أدلة جديدة على تمويل قطر للإرهاب.. حزب الله المستفيد

متعاون أمني مع المخابرات الألمانية يجمع معلومات خطيرة من الدوحة تكشف عن تدفقات مالية يقوم بها عدد من القطريين الأغنياء واللبنانيين المقيمين في الدوحة لصالح حزب الله اللبناني بعلم السلطات القطرية.
الأموال المرسلة إلى حزب الله تمت بمعرفة مسبقة من مسؤولين قطريين
قطر تستخدم العمل الخيري كغطاء لتمويل الجماعات الإرهابية
دبلوماسي قطري التقى المتعاقد مع المخبر الألماني في بروكسل لشراء صمته

برلين - كشفت وسائل إعلام ألمانية عن الدور الخطير الذي تلعبه قطر في تمويل الجماعات الإرهابية وهي التهمة التي تمسكت الدوحة بنفيها منذ المقاطعة الرباعية لها في 2017، إلا أن تحقيقات جمعها متعاقد أمني مع المخابرات الألمانية تؤكد علم السلطات القطرية بعمليات مشبوهة لتسليح وتمويل ميليشيات حزب الله اللبناني المصنف من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة جماعة إرهابية.

وقالت صحيفة "دي تسايت" الألمانية في تقرير نشرته أمس السبت استنادا إلى معلومات جمعها متعاقد خاص يعمل مع أجهزة الأمن والاستخبارات الألمانية خلال زيارته للدوحة، إن إسرائيل والولايات المتحدة تحاولان منذ فترة طويلة وقف تمويل حزب الله اللبناني ومن شأن الأدلة الدامغة التي تحصلت عليها والتي تؤكد على تدفق الأموال من قطر إلى الجماعات الإرهابية أن يزيد من الضغط على الدوحة وقد يؤدي إلى فرض عقوبات عليها.

وقال جاسون.غ وهو اسم مستعار أطلقته الصحيفة على جامع المعلومات الاستخباراتية، إنه صادف خلال زيارته الدوحة بعض المعلومات الخطيرة التي تشير إلى عقد صفقة أسلحة لذخائر حرب من أوروبا الشرقية كان من المفترض أن تصل إلى شركة في قطر، بالإضافة إلى رصد تدفقات مالية من العديد من القطريين الأغنياء واللبنانيين الذين يعيشون في الدوحة إلى حزب الله.

وأوضح الصحفيان ياسين مشربش وهولغر ستارك اللذان أعدا تقرير الصحيفة الألمانية أن هذه الأموال التي تم إرسالها إلى حزب الله تمت بمعرفة مسبقة من مسؤولين حكوميين مؤثرين من خلال منظمة خيرية في الدوحة.

ويقول جاسون غ. في شهادته إنه نهاية العام 2017 تعرف على محام ذو علاقات ممتازة في الأوساط السياسية الألمانية عرفه بدوره على المستشار السياسي الألماني ميشائيل إناكر، الذي يترأس شركة الاستشارات "WMP"  وهي شركة ضغط (لوبي) الألمانية.

وحسب التقرير الألماني فإن جاسون حاول أن يستفيد من المعلومات التي لديه بشتى الطرق فتواصل بوساطة من إناكر مع السلطات الأمنية الألمانية ليقدم لها نسخة من الملف فكان تقييمه يشير إلى احتمال أن تكون المعلومات ذات أهمية فيما يتعلق بمكافحة تمويل الإرهاب للجماعات الإسلامية .

يذكر أن الحكومة الألمانية ألعنت في 30 من أبريل الماضي، تصنيف حزب الله تنظيما إرهابيا وحظر كل نشاطاته في ألمانيا، في استجابة للتضييق الذي تطالب به الولايات المتحدة وإسرائيل على الجماعة الشيعية التي يستفيد من نشاطاتها المشبوهة النظام الإيراني للتحايل على العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.

وقدم جاسون نسخة من الملف الذي لديه للمحامي ولإناكر ليبدأ البحث عن قيمة المعلومات التي تحصل عليها من الدوحة وكان العميل يستهدف الحصول على 10 ملايين يورو مقابل خدماته.

وتحدثت تقارير عن قيام إناكر، الذي سبق وأن عملت شركته مع قطر، بإخبار بعض الدبلوماسيين القطريين بهذه المعلومات وقام بالتوسط لعقد لقاءات بين جاسون ودبلوماسي قطري في بروكسل اعتباراً من مطلع العام 2019.

ولاقى جاسون ترحيبا من قبل الدبلوماسي القطري لعرضه المساعدة وشراء المعلومات التي جمعها متعهداً بالتصرف ضد الأشخاص الواردة أسمائهم في الملف.

