أردوغان يختزل كل علل تركيا في 'مؤامرات خارجية'

الرئيس التركي يقفز على كل الحقائق والأسباب العلمية للأزمة الاقتصادية في بلاده، زاعما أن "الجهات التي لم تستطع استنزاف تركيا في سوريا وليبيا لجأت إلى استخدام سلاح الاقتصاد بشكل متزايد".
مصر واليونان وقبرص وفرنسا تدين التدخل التركي في ليبيا
أردوغان يسوق نظرية المؤامرة لتبرير إخفاقاته السياسية والاقتصادية
تركيا تدفع ثمن مغامرات أردوغان العسكرية

إسطنبول/القاهرة - اختزل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اليوم الاثنين كل علل الاقتصاد والأزمة المالية التي تتربص ببلاده على وقع التدخلات الخارجية وتسميم العلاقات مع الحلفاء والشركاء العرب والغربيين، في مؤامرات تحاك لضرب الاقتصاد التركي.

وتجاهل أردوغان في كلمة عقب ترأسه اجتماعا للحكومة عبر تقنية الفيديو كونفرانس، كل التحذيرات المحلية من خبراء الاقتصاد والسياسية من أن سياساته تدفع الاقتصاد التركي إلى حافة الهاوية، مركزا فقط على من سماه "محور الأعداء" الذي زعم أن مصدره الخليج.

ولم تكن تصريحات أردوغان بمضامينها وبالمبررات التي ساقها استثناء في حملة لم تهدأ منذ دخل الاقتصاد التركي في حالة ركود وتعرضت الليرة التركية لهزات عنيفة على وقع تدخله في سوريا وليبيا وتأجيجه التوتر مع الأوروبيين في شرق المتوسط بإصراره على تنفيذ عمليات تنقيب عن النفط والغاز خارج أطر الشرعية القانونية.

وقال الاثنين، إن بلاده لن تخلي الساحة لمن وصفها بـ"قوى الشر"، انطلاقا من المنظمات الإرهابية وصولا إلى "محاور العداء التي مصدرها الخليج".

وتابع "لن نخلي الساحة لأي من قوى الشر انطلاقا من منظمة غولن إلى بي كا كا ومن اللوبيات الأرمنية والرومية وصولا إلى محاور العداء التي مصدرها الخليج"، مضيفا "ندرك جيدا المآرب الخبيثة وراء المكائد التي تستهدف اقتصادنا".

وادعى أن "الجهات التي لم تستطع استنزاف تركيا في سوريا وليبيا مثلما تشاء، لجأت إلى استخدام سلاح الاقتصاد بشكل متزايد" وأن "أنقرة ستواصل إفشال مخططات الذين يتوهمون أنهم قادرون على هدم اقتصاد تركيا عن طريق استخدام مؤسسات مالية في الخارج وحشرها في الزاوية"، مضيفا أن هؤلاء "سيجرون أذيال الخيبة مجددا".

وقال إن التحقيق مستمر حيال الهجوم الذي تعرضت له الليرة التركية قبل عدة أيام من قبل 3 بنوك تتخذ من لندن مركزا لها، في تصريح يأتي بعد يوم من إعلان رئيس هيئة التنظيم والرقابة المصرفية في تركيا محمد علي أقبن، أن مؤسسته ستواصل التصدي بحزم لمحاولات التلاعب بسعر صرف الليرة.

كما تأتي تصريحات الرئيس التركي بعد أن قالت وكالة الأناضول التركية للأنباء الخميس الماضي، أنها علمت من مصادر مصرفية تركية، أن بعض المؤسسات المالية في لندن تقوم بشراء العملات الصعبة من السوق دون أن يكون لديها سيولة من الليرة التركية.

وكانت مصادر من المعارضة وخبراء اقتصاد قد حذّروا مرارا أن سياسات الرئيس التركي وتدخلاتها في السياسة النقدية ومحاولة السيطرة على المؤسسات المالية وعلى رأسها البنك المركزي، إضافة إلى مغامراته العسكرية في كل من سوريا وليبيا تدفع باقتصاد البلاد إلى حافة الانهيار.

ويواصل أردوغان معركة خفض سعر الفائدة، معتبرا أن ارتفاع نسبة التضخم والمشاكل الاقتصادية ناجمة أساسا عن لوبيات تعمل على رفع نسبة الفائدة، متجاهلا تحذيرات من أن الخطوة التي تهدف إلى تشجيع الأفراد على الاقتراض ستفرغ خزائن البنوك.

وكان لافتا منذ الموجة الأولى لانهيار قيمة الليرة في 2018 وفي 2019 وأيضا في العام الحالي، أن المعارك التي فجرها أردوغان مع الحلفاء الأوروبيين ومع الولايات المتحدة من أكثر أسباب الانخفاض القياسي للعملة التركية.

أكد أردوغان الاثنين أن بلاده ستواصل الدفاع بكل حزم عن حقوقها ومصالحها في شرق المتوسط وقبرص وبحر إيجة، في إشارة إلى عمليات التنقيب عن النفط والغاز التي أدانتها عدة دول أوروبية وعربية.

وفي تطور آخر، أدانت كل من مصر واليونان وقبرص وفرنسا الاثنين بشدة التدخل العسكري التركي في ليبيا.

ودعت تلك الدول في بيان مشترك تركيا إلى احترام القرار الأممي الذي يحظر السلاح على ليبيا. وطالبت أيضا أنقرة بوقف إرسال المقاتلين الأجانب (المرتزقة) من سوريا إلى ليبيا، معتبرة أن ذلك يشكل تهديدا لاستقرار دول الجوار الليبي في أفريقيا وأيضا في أوروبا.

وتأتي هذه الإدانة على اثر اجتماع عقده وزراء خارجية مصر وقبرص واليونان وفرنسا إلى إضافة لوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد عبر الفيديو ناقشوا فيه التطورات المُثيرة للقلق في شرق البحر المتوسط وعدد من الأزمات الإقليمية التي تُهدد السلام والاستقرار في تلك المنطقة.

وعقد الاجتماع في إطار صيغة "1 + 3" بناء على مشاورات مسبقة وتنسيقا دوري بين الدول المعنية.

وعبر الوزراء في بيانهم عن قلقهم العميق من استمرار التصعيد العسكري في ليبيا، داعين أطراف الأزمة إلى التزام هدنة في رمضان وضرورة العمل على إيجاد حل سياسي شامل للأزمة تحت رعاية الأمم المتحدة واستنادا لمخرجات مؤتمر برلين.

وشددوا أيضا على أن مذكرة التفاهم الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني المتعلقة بترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط تنتهك الحقوق السيادية للدول المعنية ولا تتفق مع قانون البحار ولا يمكن أن تترتب عليها أي آثار قانونية تخص الدول الثالث.

ونددوا بالتحركات التركية غير القانونية في المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية قبرص ومياهها الإقليمية باعتبارها انتهاكا صريحا للقانون الدولي ولاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.

وأدان الوزراء أيضا الانتهاكات التركية للمجال الجوي اليوناني بما في ذلك التحليق فوق المناطق المأهولة والمياه الإقليمية، منددين كذلك بالاستغلال المُمنهج للمدنيين من قبل تركيا والسعي لدفعهم نحو عبور الحدود البرية والبحرية اليونانية بشكل غير شرعي.