أردوغان يغري الناخبين بزيادات في الأجور

الملف الاقتصادي من أكثر الملفات التي ستحسم نتائج الانتخابات المقبلة وهو ما يدفع الرئيس التركي لاتخاذ قرارات عشوائية ستؤثر سلبا على المالية العامة بهدف الفوز في الاستحقاق المقبل.
اردوغان قلق من تصاعد شعبية مرشح المعارضة
المسالة الاقتصادية من نقاط ضعف الرئيس اردوغان

أنقرة - أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الثلاثاء، زيادة أجور العمالة الحكومية في البلاد بنسبة 45 بالمئة، اعتباراً من يوليو/ تموز المقبل وذلك في محاولة لاستقطاب الناخبين مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة في 14 مايو/ايار المقبل خاصة وان تركيا تعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة حيث بات انهيار الليرة وارتفاع التضخم وغلاء المعيشة من ابرز تجلياتها.
وقال في كلمة خلال مؤتمر صحفي عقده بالمجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، بمشاركة وزير العمل والضمان الاجتماعي وداد بيلغين، ورؤساء نقابات عمالية إنه مع هذه الزيادة سيرتفع أدنى راتب للعمالة الحكومية إلى 15 ألف ليرة تركية (حوالي 768 دولارا).
وفي سياق متصل، أوضح أن حكومته تقوم أيضا في الوقت الحالي بإعداد خطة لزيادة الحد الأدنى للأجور ورواتب المتقاعدين.
ويعمد الرئيس التركي القلق من خسارة منصبه في مواجهة مرشح تحالف المعارضة كمال كليجدار أوغلو لكسب مزيد من الانصار حيث تمثل المسالة الاقتصادية من المسائل الاكثر حساسية في تركيا اذ تعتبر وفق مراقبين ملفا حاسما من اجل الفوز بالانتخابات.
ورغم ان هذا الملف كان مصدر قوة لاردوغان وحزبه في السنوات الاولى لتوليه السلطة لكن مع تراجع الوضع الاقتصادي في السنوات لعدة اسباب من بينها التدخل في السياسات المالية وتوتير علاقات تركيا بشركائها الاقتصاديين في الغرب وفي منطقة الخليج باتت المسالة الاقتصادية من نقاط الضعف في حكم الرئيس التركي الحالي.
وزادت ازمة وتداعيات الزلزال المدمر وفشل الحكومة التركية في مجاراة الكارثة من تراجع شعبية اردوغان وحزبه في مواجهة المعارضة.
ويبحث اردوغان من خلال القرار الأخير برفع الاجور عن أي انجاز دون النظر في تداعياته المحتملة على استقرار الوضع الاقتصادي وعلى المالية العامة حيث يواجه منافسه كمال قليجدار أوغلو فيما تشير استطلاعات الرأي إلى أن المنافسة شديدة التقارب قد تتطلب جولة إعادة بعد التصويت بأسبوعين.
ويعتبر حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الإسلامية بزعامة أردوغان أن حزب الحركة القومية اليميني هو حليفه الرئيسي. 
ومن المتوقع أن يحصل تحالف المعارضة الذي يضم حزب الشعب الجمهوري العلماني وخمسة أحزاب أخرى على دعم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، وهو دعم جعله يتفوق في بعض استطلاعات الرأي.
وستشهد الساحة منافسة قوية وحاسمة بين مرشحين أبرزهم اردوغان و قليجدار أوغلو
اردوغان
وصعد أردوغان (69 عاما) إلى السلطة قبل 20 عاما بينما كانت تركيا تشهد فجرا جديدا بعد فترة خيم عليها ظلام التضخم، ووعد بحكومة رشيدة تحل مكان الائتلاف المتهم بسوء الإدارة في ذلك الوقت. وفي أوج نجاح أردوغان تمتعت تركيا بازدهار اقتصادي طال مداه ارتفعت خلاله مستويات معيشة سكانها البالغ عددهم 85 مليون نسمة.
وفاز الرئيس الحالي، الأكثر بقاء في السلطة بتركيا، في أكثر من عشر انتخابات، ونجا من محاولة انقلاب في عام 2016. ورسم مسارا للبلاد في إطار رؤيته لمجتمع متدين ومحافظ له كلمة على المستوى الإقليمي، حتى أن المنتقدين يقولون إنه استغل القضاء لقمع المعارضة.
وخلال الحملة الانتخابية يسعى أردوغان إلى استقطاب الناخبين بالترويج لمشروعات ضخمة في البنية التحتية والبناء واستعراض الإنجازات الصناعية في تركيا والتحذير من الفوضى في الحكومة في حالة فوز المعارضة.
زعيم حزب الشعب الجمهوري 
واختار تحالف المعارضة الذي يضم ستة أحزاب قليجدار أوغلو (74 عاما) في مارس/آذار ليكون مرشحه الرئاسي. ولم يتمكن هذا المرشح الذي بقي لفترة طويلة محجوبا خلف ظل أردوغان، من سد الفجوة بين حزبه وحزب العدالة والتنمية في الانتخابات منذ أن تزعم حزب الشعب الجمهوري المنتمي ليسار الوسط في عام 2010.
وحصل الموظف الحكومي السابق على مقعد في البرلمان في عام 2002 ضمن نواب حزب الشعب الجمهوري الذي أسسه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك.
ولجأ قليجدار أوغلو إلى أسلوب شامل لا يقصي أحدا سعيا إلى جذب الناخبين الذين خاب أملهم من خطابات أردوغان وسوء إدارته الاقتصادية. وقدم  المرشح وعودا بالازدهار الاقتصادي وباحترام أكبر لحقوق الإنسان وسيادة القانون.

