أردوغان يستنسخ تجربة ميليشيا الباسيج الإيرانية

أوساط تركية تتساءل عن حاجة النظام لتوسيع صلاحيات قوة 'الحراس' واستنساخ تجربة إيران في تشكيل قوة لحراسة ثورة الخميني وأذرع أمنية ميليشاوية، ما لم يكن يخطط لتعزيز قبضته الأمنية.
المعارضة التركية تعبر عن مخاوفها من تعزيز صلاحيات قوة أمنية ميليشاوية
قوة 'الحراس' ميليشيا أردوغان لقمع الخصوم السياسيين والمحتجين
أردوغان يعزز صلاحيات قوة 'الحراس' خدمة لطموحاته السلطوية

أنقرة - تُخيم على تركيا مخاوف من حملة قمع ممنهجة ضد خصوم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي لم يكتف بتطويع الأجهزة الأمنية لخدمة طموحاته السلطوية فحسب بل عمد إلى الدفع إلى تعزيز صلاحيات جهاز أمني شبه نظامي قوامه 28 ألف عنصر على غرار ميليشيا الباسيج ذراع القمع التي يستخدمها الحرس الثوري الإيراني لترهيب المناوئين للنظام الديني السياسي المتشدد.

وتشير مصادر سياسية تركية إلى أن الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي تعتزم منح المزيد من الصلاحيات للقوة الشرطية شبه النظامية المؤلفة من آلاف العناصر، وسط قلق أحزاب المعارضة والهيئات الحقوقية من ولاء تلك القوة للرئيس أردوغان وحزبه وليس للدولة.  

ومن المقرر أن تطرح الحكومة التركية الجمعة مشروع قانون في البرلمان الذي يهيمن عليه حزب العدالة والتنمية، لتعزيز صلاحيات قوة 'الحراس'، فيما يتوقع أن تحصل على مصادقة البرلمان لتكون قوة داعمة لأذرع النظام الأمنية والقمعية ضد المحتجين.

وتقول أنقرة إن هذه القوة ستدعم جهود الشرطة في مقاومة الجريمة والتصدي للأعمال الإجرامية، بينما لم تتضح طبيعة تدخلاتها وطبيعة الأنشطة الإجرامية التي ستقاومها.

 

ما حاجة تركيا التي لديها أجهزة أمنية قوية لجهاز أمني ميليشاوي
ما حاجة تركيا التي لديها أجهزة أمنية قوية لجهاز أمني ميليشاوي

ووظف الرئيس التركي قانون الطوارئ وقانون مكافحة الإرهاب في تضييق الخناق على الحريات وفي قمع معارضيه، حيث تعج السجون التركية بالعشرات من المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي، بموجب حالة الطوارئ وقانون الإرهاب.

ومن غير المستبعد أن توظف الحكومة التركية قوة 'الحراس' الشرطية في قمع المعارضة والحريات على غرار ما تفعله ميليشيا الباسيج والحرس الثوري في إيران.

وستتمتع قوة 'الحراس' بسلطات جديدة من ضمنها إجبار الأتراك على إظهار هوياتهم وتنفيذ عمليات تفتيش ذاتية، فيما سيتلقى أفردها تدريبا على استخدام الأسلحة النارية وكذلك تأهيلا حول احترام حقوق الإنسان، إلا أن المعطى الأخير بلا أهمية تذكر في تركيا التي شهدت ولاتزال أسوأ حملة قمع على الإطلاق منذ محاولة الانقلاب الفاشل على أردوغان في صيف العام 2016.

وموضوع احترام حقوق الإنسان والتعددية الديمقراطية والحريات وحرية التعبير مسألة خلافية بين أنقرة والاتحاد الأوروبي الذي ندد مرارا بحملة قمع ممنهج، محذرا من أن ممارسات النظام تبعد تركيا أكثر فأكثر عن تركيا دولة القانون.

وتنظر دول وهيئات أوروبية لممارسات النظام التركي بريبة كبيرة مع توظيفه إمكانيات ومقدرات الدولة في خدمة أجندة حزبية وطموحات سلطوية شخصية على حساب تركيا الدولة وعلى حساب الشعب التركي.

وتتساءل أوساط تركية عن حاجة النظام لتوسيع صلاحيات قوة 'الحراس' واستنساخ تجربة إيران في تشكيل قوة لحراسة ثورة الخميني وأذرع أمنية ميليشاوية، ما لم يكن يخطط لتعزيز قبضته الأمنية وتهريب خصومه.

أجهزة أمن أردوغان دولة داخل الدولة
أجهزة أمن أردوغان دولة داخل الدولة

وتعرض نشطاء أتراك في السنوات الماضية للضرب والتعذيب والسحل في الشارع على أيدي عناصر أمنية موالية للنظام أغلبهم بزي مدني، فيما تعرضت مقرات ومكاتب وسائل إعلام معارضة للنظام للاقتحام وتخريب ما فيها من معدات ومصادرة ممتلكات.

وبلغ القمع في تركيا ذروته في صيف العام 2016 على اثر محاولة انقلابية فاشلة، وظفها النظام لتصفية خصومه السياسيين وقمع الحريات، حيث أن من ينتقد أداء الحكومة وسياسات الرئيس التركي بات معرضا للاعتقال والسجن والتعذيب والحرمان من الرعاية الطبية بدعوى إما الانتماء لشبكة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل أو بدعم الإرهاب في حال انتقاد قمع الأقليات مثل أكراد تركيا أو التدخلات العسكرية الخارجية.

ويعكف الحزب الحاكم في تركيا على إعداد مشاريع قوانين تصب كلها في خدمة الطموحات السلطوية للرئيس رجب طيب اردوغان والأجندة الحزبية الأيديولوجية مستغلا هيمنته على البرلمان لتمرير تلك المشاريع فإلى جانب التحرك لشرعنة القمع وتوسيع صلاحيات قوة الحراس، يعد العدالة والتنمية قانونا جديدا تحت 'قانون الأخلاقيات في السياسة' بالإضافة إلى تعديل لقانون الأحزاب السياسية في تركيا.

وهذا الحراك أو التحرك المحموم باتجاه إنتاج معايير سياسية على مقاس الرئيس تحت غطاء قانوني، يستهدف بالدرجة الأولى الإعداد للمعركة الانتخابية القادمة وسط مخاوف من التكتلات والتحالفات السياسية والحزبية التي نشأت مؤخرا مع انشقاق قادة من مؤسسي العدالة والتنمية عن أردوغان وتأسيس حزبين الأول بقيادة رئيس الوزراء الأسبق أحمد داود أغلو والثاني بقيادة الوزير السابق علي باباجان وكان كلاهما من أقرب المقربين من الرئيس التركي.

ويعمل حزب العدالة والتنمية حاليا على قطع الطريق على تكتلات حزبية أو تحالفات بين الحزبين الجديدين وأحزاب المعارضة التقليدية وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري أبرز أحزاب المعارضة.

ويضع حزبا باباجان وداود اغلو عزل أردوغان على رأس أولويتهما، منتقدين سياساته التي أضرت بتركيا الدولة وبعلاقاتها الخارجية.