أزمة البنزين.. العقوبات على طهران والطوابير في دمشق

وزارة النفط السورية تخفض كمية البنزين الموزعة على السيارات للمرة الثالثة في عشرة أيام كإجراء تقشفي مؤقت في ظل أزمة وقود خانقة.
تحديد 50 ليترا للسيارات الخاصة كل 5 أيام
هيئة قناة السويس تنفي المزاعم السورية بمنع عبور الناقلات الإيرانية
إنتاج سوريا من النفط لم يعد يتجاوز 14 ألف برميل يوميا
غالبية حقول النفط والغاز تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية

دمشق - خفّضت وزارة النفط السورية الاثنين مجدداً كمية البنزين المخصصة للسيارات الخاصة، لتصبح 20 ليتراً كل خمسة أيام، في إجراء تقشفي جديد يعكس أزمة وقود متفاقمة في البلاد.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ نحو أسبوعين زحمة خانقة أمام محطات الوقود، ويضطر سائقو السيارات للوقوف في طوابير تمتد مئات الأمتار والانتظار ساعات طويلة قبل حصولهم على كمية محدودة.

ويعمد مواطنون إلى دفع سياراتهم يدوياً لإيصالها إلى محطة الوقود بدلاً من تشغيلها، لتوفير ما أمكنهم من بنزين، بينما بدت شوارع عدة الاثنين خالية من الحركة الاعتيادية وتكدّست حاويات النفايات لعدم تمكن شاحنات القمامة من جمعها.

وحددت الوزارة في بيان الاثنين بـ20 ليتراً كل خمسة أيام كمية البنزين المسموح بها للسيارات الخاصة، و20 ليتراً كل يومين لسيارات الأجرة العمومية، فضلاً عن ثلاثة ليترات كل خمسة أيام للدراجات النارية. وأكدت أن الإجراء "مؤقت بهدف توزيع البنزين بعدالة على جميع أصحاب الآليات".

وبعد أشهر من نقص حاد خصوصاً في أسطوانات الغاز ثمّ المازوت، توسعت الأزمة مؤخراً لتطال البنزين.

ويعدّ قرار وزارة النفط والثروة المعدنية الثالث في عشرة أيام، إذ خفضت الكمية اليومية المسموح بها للسيارات الخاصة من 40 إلى 20 ليتراً قبل عشرة أيام ثم باتت 20 ليتراً كل يومين.

ويأتي هذا القرار غداة إعلان الحكومة إجراءات تقشف جديدة لمواجهة الأزمة، مؤكدة في الوقت ذاته أن العمل جار لحلّ الأزمة.

واضطر قصيّ وهو سائق سيارة أجرة إلى النوم في سيارته ليل الأحد الاثنين في منطقة المزة، بانتظار أن يحين دوره في طابور توقف أمام محطة الوقود.

وقال الشاب في الثلاثينات من العمر "وصلت إلى دور متقدم بعد منتصف الليل وبقي أمامي أقل من عشرين سيارة، لكن البنزين نفد من المحطة، وانتظرتُ حتى صباح اليوم على أمل أن أحصل على عشرين ليتراً".

وتدارك "لكن المحطة لا تزال مغلقة حتى الآن ولم تصل الكميات المخصصة لها".

وبعد انتظار لأربع ساعات أمام محطة للوقود، استسلم أحمد الحموي (45 عاماً) وعاد أدراجه. وقال المخرج الإذاعي "سأحاول أن أنسى سيارتي خلال الأيام المقبلة، وسأذهب إلى عملي سيراً".

وألقى مسؤولون حكوميون مراراً المسؤولية في أزمة الوقود على العقوبات الاقتصادية التي تفرضها دول عدة عربية وغربية، ما يحول دون وصول ناقلات النفط.

وفاقمت العقوبات الأميركية الأخيرة على طهران، أبرز داعمي دمشق، من أزمة المحروقات في سوريا التي تعتمد على خط ائتماني يربطها بإيران لتأمين النفط بشكل رئيسي.

وخلال لقاء مع عدد من الصحافيين المحليين قبل نحو عشرة أيام، أوضح رئيس الحكومة عماد خميس أن الخط الائتماني الإيراني متوقف منذ ستة أشهر، ولم تسمح قناة السويس منذ ستة أشهر بعبور ناقلات النفط إلى سوريا.

وبلغ إنتاج سوريا من النفط قبل اندلاع النزاع في العام 2011 نحو 400 ألف برميل يومياً، في حين لا يتجاوز 14 ألف برميل راهناً. ومُني القطاع بخسائر كبرى خلال النزاع، بينما لا تزال غالبية حقول النفط والغاز تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية، المدعومة أميركياً، في شمال وشرق سوريا.

ومع إعلان الحكومة إجراءاتها التقشفية تبلغ الأزمة ذروتها بشكل لم يسبق له مثيل حتى خلال سنوات الحرب في البلاد.

ولتخفيف الضغط كشف مصدر في وزارة النفط السورية عن وصول دفعة من الشاحنات التي تحمل البنزين إلى العاصمة دمشق خلال الساعات القادمة.

وقال مسؤول رفض ذكر أسمه "نأمل أن تصل الشاحنات هذه الليلة وتحل أزمة البنزين جزيئاً خلال الأيام القادمة ولكن في العموم سوف تحل بشكل كامل على الأبعد بداية الأسبوع القادم ".

وأبدى المسؤول السوري استياءه من دخول مصر على خط الحصار الأوروبي والأميركي ، قائلا "أرسلت إيران ناقلات نفط ولكن إدارة قناة السويس منعت تلك الناقلات من العبور والتوجه إلى الموانئ السورية".

غير أن السلطات المصرية أصدرت في المقابل بيانا نفت فيه صحة التقارير التي تحدثت عن صدور قرار بمنع سفن نفطية متجهة إلى سورية من عبور قناة السويس.

وقال رئيس هيئة قناة السـويس مهاب مميش في بيان" إن التقارير عن منع هيئة قناة السويس عبور سفن محملة بالنفط إلى سوريا الشقيقة غير صحيحة إطلاقا".

وأكد من خلال البيان التزام قناة السـويس بالعمل وفق المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقية القسطنطينة والتي تكفل المرور الآمن لجميع السفن العابرة دون تميز علم دولة أو أخرى.

ودعت هيئة قناة السويس المواقع الالكترونية وصفحات التواصل إلى تحري الدقة والموضوعية في نشر هذه الأخبار، مؤكدة أن الموقع الالكتروني للقناة يصدر جميع القرارات الخاصة بهذه الإجراءات.