أردوغان يندد في مزايدة سياسية بأحداث الكونغرس

الرئيس التركي يصف اقتحام الكونغرس الأميركي بأنه وصمة عار للديمقراطية في موقف لا يخرج عن تسجيل موقف سياسي لا غير، فتركيا في عهده مصنفة ضمن أسوأ دول العالم في مؤشرات الديمقراطية والحقوق والحريات.
أردوغان ينقلب على صديقه ترامب قبل أسبوعين من مغادرته البيت الأبيض
أردوغان يلمح لعيوب الديمقراطية في أميركا بينما يقمع هو الحريات في تركيا
أردوغان يقدم مغالطات حول تعامل حكومته مع احتجاجات منتزه غيزي في 2013

اسطنبول - رأى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّ الأحداث التي شهدها الكونغرس الأميركي الأربعاء تمثّل "وصمة عار للديمقراطية"، مضيفاً أنّها "صدمت العالم بأسره"، في تسجيل موقف لا يخرج عن الرياء السياسي نظرا لأنه هو ذاته متهم بالتسلط والدكتاتورية من أكثر من زعيم في العالم بمن فيهم الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن الذي وصفه بـ"المستبد".

وقال أردوغان الذي سعى دوما منذ 2016 إلى نسج علاقات شخصية وثيقة مع الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب، لصحافيين في اسطنبول الجمعة إنّها "وصمة عار للديمقراطية ونحن نتمنى انتقالا سلسا للسلطة إلى (الرئيس المنتخب جو) بايدن في 20 يناير/كانون الثاني.

وقدم أيضا التعازي إلى عائلات الضحايا الذين سقطوا خلال أعمال العنف. وكلهم ممن شاركوا في اقتحام الكونغرس.

كما أعرب عن أمله في أن يسود الهدوء والاستقرار الولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة، عقب تولي بايدن السلطة، مشيرا إلى أن الإعلام الأميركي التزم الصمت تماما إبان محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز 2016 التي شهدتها تركيا.

وأعاد أردوغان إلى الأذهان تغطيات وسائل الإعلام أميركية لما عرف باحتجاجات "منتزه غيزي"، التي شهدتها تركيا عام 2013، زاعما أن الحكومة التركية تعاملت بصبر مع الاحتجاجات وكان موقفها واضحا، بينما كانت الولايات المتحدة تتبنى مقاربة مختلفة جدا حيال الأمر.

وعلى خلاف ما ذكره الرئيس التركي حول تحلي حكومته الصبر إزاء احتجاجات"منتزه غيزي"، واجهت السلطات حينها تلك الاحتجاجات بقمع شديد وإلى اليوم تلاحق نشطاء ممن شاركوا فيها.

وكانت العلاقة بين أنقرة وواشنطن شهدت توترا بسبب محاولة الانقلاب الفاشلة على أردوغان الذي يتهم فتح الله غولن الداعية التركي المقيم منذ العام 1999 في الولايات المتحدة بالتخطيط لها. وقد طالب أميركا بتسليمه من دون جدوى.

وينتمي غولن إلى مدرسة الإسلامي السياسي ذاتها التي ينتمي إليها أردوغان وكان حليفين وثيقين قبل أن تفرقهما خلافات على المصالح والنفوذ.

لكن صداقة الرئيس التركي مع ترامب ساهمت في تجنيب تركيا عقوبات في السابق وخففت من انتقادات الولايات المتحدة لسجل أردوغان في انتهاك حقوق الإنسان، فيما تعتبر تصريحاته اليوم الجمعة انقلابا على حليف مهم يفصلها عن مغادرة البيت الأبيض أقل من أسبوعين.

والمفارقة أن توصيف أردوغان لما حدث في الكونغرس بأنه وصمة عار للديمقراطية لا يختلف كثرا عن ممارساته وإن كان يسوقها تحت غطاء قانوني وتهم كيدية لخصومه، فالرئيس التركي وظّف محاولة الانقلاب الفاشل عليه في صائفة 2016 وقانون مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ، لإزاحة خصومه السياسيين من طريقه. وشن حملة تطهير هي الأكبر في تاريخ تركيا استهدفت المئات من القيادات العسكرية ومن القضاة والمحامين وموظفي الدولة.

وزج كذلك بالزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي والكثير من نوابه في السجون في خطوة لإضعاف الحزب الموالي للأكراد والذي بات له ثقل سياسي وانتخابي. كما اعتقلت أجهزته عشرات الصحفيين والأكاديميين في حملة قمع غير مسبوقة.

وتعتبر تركيا في عهد أردوغان من ضمن أكثر دول العالم استهدافا للحريات وهي مصنفة عالميا كأسوأ دول في الحقوق الأساسية.

وكان تقرير صادر في العام 2020 عن المعهد الدولي للديمقراطية ودعم الانتخابات قد سلط الضوء عن تراجع أنقرة في مجال الديمقراطية، مشيرا إلى تنامي انتهاك حقوق الإنسان فيها والقمع الذي يمارس ضد المعارضين خاصة في السنوات الأخيرة. 

وفي العام الماضي قال المعهد الدولي للصحافة ومقره فيينا، إن تركيا هي الأكثر سجنا للصحفيين في العالم بعدد قياسي تجاوز 120 شخصا، كما أن وضع الإعلام لم يتحسن رغم إنهاء حالة الطوارئ.