أردوغان يلحق مؤسسة الإذاعة والتلفزيون برئاسة الجمهورية

الجريدة الرسمية في تركيا تعلن القرار رسميا في خطوة تعزز مساعي الرئيس التركي بشأن السيطرة على وسائل الإعلام وتزيد القيود على الصحافيين وحرية التعبير.

أنقرة - أعلنت الجريدة الرسمية في تركيا، الثلاثاء، إلحاق مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية (تي آر تي) برئاسة الإعلام في رئاسة الجمهورية، في خطوة من شأنها أن تزيد القيود على الإعلام في البلاد ومزيد قمع حرية التعبير خاصة في الانتهاكات المتواصلة للصحافيين بسبب مزاولتهم لمهنتهم.

ونص تعميم من رئاسة الجمهورية التركية على إلحاق "تي آر تي" برئاسة الإعلام في رئاسة الجمهورية، كما قضى التعميم، الذي نُشر الثلاثاء في الجريدة الرسمية، بإلحاق الهيئة العليا للإذاعة والتلفزيون بوزارة الثقافة والسياحة.

ويأتي هذا الإجراء بعد انتقال نظام الحكم في تركيا من البرلماني إلى الرئاسي، بموجب استفتاء شعبي أُجري في أبريل نيسان 2017، أعقبته انتخابات رئاسية وتشريعية في 24 يونيو الماضي، فاز فيها الرئيس رجب طيب أردوغان بنسبة 52.59 بالمئة من الأصوات، ليصبح بذلك أول رئيس للبلاد وفق النظام الرئاسي الجديد.

وتذرع النظام التركي بحالة الطوارئ التي أعلنها عقب المحاولة الانقلابية وقانون الإرهاب ليوسع حملة التضييق على الحريات. إذ أغلقت السلطات التركية وسائل إعلام واعتقلت عشرات الصحفيين المعارضين بينهم صحفيون في جمهورييت وزمان.

صحفيون يحتجون على قمع حرية التعبير في تركيا
رغم الاحتجاج القمع متواصل

وأكدت تقارير منظمة "مراسلون بلا حدود" في تقريرها السنوي، على أن تركيا أصبحت سجنا كبيرا، وقالت إن عدد الصحفيين المسجونين والمعتقلين في العالم سجل خلال العام الماضي، ارتفاعا مرتبطا بالوضع السياسي في تركيا، مشيرة إلى أن معتقلات أردوغان يقبع خلفها الكثير من الصحفيين، وتحتل تركيا المكانة رقم 155 في قائمة تضم 180 دولة أعدتها المنظمة.

وأشار تقرير آخر للجنة حماية الصحفيين، إلى أن هناك قرابة 165 صحفيا محتجزا في السجون التركية حاليا.

وأغلق النظام التركي أيضا ما يزيد على 180 مؤسسة إعلامية ودار نشر في ظل حالة الطوارئ المعلنة بعد محاولة الانقلاب الفاشلة في يوليو عام 2016.

واستمرت محاكمة الصحفيين وسجنهم بسبب عملهم بعد غلق المنافذ الإعلامية عقب محاولة الانقلاب. وتركيا هي أول بلد في العالم من حيث سجن الصحفيين والإعلاميين الذين يواجهون تحقيقات جنائية ومحاكمات، إذ يوجد حوالي 150 من هؤلاء وراء القضبان.

وتفتقر أغلب الصحف والقنوات التلفزيونية إلى الاستقلالية، وهي تدعم الخط السياسي الحكومي.

وانطلقت في 2017 بعض المحاكمات البارزة التي تستهدف صحفيين بتهم تتعلق بالإرهاب، ولها دوافع سياسية. الأدلة المعتمدة في هذه المحاكمات هي كتابة وإعداد تقارير لا تدعو إلى العنف، والاستناد إلى مزاعم غير مُثبتة حول وجود صلات بمنظمات إرهابية أو الضلوع في محاولة الانقلاب. كما استمرت المحاكمات رغم غياب أدلة ذات مصداقية تبرر التهم، ما يؤكد انعدام استقلالية القضاء.

