أدبيات الإسلاميين.. وتعسف التأويل

الروح العدائية في أدبيات الإسلاميين ادت إلى عزلهم أدبياً وفكرياً وسياسياً فيما يشبه الجيتو وهذا ما أدى إلى أن تتمخض الصحوة الإسلامية بعد ثورات الربيع العربي فتلد استبدادا أنكى وأشد.


بقلم: خالد الأصور

تتسم بعض أدبيات الإسلاميين بشكل عام باعتماد نظرية المؤامرة والتعسف في التأويل،  فيما يتعلق بالأحداث التاريخية أو تراجم الشخصيات،  وخلال العقود السابقة، ولا سيما منذ بداية النصف الثاني من القرن الماضي، وبشكل خاص منذ بداية عقد الثمانينيات فيه، والذي تزامن ما اصطلح عليه إعلاميا بـ "الصحوة الإسلامية" التي صاحبها " الثورة الخومينية " في إيران و " الجهاد الأفغاني ".

تلك الأحداث التي دغدغت مشاعر الملايين وصورت لهم على خلاف الواقع أن الإسلام والمسلمين على وشك العودة لتصدر حركة التاريخ وصناعته من جديد بعد أربعة قرون من التراجع في سياق الصراع الحضاري، وتصاعدت تلك المشاعر مع انتشار أدبيات الإسلاميين الناقدة والمهاجمة بغير حصافة ولا روية لسائر الأدبيات الأخرى.

أكسبت أدبيات الإسلاميين خلال هذه الحقبة، قراءهم عداءً غير مبرر بأعلام مثل رفاعة الطهطاوي وقاسم أمين والعقاد وتوفيق الحكيم وغيرهم .

غلاف كتاب معالم في الطريق
الإسلاميون يعتقدون أن كلامهم مقدس

على سبيل المثال فإن كتابات أنور الجندي المتعددة وعبد الستار فتح الله سعيد مجرد نماذج في ملاحقة كل كتاب النصف الأول من القرن العشرين والتعسف في تأويلها واتهامهم بالعلمانية بل والزندقة وربما الخروج من الملة، وقد فند الدكتور محمد عمارة في تراجمه لبعض تلك الشخصيات هذه الاتهامات.

يتفنن الإسلاميون غير الواعين في جلب أجواء الاستقطاب بل والعداء وحشرهم في الزاوية، وما هكذا تورد الإبل، فالقرآن الكريم عرض آراء المشركين ورد عليها، بل وجه نبيه بأن يخاطبهم: "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين".

يحرص إلى هذه الدرجة الإسلام على كسب ود الآخر دون إفراط في إذكاء الخلاف؛ ودون تفريط في الثوابت، حتى أن الرسول الموحى إليه من السماء ولا ينطق عن الهوى يضع نفسه بمساواة المشركين على طاولة الحوار "وإنا أو إياكم".

أدت هذه الروح العدائية في بعض أدبيات الإسلاميين إلى عزلهم أدبيا وفكريا وسياسيا فيما يشبه الجيتو، وهذا ما أدى إلى أن تتمخض الصحوة الإسلامية بعد ثورات الربيع العربي فتلد استبدادا أنكى وأشد.