معارضة قوية استطاعت استثمار اخطاء اردوغان
معارضة قوية استطاعت استثمار اخطاء اردوغان

زعيم حزب الوطن محرم إنجه
ويُنظر إلى محرم إنجه (58 عاما)، وهو مدرس فيزياء ومدير مدرسة سابق على أنه مرشح ليس لديه سوى فرصة ضئيلة في الفوز بالرئاسة. لمع نجمه خلال 16 عاما له في البرلمان بسبب تعليقات هجومية تتحدى أردوغان، كما خاض انتخابات الرئاسة عام 2018 عندما كان المرشح الأول للمعارضة. وحصل على 30.6 بالمئة من الأصوات مقابل 52.6 بالمئة لأردوغان.
سنان أوغان
ليس لدى المرشح سنان أوغان (55 عاما) أيضا فرصة تذكر في الفوز. ودخل الأكاديمي السابق مؤسس مركز توركسام للأبحاث البرلمان في عام 2011 نائبا لحزب الحركة القومية اليميني. وحاول الوصول إلى زعامة الحزب في عام 2015 لكنه لم ينجح في ذلك وتم فصله لاحقا من الحزب.
ولكل مرشح داعموه وحلفاؤه في الانتخابات الرئاسية حيث سيكون الصراع على اشده وفق مراقبين.
وساعد الزعيم القومي المتطرف دولت بهجلي (75 عاما) أردوغان في الحفاظ على قبضته على السلطة بعد دعم مساعيه إلى توسيع الصلاحيات التنفيذية للرئيس (الرئاسة التنفيذية) في استفتاء عام 2017. وبدأ حزب الحركة القومية بزعامة بهجلي، الذي كان في السابق معارضا قويا لأردوغان، التعاون مع الرئيس وحزب العدالة والتنمية بعد محاولة الانقلاب التي شهدتها تركيا في عام 2016. وتشكل الكراهية لحزب العمال الكردستاني والموقف المناهض بشدة للأحزاب الموالية للأكراد جزءا أساسيا من نهج بهجلي.
وتقود وزيرة الداخلية السابقة ميرال أكشينار (66 عاما) ثاني أكبر حزب في تحالف المعارضة، الحزب الصالح الوسطي القومي. وصعدت إلى مكانة أرفع منذ عام 2016 عندما تم فصلها من حزب الحركة القومية بعد قيادة محاولة فاشلة للإطاحة ببهجلي. وتركز على استقطاب الناخبين المحافظين وأولئك الذين خاب أملهم في تحالف حزب الحركة القومية مع حزب العدالة والتنمية.
ولا يزال صلاح الدين دمرداش (49 عاما) زعيم حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد سابقا واحدا من الشخصيات السياسية المهمة على الرغم من أنه يقبع في السجن منذ عام 2016. ويواجه دمرداش عقوبة يحتمل أن تصل إلى السجن المؤبد في قضية اتُّهم فيها بالتحريض على احتجاجات عام 2014 التي أسفرت عن مقتل العشرات.
وسيخوض حزب الشعوب الديمقراطي، الذي أعلن دعمه لقليجدار أوغلو، الانتخابات باسم حزب اليسار الأخضر للتحايل على حظره المحتمل قبيل الانتخابات.
وترك علي باباجان (55 عاما)، نائب رئيس الوزراء سابقا الذي كان حليفا مقربا لأردوغان ذات يوم، حزب العدالة والتنمية في عام 2019 بسبب خلافات حول توجهات الحزب. وأسس حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا) وحث على إجراء إصلاحات لتعزيز سيادة القانون والديمقراطية. ويحظى السياسي الذي تولى منصب وزير الاقتصاد وكذلك منصب الخارجية سابقا بتقدير المستثمرين الأجانب.
وانفصل رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأسبق أحمد داود أوغلو (64 عاما)، عن حزب العدالة والتنمية في عام 2019 وأسس حزب المستقبل. في العقد الأول لحزب العدالة والتنمية في السلطة، دافع داود أوغلو عن سياسة خارجية أقل صدامية رافعا شعار "صفر مشاكل مع الجيران"، وانتقد منذ ذلك الحين ما يصفه بأنه ميل إلى الاستبداد في ظل الرئاسة التنفيذية.
وبعد خمس سنوات من تولي السياسي المنتمي إلى حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو (52 عاما) لمنصب رئيس البلدية في إحدى بلدات إسطنبول، لمع نجم رجل الأعمال السابق في عام 2019 عندما تفوق على مرشح حزب العدالة والتنمية في انتخابات بلدية إسطنبول. وصدر بحقه حكم بالسجن لأكثر من سنتين في عام 2022 لإدانته بتهمة إهانة مسؤولين حكوميين، ويواجه المنع من العمل السياسي حال تأييد الحكم.
وفاز السياسي والمحامي القومي منصور ياواش (67 عاما) مرشح حزب العدالة والتنمية في انتخابات رئاسة بلدية أنقرة عام 2019 التي خاضها مرشحا لحزب الشعب الجمهوري ومدعوما من تحالف للمعارضة. وشغل قبل ذلك منصب رئيس البلدية في بلدة في أنقرة ممثلا لحزب الحركة القومية لعشرة أعوام حتى 2009. وترك حزب الحركة القومية وانضم إلى حزب الشعب الجمهوري في عام 2013.