شرطة أمام مقر جريدة جمهوريت
لا مكان للصحف المعارضة في تركيا

وأثناء أول جلسة استماع مخصصة لمجموعة من الصحفيين المتهمين بالانتماء إلى فيتو في مارس/آذار، قررت المحكمة الإفراج عن 21 متهما بكفالة بعد أن بقوا فترة مطولة في الحبس الاحتياطي. ولكن بسبب انتقادات صدرت عن صحفي مساند للحكومة لهذا القرار، تم استئناف قرار الإفراج عن 8 من أصل المتهمين الـ 21، وفُتحت تحقيقات جديدة ضدّ الـ 13 الآخرين. ونتيجة لذلك، لم يُفرج عن أي منهم. وفي وقت لاحق، علّق "المجلس الأعلى للقضاة والمدّعين" عمل القضاة الثلاثة الذين قضوا بإطلاق سراح الصحفيين، مع المدعي العام الذي حضر الجلسة.

في 24 يوليو/تموز 2017، انطلقت محاكمة 19 صحفيا وموظفين وأعضاء من مجلس إدارة صحيفة "جمهوريت" بتهمة الارتباط بفيتو. الصحفي المعروف أحمد شيك واحد من المتهمين الخمسة الذين مازالوا في الحبس الاحتياطي المطوّل.

في قضية أخرى تتعلق بتقرير نشرته جمهوريت حول مدّ أجهزة المخابرات التركية لجماعات المعارضة السورية بالأسلحة ، قضت محكمة في إسطنبول في يونيو/حزيران بسجن أنيس بربر أوغلو، عضو البرلمان عن "حزب الشعب الجمهوري" المعارض، لمدة 25 سنة لأنه قدّم للجريدة فيديو حول الأسلحة. ومازال بربر أوغلو في السجن رغم أن محكمة استئناف ألغت إدانته وأمرت بإعادة محاكمته. كما استمرت محاكمة إيرديم غول، رئيس مكتب جمهوريت في أنقرة، وجان دوندار، رئيس التحرير الأسبق، بسبب مزاعم مماثلة.

صحفيون يحتجون على سجن زملائهم من جمهوريت
اصرار على استمرار الصحافة المعارضة رغم القمع

في سبتمبر/أيلول، انطلقت محاكمة 31 صحفيا وموظفا إعلاميا من صحيفة "زمان" بتهم تتعلق بمحاولة الانقلاب، بعد 14 شهرا من وضع العديد منهم في الحبس الاحتياطي. سيواجه هؤلاء السجن المؤبد إن أدينوا بكتابات لا تدعو إلى العنف.

في 2017 أيضا، حوكم واحتُجز صحفيون أكراد بتهمة الارتباط بـ"حزب العمال الكردستاني" المسلح بسبب عملهم الصحفي. كما حوكم عشرات الصحفيين والشخصيات العامة الذين شاركوا في حملة تضامنية مع صحيفة "أوزغور غونديم" المساندة للأكراد – المغلقة حاليا – بتهمة الدعاية للإرهاب. رغم أن أكثرهم نالوا عقوبات وغرامات مع تأجيل التنفيذ، قضت محكمة في إسطنبول في مايو/أيار بسجن الصحفي والحقوقي مراد تشليكان 18 شهرا. أطلق سراحه بعد شهرين.

استمر أيضا حجب مواقع الإنترنت وإزالة المحتويات الإلكترونية. في أبريل/نيسان، أيد قرار صادر عن محكمة طلبا تقدمت به "هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصال" لحجب موقع "ويكيبيديا" برمته. استحوذت تركيا على 45 بالمئة من الطلبات المقدمة إلى "تويتر" لإزالة محتويات إلكترونية في النصف الأول من 2017.

كما فرضت السلطات حظرا متكررا على التجمعات العامة، وفرّقت مظاهرات سلمية باستخدام العنف.

وتقول المعارضة ودول أوروبية، إن أردوغان يتذرع بمكافحة الإرهاب للتضييق على الحريات وإزاحة خصومه من طريقه. كما أنه استغل محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016 لتصفية الحسابات مع معارضيه.