أردوغان مدفوعا بالجرح الانتخابي، يخطط للإطاحة بإمام أغلو

حزب العدالة والتنمية يستهدف رئيس بلدية اسطنبول بحملة شرسة ذهبت بعيدا في انتقاد إجراءاته، إلى التهديد بـ"تدميره" في خطة تعيد للأذهان سيناريو إقصاء خصوم سابقين بذريعة صلات بجماعات إرهابية.

أردوغان يخطط لانقلاب ثان على نتائج الانتخابات البلدية
وزير داخلية أردوغان يهدد بـ"تدمير" رئيس بلدية اسطنبول
أردوغان يشهر ورقة "الإرهاب" لإزاحة أكرم إمام أغلو
شخصية أردوغان تميل أكثر للعنف السياسي منها لإدارة ديمقراطية الدولة
أردوغان ماض في خطة استبدال رؤساء بلديات من المعارضة بآخرين من حزبه  

أنقرة - يخطط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على ما يبدو لـ"انقلاب" ثان على نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة التي مني فيها حزبه بهزيمة مذّلة أمام مرشح المعارضة أكرم إمام أغلو الذي أصبح منذ فترة في مرمى التهديدات والوعيد وهي سياسة دأب أردوغان والوزراء المقربون منه على انتهاجها حين يتعلق الأمر بالتخطيط لإزاحة منافس شديد على غرار ما حدث في السابق مع صلاح الدين ديمرتاش الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والمحتجز بتهم تتعلق بالإرهاب يصفها معارضون بأنها "كيدية وسياسية".

وقد فشلت كل محاولات أردوغان للانقلاب على نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة بما في ذلك الطعون الانتخابية وإعادة الانتخابات ولم يبق أمامه من خيار إلا التلويح بورقة "الإرهاب" التي يستخدمها في كل مرّة لإقصاء خصومه.

وفي أحدث فصل من فصول التخويف والترهيب، هدد وزير الداخلية التركي سليمان صويلو اليوم الثلاثاء بـ"بتدمير" رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو بسبب دعمه لثلاثة رؤساء بلديات أكراد استبدلوا بمسؤولين من حزب العدالة والتنمية بذريعة أن لهم  صلات بالإرهاب بعد أقل من خمسة أشهر من انتخابهم.

واستبدلت الحكومة التركية الشهر الماضي رؤساء بلديات من حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد في ديار بكر ووان وماردين بمسؤولين حكوميين واعتقلت أكثر من 400 شخص للاشتباه في صلاتهم بمقاتلي حزب العمال الكردستاني في خطوة انتقدها المعارضون بحدة.

وانتقد أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية اسطنبول هذه الخطوة ووصفها بأنها غير قانونية وتتعارض مع الديمقراطية وطلب العدول عنها.

وكان إمام أغلو قد ألحق بالرئيس رجب طيب أردوغان أكبر هزيمة في تاريخه السياسي عندما هزم حزب العدالة والتنمية في الانتخابات المحلية في يونيو/حزيران.

أردوغان لم ينس الهزيمة المذلّة في الانتخابات البلدية التي لحقت بحزبه وهزّت عرشه
أردوغان لم ينس الهزيمة المذلّة في الانتخابات البلدية التي لحقت بحزبه وهزّت عرشه

وزار رئيس بلدية اسطنبول والعضو في حزب الشعب الجمهوري الذي دعمه حزب الشعوب الديمقراطي في انتخابات يونيو/حزيران في مطلع الأسبوع بلدة ديار بكر الكردية للقاء اثنين من رؤساء البلديات المطاح بهم.

ويتهم أردوغان وحكومته حزب الشعب الجمهوري أكبر أحزاب المعارضة التركية بأن له صلات بحزب العمال الكردستاني المصنف جماعة إرهابية في تركيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. وينفي حزب الشعب الجمهوري وجود هذه الصلات.

وقال وزير الداخلية سليمان صويلو متحدثا في إقليم بورصة في شمال شرق البلاد إن عزل رؤساء البلديات الثلاثة الذين انتخبوا في أواخر مارس/آذار تم في إطار القانون.

