أردوغان ينصب نفسه وصيا على الشرعية في ليبيا

الرئيس التركي الذي لا ترتبط بلاده بأي حدود بحرية أو برية مع ليبيا وتفصلهما مسافات كبيرة يعتبر التدخل المصري في الشأن الليبي "غير شرعي"، بينما أجاز لنفسه اجتياح سوريا وليبيا.
أردوغان يتحرك وفق أطماع استعمارية ومجد مفقود
أردوغان يؤكد أن لا تراجع تركيا عن دعم الوفاق وميليشياتها
حماية الأمن القومي والحفاظ على سيادة ليبيا محددات أي تحرك مصري
أنقرة تريد أن تجد لنفسها موطئ قدم دائم في ليبيا ولو عبر وكلاء

إسطنبول - يُروج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتدخل بلاده العسكري في ليبيا على أنه تدخل شرعي لدعم ما يقول إنها حكومة شرعية فقط لأن الأمم المتحدة تعترف بها بينما يرفضها شق واسع من الليبيين، فيما يعتبر أي تدخل مصر في الشأن الليبي تدخلا غير شرعي.

وإذا كان تدخل مصر التي ترتبط بحدود ممتدة مع ليبيا وتتعرض لخطر الإرهاب العابر للحدود، غير شرعي بمنطق أردوغان، فأي توصيف يمكن أن يُطلق على تدخل تركيا التي تفصلها عن ليبيا آلاف الكيلومترات ولا يشكل الوضع فيها أي خطر على الأمن القومي التركي وهي الذريعة التي اتخذتها أنقرة مثلا لتبرير غزوها لشمال سوريا واحتلال أجزاء منها.

ويشكل الوضع في ليبيا مصدر قلق بالنسبة لكل دول الجوار الليبي بمن فيها مصر التي حصلت على تفويض من أعيان ومشايخ القبائل الليبية وهي المكون الأساسي لنسيج المجتمع الليبي ورحب مجلس النواب في طبرق المؤسسة التشريعية الوحيدة ، بأي دعم تقدمه القاهرة.

لكن يبدو للرئيس التركي الذي تقوده أطماع استعمارية والباحث عن استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية في المنطقة، منطقا آخر في التعاطي مع الشأن الليبي لا يخرج عن سياق الوصاية التي حصل عليها من حكومة الوفاق التي يهيمن عليها الإخوان المسلمون.

ومن المفارقات أيضا أن أردوغان الذي تواجه قواته في كل من سوريا وليبيا اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وهو أيضا الذي أرسل آلاف المرتزقة السوريين للقتال في الأراضي الليبية دعما للميليشيات المتطرفة، اتهم اليوم الجمعة دولة الإمارات بالقرصنة في ليبيا.

والمنطق الذي يتحدث به الرئيس التركي بعيد كل البعد عن أي تفسير آخر إلا ما يتعلق بالأطماع التركية العالقة في ليبيا وهو وضع لخصته قبل أشهر الإذاعة النمساوية في تقرير علقت فيه على التحرك التركي في ليبيا بالقول إنه لا يوجد أدنى موجب ولا حدود بحرية أو برية تستدعي أن تتدخل أنقرة في الأزمة الليبية اللهم أطماع دفينة.

وأشارت إلى أن المسافة الفاصلة بين البلدين في البحر المتوسط كبيرة للغاية ومن ثم فلا يبدو أي تعيين للحدود البحرية بين أنقرة وطرابلس يعد أمرا ضروريا.

واعتبرت أن التفسير الوحيد لمنطق أردوغان هو أن "أنقرة على أن تجد لها موطئ قدم في ليبيا ولو عبر وكلاء، استنادا إلى أطماعها في استعادة ممالك الدولة العثمانية القديمة" وهو تصريح ردده أردوغان تصريحا وتلميحا في أكثر من مناسبة.

وقد أكد الرئيس التركي الجمعة هذا المسار بأن نصب نفسه وصيا على الشأن الليبي بتوزيع وصفة "الشرعية" على مقاسه وبتأكيده أن بلاده "ستواصل تحمل المسؤولية التي أخذتها على عاتقها في ليبيا ولن تترك الأشقاء الليبيين لوحدهم".

وتابع "علاقاتنا مع ليبيا تمتد لأكثر من 500 عام ولن نترك أشقاءنا الليبيين لوحدهم. سنواصل تحمل المسؤولية التي أخذناها على عاتقنا في ليبيا كما فعلنا لغاية اليوم"، وهي إحالة واضحة للإرث العثماني في المنطقة الذي أثقل كاهل دولها.

وبيّن أن تركيا أبرمت اتفاق تعاون للتدريب العسكري مع ليبيا وأنها بصدد إبرام اتفاق جديد مع طرابلس بمشاركة الأمم المتحدة، مؤكدا أن الحكومة الليبية تواصل جهودها في هذا الصدد، مع تواصل بلاده تضامنها مع طرابلس.

وأشار إلى أن الأمر، هو صراع بين من يقف إلى جانب حكومة فايز السراج التي وصفها بالشرعية ومن يقف إلى جانب المشير خليفة حفتر والذي نعته بالانقلابي و"كل من يقف إلى جانب الأخير هو غير شرعي وغير قانوني".

وتعادي تركيا مصر منذ أن عزل الجيش في 2013 بقيادة عبدالفتاح السيسي حينها (الرئيس المصري الحالي) الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين وهو العزل الذي فتح باب محاسبة الإخوان عن جرائم تقول السلطات القضائية والسياسية إنها جرائم إرهابية.

وتستضيف أنقرة قيادات من الجماعة المصنفة إرهابية والمحظورة في مصر ودول خليجية وتقدم الدعم لوكلائها لإثارة الفوضى وحرضت مرارا على قلب نظام الحكم بوصفها النظام المصري بـ "الانقلابي".

ومن الطبيعي أن لا تقبل تركيا بأي تدخل مصري في الشأن الليبي، إذ تسعى لفرض سيطرتها وهيمنتها على مقدرات وثروات الليبيين. كما تسعى لتمكين جماعة الاخوان المسلمين في غرب ليبيا من الهيمنة على الحكم كوكلاء لها خدمة لمصالحها وأجندتها.