أحمد راشد يخبرنا عما يدور في قاعة رقم 4

الكاتب العُماني ينسج التفاصيل الصغيرة في روايته تاركاً للمَشاهد فرصة الالتئام من تلقاء نفسها.
ملامح شخصية البطل الانطوائية تتضح تدريجياً خلال مسير الحدث الروائي
الروائئ يختار شكلاً من أشكال الفانتازيا

عمّان ـ تخبر رواية «قاعة رقم 4» للكاتب العُماني أحمد راشد قارئها عن أشياء كثيرة بالإيحاء والتلميح؛ وتلك هي أهم ملامح الأسلوب الذي اتبعه أحمد راشد في روايته؛ إذ إنه لم يُقحمْ الملامحَ إقحاماً يُثقل على القارئ أو يُخلّ بسلاسة السرد وانسيابيته، بل إنه نسج التفاصيل الصغيرة تاركاً للمَشاهد فرصة الالتئام من تلقاء نفسها. فالزمان والمكان ينبثان في كل سطر، والأحداث تتدفّق ضمن سياق واضح المعالم ينتمي إلى مكان ما في مدينة خليجية، وزمان يقع في وقتنا الحالي؛ أي العشرية الثانية من الألفية الثالثة للميلاد.
أما البطل راشد فتتضح ملامح شخصيته الانطوائية تدريجياً خلال مسير الحدث الروائي، وتفصح حواراته الداخلية عن طبيعة فهمه لنفسه وللأشخاص من حوله. راشد هو محور الأحداث كلّها، بدءاً من ملامح حياته البسيطة، وصولاً إلى الرحلة الغرائبية التي اضطُرَّ إلى القيام بها، نحو عالم آخر يختلف تماماً عن عالمه، حين سيّرته الأحداث، فاستسلم لها استسلاماً كاملاً.
يقول الروائي في مدخل روايته الصادرة عن «الآن ناشرون وموزعون» في مئة وثلاث عشرة صفحة من القطع المتوسط: «استثمار الفرص لا يكون فقط في مجال المال والأعمال، بل حتى في المجال الأدبي. وفي مسيرة حياتك ستمر بأحداث مميّزة وفريدة، بعضها مدهش، وبعضها مؤلم. قد تمرُّ كلمة في كتاب ضخم قرأتَه؛ فتؤثّر فيك. وربما ستشهد حدثاً بارزاً وقع أمامك، أو قد يخبرك أحدهم عن قصة صغيرة. وكل من يجيد استثمار تلك التجارب، قد ينتج عملاً أدبياً صالحاً للنشر».
بهذه الروح التي استجمعت خبراتها دشن أحمد راشد عمله الروائي، فاختار له شكلاً من أشكال الفانتازيا، التي يلتقي البطل خلالها بفتاة جميلة من عالم آخر، فتقع الفتاة في غرامه، وتلاحقه، وتحاصره في تفاصيل حياته كلها، وتتحمل المخاطر في سبيل حبها الذي لن تتخلى عنه.
أما البطل فيواجه المصاعب أيضاً، لكنها مصاعب عالمنا البشري بما فيه من خداع وتمويه وسوء أداء للأمانة. يقرر بعد ذلك أن يمضي بالشوط مع الفتاة التي أحبته حتى آخره، فتبدأ مغامرته التي تشهد أحداثاً عجيبة، وتنتهي بشكل مأساوي، يخسر فيه الحبُّ الصادق معركته أمام قسوة الواقع.
فهل حقق أحمد راشد غايته التي أفصح عنها أيضاً في مقدمته قائلاً: إنّ رواية «قاعة رقم 4» تحاول أن تجسد من خلال الخيال السحري، الصراع بين الفكر الناقد والفكر المعطِّل السائد في المجتمع؟
هذا السؤال تُترَك إجابته للقارئ.