أردوغان يخالف كل المؤشرات بالحديث عن صمود الاقتصاد

الرئيس التركي يتحدث عن انجازات لحكومات حزب العدالة والتنمية في وقت يعاني فيه الاقتصاد تراجعا مستمرا مع استفحال الأزمة السياسية.

أنقرة - يظهر ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان يعيش في جزيرة منعزلة بالحديث عن صمود اقتصاد بلاده في وقت تتحدث فيه كل التقارير والمؤشرات عن ازمة خانقة ستؤثر على الوضع الاجتماعي لملايين الاتراك.

وقال اردوغان في كلمة له السبت، أثناء حضوره مهرجان "تكنوفيست" لتكنولوجيا الطيران والفضاء، المقام في مدينة إسطنبول إن اقتصاد بلاده "ما زال صامداً بقوة رغم كل الهجمات التي تعرضنا لها".
وعد الرئيس التركي ما اعتبره انجازات في عهده سواء تعلق الامر بالتطور التكنولوجي او الاستثمار او الابتكار والتطوير مبينا أن حكومات حزب "العدالة والتنمية" حطمت سلاسل التخلف واحداً تلوا الآخر، وقدمت خدمات للبلاد منذ 17 عاماً، وحققت إنجازات كبيرة في مختلف المجالات.

لكن حديث اردوغان يخالف ما نشرته التقارير الدولية حول المشاكل والكبوات التي يعاني منها الاقتصاد والتي اثرت على المقدرة الشرائية للمواطن.

وآخر هذه الكبوات هو إعلان هيئة الإحصاء التركية الاثنين ارتفاع نسبة البطالة في حزيران/يونيو الماضي بنسبة 2.8 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لتصل إلى 13 في المئة.

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن الهيئة أن عدد العاطلين عن العمل، في المرحلة من 15 عاما فأعلى، ارتفع في حزيران/يونيو على أساس سنوي بواقع 938 ألفا، ووصل إلى أربعة ملايين و253 ألفا.

وأوضحت البيانات أن نسبة البطالة ارتفعت في حزيران/يونيو بنسبة 0.2  في المئة مقارنة بأيار/مايو الماضي حيث أوضحت أن البطالة في صفوف الشباب، سجلت 24.8 في المئة بارتفاع نسبته 5.4 في المئة.

وبالتالي يشهد الاقتصاد التركي في ظل المؤشرات التي تنبأ بالانهيار، انكماشا غير معهود في السنوات الأخيرة، حيث تناقض الأرقام السيئة المستمرة ما يروج من أرقام مضللة بأن تركيا من أكبر اقتصادات العالم.

وبخلاف ما يتحدث عنه اردوغان والقادة الأتراك يسجل اقتصاد تركيا انحدارا حادا مقارنة بالسنوات الماضية واخر التطورات السلبية الرفع في أسعار البنزين.

الاقتصاد التركي
وكالات التصنيف الائتماني الدولية تكشف حجم الازمة الاقتصادية في تركيا

وتصرح وزارة الخزانة والمالية التركية التي يديرها بيرات البيرق صهر الرئيس ، بأن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في تركيا بلغ تسعة آلاف و632 دولارا وهو أقل بقليل عما كان عليه في 2007، وأقل أيضا من دول أوروبية باستثناء دول البلقان.

وساهم ارتفاع التضخم في تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، في وقت تحاول تركيا التراجع عن سياساتها النقدية لمواجهة الأزمة المالية.

وتمتلك تركيا حاليا سادس أعلى معدل تضخم في العالم، وهو رقم يحيد بتركيا عن الاقتصادات النامية وحتى المتوسطة.

وفي الوقت ذاته يرتفع معدل البطالة بتركيا ليصل إلى 12.8 بالمئة خلال مايو/أيار الماضي، وهو الرقم الأعلى منذ وضع حزب العدالة والتنمية قبضته على الحكم في العام 2002.

وفي سياق المؤشرات السلبية تكشف بيانات التجارة أيضا، صورة أوضح عن تركيا المتأزمة اقتصاديا، فقد تراجع حجم الواردات من الآلات والمعدات، ليعود لمستويات العام 2008 التي تعكس اضطراب قطاع الصناعات التحويلية.

وفي وقت يشير فيه وزراء أتراك إلى وجود فائض تجاري، فإن الفائض هو نتيجة لانخفاضات في حجم واردات الطاقة والسلع الوسيطة سببه تراجع قيمة الليرة وليس جراء زيادة حجم الصادرات.

ويثير انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر أحد مصادر القلق الأخرى للحكومة التركية التي بلغت باقتصاد البلاد مرحلة حرجة، فقد هبط الاستثمار الأجنبي إلى 13 مليار دولار العام الماضي بعد أن وصل مستوى ذروة عند 22 مليار دولار في 2007.

ويرى خبراء بأن خطر إجمالي حجم الدين الخارجي المستحق يحوم حول تركيا، ما قد يزيد في جرعة المشكلات الاقتصادية المتكاثرة.

وكان إجمالي حجم الدين الخارجي المستحق 130 مليار دولار عام 2002، إلا أنه وصل خلال العام الحالي إلى 453 مليار دولار منها 119 مليار دولار ديون مستحقة للدفع في أجل قصير.

