور بشكل أوضح وأعلم أن كل شيء قد يتغير بين ليلة وضحاها. يمكنني حتى القول إن المرض حسّنني... توقفتُ عن الحلم وأفضل الآن أن أضع لنفسي أهدافا قابلة للتحقيق".

كان الاستدعاء إلى المنتخب الإيطالي من أهدافه وقد تحقق في عمر الحادية والثلاثين. فبعد مباراتين وديتين في وقت سابق من مسيرته، خاض أول مباراة رسمية له مع "أتزوري" وكانت ضد فنلندا في أيلول/سبتمبر 2019، مسجلا هدفه الدولي الوحيد ضد البوسنة بعدها بشهرين.

كوفئ أتشيربي على موسمه المميز مع إنتر بضمه لتشكيلة إيطاليا للمباراتين القادمتين في تصفيات مونديدل 2026 ضد النروج ومولدافيا، في أول استدعاء له إلى المنتخب الوطني منذ آذار/مارس 2024.

في استدعائه الأخير إلى المنتخب، لم يشارك في المباراتين الوديتين في الولايات المتحدة ضد فنزويلا والاكوادور، إذ وجد نفسه مضطرا لمغادرة المعسكر لاتهامه بالعنصرية بحق المدافع البرازيلي لنابولي جوان جيزوس.

أفلت أتشيربي من العقوبة بعدما رأى الاتحاد الإيطالي للعبة أنه ليست هناك أدلة قاطعة على الإهانة العنصرية، مبررا تجنيب مدافع إنتر عقوبة قد تصل إلى الإيقاف لعشر مباريات بـ "يبدو أن المحتوى التمييزي، من دون التشكيك في حسن نية (جوان جيزوس)، تم إدراكه من قبل اللاعب المتضرر فقط، من دون دعم أي دليل خارجي، سواء كان صوتا أو فيديو أو حتى شهادة".

وانتقد نابولي القرار "الصادم" الذي صدر عن الاتحاد الإيطالي، معتبرا أنه "ليس من المعقول الاعتقاد بأنه (جوان جيزوس) أساء الفهم".

ورغم إفلاته من الإيقاف لعشر مباريات، لم يتمكن أتشيربي من السفر مع منتخب بلاده إلى ألمانيا لخوض نهائيات كأس أوروبا 2024، وذلك بسبب الإصابة التي طالته أيضا في النصف الأول من الموسم المنصرم وأبعدته عن الملاعب لكنه عاد منها أقوى من أي وقت مضى، وها هو على بعد 90 دقيقة من قيادة إنتر إلى اللقب.