أرمينيا تذكّر بالإبادة الجماعية وطموحات عودة العثمانيين
لندن - قال رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان إن أفعال تركيا وأذربيجان تصل إلى حد "هجوم إرهابي" فيما يتعلق بإقليم ناغورني قره باغ يشكل جزءا من مواصلة الإبادة الجماعية للأرمن.
وجاءت تصريحات باشينيان بعيد موقف لوزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو حضّ فيه من باكو قادة دول العالم على دعم أذربيجان، مقللا من جدوى الدعوات لوقف إطلاق النار.
وارسلت تركيا الى اذربيجان الاف المرتزقة من سوريا وليبيا اللتين تنشر فيهما انقرة قوات ومقاتلين ايضا.
وقال باشينيان في تصريحات لسكاي نيوز "ما نواجهه هو هجوم آذري-تركي دولي إرهابي. بالنسبة لي، لا شك في أن هذه سياسة استمرار للإبادة الجماعية للأرمن وسياسة لإعادة الإمبراطورية التركية".
وتشير الإبادة الجماعية للأرمن إلى مقتل 1.5 مليون أرميني على يد الإمبراطورية العثمانية بين عامي 1915 و1923.
وتقر تركيا بأن كثيرا من الأرمن الذين كانوا يعيشون في الإمبراطورية قتلوا في اشتباكات مع قوات عثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، لكنها ترفض الأرقام وتنفي أن تكون عمليات القتل نُفذت بطريقة ممنهجة وتمثل إبادة جماعية.
وتحض الدول الغربية تركيا، الحليف القديم لأذربيجان، على استخدام نفوذها لدى باكو لاستعادة الهدوء، لكن تشاوش أوغلو قال إن على قادة العالم أن يرموا بثقلهم خلف باكو.
وقال تشاوش أوغلو إن "وضع هذين البلدين على قدم المساواة يعني مكافأة المحتل. على العالم أن يكون إلى جانب أصحاب الحق، وتحديدا إلى جانب أذربيجان".
وقال باشينيان في مقابلة مع وكالة فرانس برس في يريفان "لولا التحرك الكثيف لتركيا لما بدأت هذه الحرب. وأوضح ان "قرار بدء الحرب سببه دعم تركيا التام".
الاف من المتطرفين بينهم مقاتلون من جبهة النصرة يأملون بجني المال في الحرب الجديدة في قره باغ
وسبق ان دعت روسيا والولايات المتحدة وفرنسا إلى وقف "غير مشروط" لإطلاق النار، وهي دعوة كرّرتها الثلاثاء بريطانيا وكندا اللتان أبدتا قلقا بالغا إزاء قصف المناطق السكنية.
والمواجهات العنيفة التي اندلعت في 27 ايلول/سبتمبر بين المقاتلين الارمن والقوات الأذربيجانية حول ناغورني قره باغ، مستمرة من دون أي مؤشر إلى خفض التصعيد، ووسط توعد الجانبين بمواصلة القتال.
ويعود الصراع على ناغورني قره باغ إلى التسعينات عندما انفصل الإقليم ذو الغالبية الأرمينية عن أذربيجان متسببا بحرب أوقعت 30 ألف قتيل.
ولا يبدي أي طرف رغبة في خفض التصعيد رغم سقوط العديد من الضحايا المدنيين.
وأكدت أذربيجان مرارا انها لن توافق على وقف إطلاق النار ما لم تسحب أرمينيا قواتها، وهو موقّف كرّره الثلاثاء وزير خارجيتها جيهون بيرموف بقوله "سنقاتل حتى الرمق الأخير".
وفي مقابل تجديد تركيا دعمها لأذربيجان، أبدى رئيس الوزراء الأرميني "ثقته" بأن روسيا ستساعد بلاده إذا تعرضت لهجوم مباشر.
وصرّح باشينيان "أنا واثق بأن روسيا ستفي بالتزاماتها إذا تطلب الوضع ذلك" في إطار التحالف العسكري القائم بين البلدين.
وتنضوي أرمينيا ذات الغالبية المسيحية، في تحالف عسكري يضم دولا سوفياتية سابقة بقيادة روسيا التي لها قاعدة دائمة في أرمينيا لكنها لم تبد رغبة في تصعيد عسكري.
والثلاثاء أكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية ووزارة خارجية قره باغ استمرار المعارك على عدة جبهات.
ويؤكد كل من طرفي النزاع تكبيد الآخر خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ويتهم كل منهما الآخر باستهداف مناطق مدنية.
وتوسعت رقعة النزاع في الأيام الأخيرة بعد أن طال القصف مدنا كبرى بينها عاصمة الإقليم ستيباناكرت، وغنجه ثاني أكبر مدن أذربيجان.
وأفاد الجانبان عن سقوط 286 قتيلا منذ اندلاع القتال بينهم 46 مدنيا. لكن العدد الحقيقي قد يكون أعلى بكثير.
ومعظم الوفيات المؤكدة هي في الجانب الأرميني الذي أفاد عن سقوط 240 من المقاتلين الانفصاليين. ولا تعلن أذربيجان عن أي خسائر في صفوف قواتها.
ودانت موسكو وقادة في العديد من العواصم الغربية إرسال مقاتلين أجانب عن طريق تركيا، وحضوا القيادة التركية على العمل نحو التوصل لتسوية سياسية للقتال.
وتحدث مدير جهاز الاستخبارات الأجنبية الروسية سيرغي ناريشكين الثلاثاء عن مقاتلين من مجموعات إرهابية بينها جبهة النصرة "وهم مئات بل الاف من المتطرفين الذين يأملون جني المال في الحرب الجديدة في قره باغ"، فيما قال الكرملين إن الأوضاع تشهد تدهورا.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "لا يزال الناس يقتلون، وهذا الأمر غير مقبول".
وجمّدت المحادثات لحل نزاع قره باغ الذي أوقع 30 ألف قتيل، والذي يعد من أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994، مع حدوث مناوشات بين الحين والآخر.