وبلغ مجموع الديون الخارجية المستحقة على القطاع الخاص في العام 2019 نحو 334 مليار دولار. كما يصل حجم القروض القصيرة الأجل من الديون لمستحقة على القطاع الخاص، إلى 90 ملياردولار، في وقت يصل إجمالي ديون القطاع العام القصيرة الأجل 24 مليار دولار.

واستدعت هذه الأرقام تساؤل وكالات التصنيف الائتماني الدولية، عن كيفية تسديد تركيا ديونها الخارجية المتراكمة في ظل استمرار معدل البطالة.

القدرة الشرائية للمواطن التركي تاثرت بسبب الازمة الاقتصادية
القدرة الشرائية للمواطن التركي تاثرت بسبب الازمة الاقتصادية

وتاثر الاتراك سلبا بهذا الوضع الاقتصادي الكارثي ما دفع بعدد منهم الى الاقدام على الانتحار حرقا وهو ما رصدته بعض وسائل الاعلام التي كشفت زيف الارقام التركية حول تحسن الاقتصاد ورفاهية المواطن التركي.

ويمثل الشباب التركي عقدة حقيقة للرئيس اردوغان خاصة مع الاحتجاجات المتتالية التي تخوضها تلك الفئة مع تنامي البطالة وانسداد الأفق أمامها.

فالشاب التركي يشعر بخوف شديد من مستقبل مظلم كرسه اردوغان خاصة وان حدود البلاد تشهد اضطرابات سواء تعلق الأمر بملف الأزمة السورية وتدفق اللاجئين الذين باتوا يزاحمونها في فرص العيش ورحلة البحث عن عمل او فيما يتعلق بملف الحريات التي بات يتراجع تدريجيا مع تشديد القبضة الأمنية والقضائية في تركيا.

ويأتي تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل تواصل انهيار الليرة التركية، التي فقدت أكثر من 30 في المئة من قيمتها خلال 3 سنوات.

وعوض ان يبادر الرئيس التركي الى مواجهة الأزمة الاقتصادية التي خلفتها سياساته الداخلية والخارجية المتهورة عمد اردوغان الى شراء مجموعة من السيارات الفارهة لتضاف الى أسطوله من السيارات.

وقالت صحيفة زمان التركية الأحد ان رئاسة الجمهورية التركية اشترت 4 سيارات من نوع مرسيدس حيث تم تحصينها لكي تكون مضادة للرصاص.

ونقلت الصحيفة عن موقع "Avrupa Postas" الإخباري، أن عملية الشراء انتهت قبا اريعة اشهر على وجه التقريب وأن السيارات الأربع تم تدريعها بـ9 طبقات مضادة للرصاص.

واكد الموقع أن احد شركات الشحن التركية قامت بعملية توريد السيارات وأن القنصلية التركية في شتوتغارد وقفت وراء عملية ايصالها الى انقرة.

وتشير مصادر ان ثمن  صفقة السيارات الأربع تصل الى قرابة 80 مليون ليرة تركية.

واثار القرار جدلا واسعا في تركيا حيث يطالب الرئيس التركي شعبه بالتقشف بسبب تدهور الاقتصاد وانهيار الليرة لكنه في المقابل يقوم باستيراد السيارات الاجنبية بالعملة الصعبة لدعم أسطول سياراته الفخمة.

ورغم الأزمة يكابر اردوغان جميع التقارير الدولية والمحلية التي تتحدث عن ازمة تعيشها تركيا بسبب السياسات الصدامية للقيادة التركية سواء تعلق الامر بالملفات الداخلية او الخارجية حيث يعتبر الوضع الحالي مستقرا ولا يحتاج لتغييرات.

الهزيمة في انتخابات بلدية اسطنبول كشفت عن ازمة داخل حزب العدالة والتنمية
الهزيمة في انتخابات بلدية اسطنبول كشفت عن ازمة داخل حزب العدالة والتنمية

وفي هذا الإطار يرفض الرئيس التركي القيام باية تعديلات وزارية بحجة ان الأوضاع هادئة في غيبوبة واضحة تعيشها السلطات التركية.

وتزيد الازمة السياسية التي يعيشها حزب العدالة والتنمية المهدد بالتفكك مع خروج قيادات بارزة على فرار رئيس الوزراء السابق احمد داوود اوغلو من الوضع الصعب للرئيس التركي.

وتفيد تقارير صحفية في الأيام الأخيرة بخسارة حزب العدالة والتنمية أغلبيته البرلمانية، بعد أن تتالت الاستقالات من حزب العدالة والتنمية رفضا لسياسات الرئيس.
وتعمقت موجة الاستقالات من حزب العدالة والتنمية عقب الخسارة التي لحقت بالحزب في الانتخابات المحلية لهذا العام، حيث خسر 11 بلدية كبيرة فازت بها المعارضة.

ومثلت الهزيمة في أكبر المدن التركية بما فيها أنقرة واسطنبول الأكثر اكتظاظا بالسكان، نكسة قاسية لحزب العدالة والتنمية، تسارعت على إثرها وتيرة معارضة أردوغان داخل الحزب، ما دفع تحرك أسماء بارزة سابقة في الحزب لتشكيل حزبين سياسيين جديدين.