وظلت قطر على مر السنوات الثلاث الماضية تنكر صلتها بتمويل الإرهاب وتهديد أمن بلدان المنطقة حيث رفضت التجاوب مع مطالب جيرانها السعودية والإمارات والبحرين وأيضا مصر، وهي الدول التي قاطعتها بسبب صلاتها مع الجماعات المصنفة إرهابية في الدول الأربع وفي الولايات المتحدة وأوروبا، إلى أن تنفذ ما طلب منها من قطع الصلة بالإرهاب، والكف عن التحريض الإعلامي ضد أمن الدول.

وكان الشيخ فهد بن عبدالله آل ثاني، وهو ابن عم امير قطر الشيخ تميم، قد انتقد في السابق الدور الخطير الذي أصبحت تلعبه قطر لمويل الجماعات الإرهابية مشيرا إلى أن الدوحة أخذت على عاتقها تمويل حزب الله بملاييين الدولارات لاستمرار أعماله التخريبية بعد أن صارت إيران غبر قادرة على تمويل الجماعة الشيعية اللبنانية بسبب ظل الأزمة التي تعاني منها وتضييق الولايات المتحدة الخناق عليها عن طريق تشديد العقوبات.

gf
حزب الله يجرّ قطر إلى عقوبات في الأفق

وقالت "دي تسايت" إن قطريين وقعوا في يوليو 2019 مذكرة تفاهم مع العميل جاسون تنص على حصول الأخير على راتب شهري لمدة عام قدره 10 آلاف يورو كمستشار مع تعهد قطري بألا يتم ملاحقته كجاسوس أو مشاركة المعلومات التي جمعها مع دول أخرى .

كما أفادت الصحيفة الألمانية أن شركة إناكر "WMP" وقعت في صيف العام الماضي عقدين مع شركة صغيرة خاصة يمتلكها جاسون للقيام بأعمال بينهما فيما يتعلق بقطر تتضمن عمولات للجانبين.

وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات القطرية والسفارة في برلين لم تعلق بالتفصيل عندما طلبت منها ذلك لكن متحدث باسم الحكومة أدلى بتصريح عام يزعم مكافحة الإمارة الخليجية الصغيرة بحزم تمويل الإرهاب.

وحول الحديث عن عقد اتفاق لعدم الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بحزب الله مع القطريين بقيمة 750 ألف يورو، أنكر إناكر الأمر لكنه أقر بأنه سمع عنه فقط، مشيرا إلى إمكانية استفادة أعداء قطر من المعلومات إعلامياً ضدها وهو الأمر الذي يناقض قوله إنه لا يعمل على إخفاء معلومات عن تمويل حزب الله عبر عقد مقابل صمته.

يذكر أن قطر تواجه اتهامات بدعم الإرهاب أيضا أمام القضاء الأميركي ففي يونيو الماضي قدم محام أميركي دعوى قضائية في مدينة نيويورك ضد عدد من المؤسسات القطرية من قبل أسر ضحايا الإرهاب الأميركيين.

ورفع المحامي الأميركي ستيفن بيرل، الذي رفع العديد من الدعاوى القضائية المتعلقة بالإرهاب نيابة عن عائلات ضحايا هجمات انتحارية نفذتها فصائل فلسطينية تحظى بدعم مالي سخي من الدوحة، في خطوة وصفها مراقبون بأنها بداية فعلية في الولايات المتحدة لتحريك ملفات الدعم القطري لجماعات مصنفة إرهابية في دول كثيرة بالشرق الأوسط.

 ومن بين موكلي بيرل عائلة تايلور فورس، وهو جندي أميركي قتلته حماس عام 2016.

وبحسب صحيفة “واشنطن فري بيكون” الأميركية التي نقلت تفاصيل الدعوى القضائية، فإن مؤسسة قطر الخيرية تثار حولها اتهامات بكونها مصدرا رئيسيا لتمويل الجماعات الإسلامية المتشددة في مناطق كثيرة تحت ستار العمل الخيري.

وأشارت الصحيفة إلى أن مؤسسة قطر الخيرية وزعت، بين مارس وسبتمبر 2015، ما لا يقل عن 28 مليون دولار على التنظيمات التابعة لها في الأراضي الخاضعة للسيطرة الفلسطينية، وفقا للدعوى. كما تشير الوثائق الداخلية من مؤسسة قطر الخيرية التي تمت ملاحظتها في الدعوى إلى أنها تقوم بتحويل أموال إلى حركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين منذ عام 2013.

وبحسب الدعوى القضائية، فقد عملت قطر الخيرية مع مصرف الريان وبنك قطر الوطني، اللذيْن يسيطر عليهما أفراد من العائلة الحاكمة، لإرسال ملايين الدولارات إلى حركة حماس.

ويخضع مصرف الريان حاليًا للتحقيق في المملكة المتحدة بزعم مساعدته لمؤسسة قطر الخيرية على إرسال أموال إلى حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين.