أحمد عبدالحسين يبعثر سيرته كطفل يلعب باللّاهوت

كتاب الشاعر العراقي الجديد يعد نثار حياة تناوب على بعثرتها غيب وشهادة، لاهوت وناسوت، وفيه يفصح الشاعر عن جرحه السري المزدوج: الله والشعر.
مقاطع مستلة من ذاكرة شاعر انشغل مطولاً بالله وبالشعر
ما من تسلسل زمني أو موضعي يربط هذه النصوص والتأملات

ميلانو (ايطاليا) - صدر عن منشورات المتوسط في إيطاليا، الكتاب الجديد للشاعر العراقي أحمد عبدالحسين، وجاء بعنوان: "طفلٌ لاعبٌ باللّاهوت". الكتاب يمزج بين السيرة الشعرية للشاعر، في تماهيها مع أسئلة الوجود، وتجارب الحياة، والمواقف الحادة التي تعيدنا دائماً إلى حيرة السؤال. 
وكما جاء في كلمة الناشر على ظهر الغلاف، فحينما يكتب شاعر ما سيرته فإنه يجد نفسه متلبساً بتدوين وقائع لم يطّلع عليها إلا هو، هي وقائع وجدانه التي تشكل سيرة أعماقه. ويبدو أن مقولة سان جون بيرس "لا تاريخ إلا تاريخ الروح" تصلح أن تكون القنديل الذي تكتب على ضوئه سيرة الشعراء.
هذا الكتاب نثارُ حياة شاعر. سيرة تناوب على بعثرتها غيبٌ وشهادة، لاهوت وناسوت. وفيه يفصح الشاعر عن جرحه السريّ المزدوج: الله والشعر.
حتى الشاعر أحمد عبدالحسين وفي عتبة أولى من الكتاب، يعترف: "أن هذه الصفحات ليست سيرة حياة، ولا تريد أن تكون كذلك. هي محض استذكار لما فعله الشاعر بي. مقاطع مستلة من ذاكرة شاعر انشغل مطولاً بالله وبالشعر انشغالاً مديداً.
بديهيّ أن يكون الشّعر مؤثراً بصاحبه، وأن يضع له يداً على كل موضع من مواضع حياته.
ما من تسلسل زمنيّ أو موضعيّ يربط هذه النصوص والتأملات. كل شيء مبعثر كما لو أن الشعر مر هنا كعاصفة وقلب الأشياء وجعلها رميماً منثوراً. هكذا مضت حياتي مع الشعر خبط عشواء فلا تكاد تعثر على نظام يضبطها أو منطق يفهرسها، فجاء هذا الكتاب على شاكلتها، لأن حياة على هذا القدر من التفتت والتبعثر تستدعي تواريخ مفتتة كهذه.
بعد أربعين سنة لي مع الشعر، وددت أن أتفرّس في هذه الهاوية التي لا أكاد ألمح فيها سوى الله والشعر يتناوبان على جعل الحياة مزقاً".
ويختم عبدالحسين: "أردتُ أن أبعثر سيرتي لتُلائم حياتي".
أخيراً وليس آخراً جاء الكتاب في 128 صفحة من القطع الوسط، وتضمن تخطيطات للفنان باقر ماجد.
من الكتاب
قبل أن أعرفك وأحبك كنتُ كثيراً، كان معي الآخرون، أتى حبك ومعه الهجران، فأفردني، والآن يحلو لي أن أُرجِع لك ما اصطنعتَه أنت لي وأريدك أن تتذوق هذا الهجر لتعرف كيف أنا في صحراء غيابك.
كثيرٌ أن أكون وحدي بينما أنت هناك، كثيرٌ عليّ أن تُصحرني بينما كلمة منك يمكن لها أن تجعل العالم غابة قنديل ساهرة معنا.
أكرهك، تلك الكراهية التي أعرف عنها أشياء وأشياء، منها هي التي تذكي نارنا التي تهسهس بيننا ولا أحد يسمعها سوانا.
وأحبّك، تلك المحبة التي أجهل كيف لها أن تكون كرهاً حين تدير وجهك فيسقط على العالم ليل طويل".
عن الشاعر
أحمد عبدالحسين شاعر وصحفي وناشط سياسي عراقي. رئيس تحرير مجلة "براءات" للشعر، التي تصدر عن منشورات المتوسط. صدر له: عقائد موجعة، دار ألواح في إسبانيا، 1999، وعمدني بنبيذ الأمواج بالاشتراك مع علي ناطق دمشق، 2000، وجنة عدم، دار الساقي في لندن، 2007، ومختارات، دار الشؤون الثقافية في بغداد، 2009، ولا العطش ينتهي ولا الينبوع، دار نون في الإمارات، 2014، ودليل على بهتان العالم، دار المتوسط في إيطاليا، 2016.