وقال عن إمام أوغلو "جاهل. اعرف مكانك واعرف حدودك"، مضيفا "هذا البلد يتعامل مع ذلك التنظيم الإرهابي منذ 40 عاما... إذا تدخلت في شؤون خارج اختصاصات عملك سندمرك".

وجاءت هذه التصريحات بعد أسبوع من إعلان إمام أوغلو أن بلدية اسطنبول ألغت تحويل أكثر من 350 مليون ليرة (61 مليون دولار) لبعض المؤسسات التابعة لحزب العدالة والتنمية في أول خطوة يتخذها ضد أردوغان منذ انتخابه.

وتثير الانتقادات التي يوجهها أردوغان ووزراء في حكومته، مخاوف من أن الرئيس التركي الذي يحاول لملمة جراحه بعد الهزيمة المذّلة، يسعى للإطاحة برئيس بلدية اسطنبول وأن التصعيد الأخير ضد أكرم إمام أغلو ليس إلا مقدمات لتحرك أوسع ضدّه.

ولا يختلف هذا السيناريو عن سيناريوهات سابقة نفذها أردوغان لإزاحة خصومه بذريعة صلاتهم بـ"الإرهاب"، فقد حرك في السابق أجهزته الأمنية والقضائية لتضييق الخناق على إعلاميين وكتاب وسياسيين ونواب موالين للأكراد مثل ديمرتاش وانتهت الحملة بالزج بهم في السجن.

والأحد الماضي وجّه أردوغان انتقادات شديدة لإمام أغلو قائلا "يتواصل رئيس بلدية إسطنبول مع أولئك الذين لهم صلات بالإرهاب في ديار بكر"، في إشارة إلى أكبر مدينة في جنوب شرق تركيا الذي تقطنه أغلبية كردية وإحدى ثلاث مقاطعات يغلب على سكانها الأكراد تم إقصاء رؤساء بلدياتها الشهر الماضي بسبب ما قالت الحكومة إنها صلات بجماعات إرهابية.

الانتقادات التي يوجهها أردوغان ووزراء في حكومته تثير مخاوف من أن الرئيس التركي الذي يحاول لملمة جراحه بعد الهزيمة المذّلة، يسعى للإطاحة برئيس بلدية اسطنبول وأن التصعيد الأخير ضد أكرم إمام أغلو ليس إلا مقدمات لتحرك قمعي أوسع 

وتابع "أولئك الذين لا يستطيعون اتخاذ موقف ضد الإرهاب لا يمكن أن يشغلوا منصب رئيس بلدية أو يعملوا بالسياسة".

ويعمل الرئيس التركي منذ توليه السلطة وتعزيز صلاحياته الرئاسية التنفيذية، على إفراغ مؤسسات الدولة من المسؤولين المنتمين لأحزاب معارضة واستبدالهم بآخرين من العدالة والتنمية لتعزيز هيمنته.

ويقول محللون إن استبعاد رؤساء البلديات في ديار بكر ما هي إلا مقدمة لحملة أوسع لا تختلف عن تلك التي أعلنها عقب محاولة الانقلاب الفاشل في صيف العام 2016 والتي شملت اعتقال الآلاف من الموظفين والعسكريين والأكاديميين بتهمة الانتماء لمنظمة فتح الله غولن الذي تتهمه حكومة أردوغان بالوقوف وراء المحاولة الانقلابية.

ويرى المتابعون لسياسات الرئيس التركي ولشخصيته الميالة بشدّة للنزعة الاستبدادية ، أنه لم ينس الصفعة التي تلقاها في الانتخابات البلدية وسيعمل حتما على الانتقام من خصومه على طريقته، في إشارة إلى استخدامه ورقة "الصلة بالإرهاب" لتصفية معارضيه وأن أكرم إمام أغلو لن يكون بمنأى عن تلك السياسة الانتقامية.

وأثار إمام اغلو غضب أردوغان وحزبه حين اتخذ قرارات جريئة للحد من نفوذ العدالة والتنمية الحاكم في إسطنبول شملت طرد 1200 موظف تم تعيينهم قبل توليه منصبه وإلغاء تمويل بقيمة تزيد على 60 مليون دولار لمؤسسات مرتبطة بالحزب الحاكم.