أردوغان ينكأ جراح القبارصة اليونانيين بزيارة لفاروشا

62 منظمة قبرصية يونانية وقبرصية تركية تدعو إلى إنهاء إعادة فتح فاروشا من جانب واحد، معتبرة أن الطابع الاحتفالي التركي لهذا الافتتاح يدوس على ذكريات ومعاناة سكان المدينة الساحلية.
المئات استبقوا زيارة أردوغان لفاروشا باحتجاجات تندد بالتدخلات التركية
أردوغان يعتزم زيارة منتجع فاروشا في شمال قبرص
الرئيس التركي يشعل التوتر بزيارة لمنتجع فاروشا  

فاروشا (قبرص) - يُنتظر أن يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الأحد إلى شمال قبرص حيث يعتزم القيام "بنزهة" كما قال في مدينة فاروشا الساحلية المقفرة وأحد رموز تقسيم الجزيرة المتوسطية التي فقد سكانها الأمل بالعودة إليها يوما ما، في خطوة من شأنها أن تشعل التوتر القائم أصلا وتثير شعورا بالإحباط لدى سكان الجزيرة.

وفاروشا الساحلية منتجع يقع في الجزء التركي لجزيرة قبرص الشمالية بمدينة فاماغوستا. وقد بني في العام 1972، لكنه ما لبث أن أصبح مدينة أشباح بعد الغزو التركي لقبرص عام 1974، حيث تخلى عنها سكانها منذ ذلك الحين.

وقال أردوغان في 26 أكتوبر/تشرين الأول عندما استقبل الزعيم القبرصي الشمالي المنتخب إرسين تتار "سيكون من الرائع الذهاب إلى هناك معا في نزهة. رأيتها على شاشة التلفزيون وأرغب في الذهاب إليها شخصيا".

وبعد عقود من الإهمال، أعاد الجيش التركي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول فتح شاطئ في المنتجع الساحلي القبرصي اليوناني الواقع على مشارف مدينة فاماغوستا الساحلية، وكانت فاروشا وجهة للسياح الذين كانوا يقصدونها للاستمتاع بمياهها الصافية وأمسياتها الصاخبة.

وأثار ذلك حفيظة حكومة قبرص التي نددت بانتهاك القانون الدولي وكذلك العديد من القبارصة الأتراك الذين رأوا في ذلك تدخلا مباشرا في الانتخابات الرئاسية لصالح تتار الذي انتُخب في 18 أكتوبر/تشرين الأول وهزم منافسه المنتهية ولايته مصطفى أكينجي الذي تميزت علاقاته مع أنقرة بالفتور.

واضطر القبرصي اليوناني بافلوس ياكوفو لمغادرة فاروشا وهو في التاسعة عشرة من عمره أثناء الغزو التركي لشمال قبرص في عام 1974. وكان والداه يديران فندقا اسمه 'فلوريدا' أصبح الآن متداعيا بعد عقود من الإهمال.

ومع تطويق الجيش للمدينة، لم يتمكن من دخولها طيلة 45 عاما إلى أن أعيد فتحها جزئيا في 8 أكتوبر/تشرين الأول، لكن قلبه انفطر لرؤية الجرافات وهي تعمل على تسوية الأرض في المدينة التي ولد فيها.

وقال الناشط من أجل السلام البالغ من العمر 65 عاما ويعيش اليوم في باراليمني في الجزء الجنوبي من الجزيرة "عندما ترى هذا، فإنك تدرك أنه لن يبقى شيء على حاله".

وكدليل على الاستياء والغضب في الجزيرة، دعت 62 منظمة قبرصية يونانية وقبرصية تركية الخميس إلى إنهاء "إعادة فتح فاروشا من جانب واحد". ويؤكد الموقعون على النص المنشور باللغات التركية واليونانية والإنكليزية أن "الطبيعة الاحتفالية لهذا الافتتاح الذي يدوس على ذكريات ومعاناة سكان فاروشا، يجرح ضميرنا".

كما تظاهر عدة مئات من الأشخاص الثلاثاء في شمال قبرص للتنديد بزيارة أردوغان المزمعة وهتفوا "لا نزهة على آلام الآخرين!" و"لا تدخل" و"في قبرص، القبارصة يقررون!".

وقُسّمت قبرص إثر غزو الجيش التركي ثلثها الشمالي في عام 1974 بعد انقلاب استهدف إعادة توحيد البلاد مع اليونان.

وتوجد في الجنوب جمهورية قبرص المعترف بها دوليا والعضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004، فيما تعتمد "جمهورية شمال قبرص التركية" بشكل كبير سياسيا واقتصاديا على تركيا التي تنشر أكثر من 30 ألف جندي فيها.

وعلى الرغم من الاحتجاجات على جانبي الجزيرة، تجري الاستعدادات لاستقبال الرئيس التركي الأحد على قدم وساق في فاروشا. وقالت مصادر إعلامية إنه تم بناء كبائن وترتيب ممرات للمشي وزرع الأشجار والزهور.

وفي هذا السياق يعرب ياكوفو عن تشاؤمه بعد أن تشبث لعقود بأمل العودة للعيش في فاروشا، قائلا "كنت أتمنى دائما أن تُعاد فاروشا إلى سكانها أو وضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة يوما ما، لكنني لم أعد أصدق ذلك اليوم. ومواجهة هذا الواقع تشعرك بالاختناق".

وعلى الرغم من وعود أردوغان باحترام حق الملكية في فاروشا، لا سيما من خلال التعويض الذي تدفعه شمال قبرص لمقدمي الطلبات المؤهلين، ما زال ياكوفو متشككا.

وطلبه للاسترداد والتعويض المقدم إلى لجنة تم إنشاؤها لهذا الغرض ما زال بلا رد حتى اليوم، لكنه يأمل في إعادة توحيد الجزيرة ذات يوم.

ويقول "أريد أن أرى القبارصة الأتراك واليونانيين يعيشون معا في جزيرتنا، لكنني أخشى أن الجماعات القومية المتعصبة في الجانبين لن تسمح بذلك".