أحزاب يسارية تحذر من انزلاق تونس لحرب أهلية!

أربعة أحزاب يسارية توجه انتقادات شديدة للإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي منذ 25 يوليو، منددة بما أسمته "حكم الفرد الواحد"، بينما لم تتحرك سابقا حين وضعت الحكومات المتعاقبة تونس على حافة الإفلاس والانهيار المالي والصحي.
أحزاب تونسية تتهم قيس سعيد بـ"الانقلاب على الشرعية"
إجراءات الرئيس التونسي أُعتبرت زلزالا لائتلافات المال والسياسة

تونس - نددت أحزاب سياسية تونسية الثلاثاء بما اعتبرته "تفرد" الرئيس قيس سعيد بالسلطة، محذرة من أن قراراته المثيرة للجدل قد تغرق البلاد في أعمال عنف.

وكان الرئيس التونسي قد اتخذ في 25 يوليو/تموز سلسلة إجراءات تشمل تجميد عمل البرلمان ورفع الحصانة عن جميع نوابه وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي وجمع السلطة التنفيذية بين يديه وأتبعها بسلسلة تدابير آخرها إلغاء معظم فصول الدستور لتنظيم السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وخلال مؤتمر صحافي في العاصمة تونس، وجهت أربعة أحزاب يسارية انتقادات شديدة للإجراءات التي اتخذها سعيد منذ 25 يوليو/تموز، منددة بما أسمته "حكم الفرد الواحد".

وقال غازي الشواشي رئيس حزب التيار الديمقراطي، إن "الرئيس اختار الهروب إلى الأمام بجرة قلم كرس حكم الفرد الواحد". ويمثل الحزب 21 نائبا في البرلمان المجمد.

وأضاف "نحن نعيش في مرحلة اللاشرعية... رئيس الدولة خرق الدستور وانقلب على الشرعية الدستورية. خوفنا من معركة قد تفضي إلى انزلاق نحو العنف ونحو الحرب الأهلية".

وقال "سنلجأ إلى كل وسائل الضغط والنضال الشرعية والسلمية للدفاع عن الديمقراطية ومكتسبات الثورة" التي شهدتها تونس في العام 2011 حين أسقط الرئيس زين العابدين بن علي بعد 23 عاما في الحكم دون منازع.

وشدد فاضل عبدالكافي رئيس حزب آفاق تونس ويمثله نائبان في البرلمان على خطورة الأزمة الحالية وانعكاساتها على الاقتصاد التونسي خوفا من سيناريو لبناني في تونس وشلل مؤسسات الدولة.

وقال الخبير الاقتصادي ووزير التنمية والاستثمار السابق "يجب إعطاء الأولوية لإنقاذ" القطاع الاقتصادي الذي يعاني من الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي.

وأدانت منظمات حقوقية تونسية ودولية السبت قرارات الرئيس التونسي بتعزيز صلاحياته في الدستور على حساب الحكومة والبرلمان، واعتبرتها "انفرادا بالحكم" و"انحرافا غير مسبوق".

ولا تملك الأحزاب مجتمعة ثقلا سياسيا يذكر وليس لها تمثيل قوي في البرلمان وانخرطت في الحملة المنددة بالإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي، بينما يأخذ عليها خصومها صمتها إزاء حالة الوهن الاقتصادي والعبث السياسي الذي شهدته تونس خلال عشر سنوات من حكم ائتلافات حكومية قادت معظمها حركة النهضة الإسلامية.

ومن بين الأحزاب التي نددت بإجراءات قيس سعيد حزب التيار الوطني الديمقراطي الذي كان أحد أضلع السلطة خلال حكم الترويكا وهي ائتلاف من أربعة أحزاب قادته النهضة في مناسبتين قبل أن يتفكك التحالف.

وتعيب مصادر سياسية تونسية على تلك الأحزاب أيضا عدم مواجهتها أو تحركها سياسيا في مواجهة استشراء الفساد طيلة العقد الماضي وتحالفات المصالح في الحكومات المتعاقبة وعدم تقديم برامج سياسية ورؤية اقتصادية واضحة إضافة إلى استكانتها أمام أحزمة الفساد التي شكلت سندا للأحزاب المهيمنة على السلطة.

والأحزاب اليسارية في تونس مشتتة وعلى الرغم من حضورها في المشهد السياسي بقوة في سنوات ما بعد الثورة إلا أنها فشلت في تشكيل جبهة قوية قادرة على التموقع والفعل السياسي وأبرز مثال على ذلك الجبهة الشعبية التي أضعفتها الصراعات الداخلية ولم يكن لها دور وازن في مواجهة حركة النهضة الإسلامية التي هيمنت على المشهد ولو بأغلبية برلمانية ضعيفة.  

ويعتبر مناصرو الرئيس التونسي أنه يتعرض لحملة شيطنة وأنه خصومه يحشدون للفتنة بعد أن زلزلت قرارات 25 يوليو/تموز مصالحهم وكشفت سوء إدارتهم للحكم ودفع تونس لأزمة سياسية وصحية واقتصادية خطيرة.