أزمة تركيا تطال قطاع الطاقة

السلطات التركية تقرر رفع أسعار البنزين في تصاعد لانعكاس الازمة الاقتصادية على المقدرة الشرائية للمواطن التركي في ظل مستقبل يتسم بالضبابية.

انقرة - بدأت الأزمة الاقتصادية في تركيا تنعكس على جيب المواطن التركي الذي تحول الى اكبر خاسر من استفراد الرئيس طيب اردوغان بالسلطة ودخوله في صراعات خارجية وداخلية.

واعلن اتحاد مشغلي محطات إمداد الطاقة والبنزين والغاز التركي في بيان نشر الاربعاء رفع السلطات أسعار البنزين بمبلغ 0.36 ليرة (0.06 دولار) للتر فيما رفعت سعر وقود الديزل بمبلغ 0.34 ليرة للتر بداية من اليوم الاربعاء.

ومع اعتماد سياسة اعادة تطبيق نظام مقياس متحرك لدعم أسعار النفط ستكون الزيادة الفعلية في محطات الوقود بمبلغ 0.35 ليرة للبنزين و0.12 ليرة لوقود الديزل لكن جزء من الزيادة لن تاثر في الاسعار في المحطات بسبب اعادة تفعيل نظام المقياس المتحرك وذلك باعتماد مساهمات من ضريبة استهلاك خاصة.

وتؤشر هذه الزيادة الى انعكاسات الأزمة الاقتصادية على المقدرة الشرائية للمواطن التركي خاصة في مجال الطاقة.

ويعيش الاقتصاد التركي على وقع كبوات عديدة بسبب سياسات يتحملها الرئيس رجب طيب اردوغان.

وآخر هذه الكبوات هو إعلان هيئة الإحصاء التركية الاثنين ارتفاع نسبة البطالة في حزيران/يونيو الماضي بنسبة 2.8 في المئة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لتصل إلى 13 في المئة.

ونقلت وكالة "الأناضول" التركية عن الهيئة أن عدد العاطلين عن العمل، في المرحلة من 15 عاما فأعلى، ارتفع في حزيران/يونيو على أساس سنوي بواقع 938 ألفا، ووصل إلى أربعة ملايين و253 ألفا.

وأوضحت البيانات أن نسبة البطالة ارتفعت في حزيران/يونيو بنسبة 0.2  في المئة مقارنة بأيار/مايو الماضي حيث أوضحت أن البطالة في صفوف الشباب، سجلت 24.8 في المئة بارتفاع نسبته 5.4 في المئة.

ويشهد الاقتصاد التركي في ظل المؤشرات التي تنبأ بالانهيار، انكماشا غير معهود في السنوات الأخيرة، حيث تناقض الأرقام السيئة المستمرة ما يروج من أرقام مضللة بأن تركيا من أكبر اقتصادات العالم.

وبخلاف ما يتحدث عنه اردوغان والقادة الأتراك يسجل اقتصاد تركيا انحدارا حادا مقارنة بالسنوات الماضية.

وتصرح وزارة الخزانة والمالية التركية التي يديرها بيرات البيرق صهر الرئيس، بأن الناتج المحلي الإجمالي للفرد في تركيا بلغ تسعة آلاف و632 دولارا وهو أقل بقليل عما كان عليه في 2007، وأقل أيضا من دول أوروبية باستثناء دول البلقان.

وساهم ارتفاع التضخم في تعميق الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد، في وقت تحاول تركيا التراجع عن سياساتها النقدية لمواجهة الأزمة المالية.

وتمتلك تركيا حاليا سادس أعلى معدل تضخم في العالم، وهو رقم يحيد بتركيا عن الاقتصادات النامية وحتى المتوسطة.

وفي الوقت ذاته يرتفع معدل البطالة بتركيا ليصل إلى 12.8 بالمئة خلال مايو/أيار الماضي، وهو الرقم الأعلى منذ وضع حزب العدالة والتنمية قبضته على الحكم في العام 2002.

وفي سياق المؤشرات السلبية تكشف بيانات التجارة أيضا، صورة أوضح عن تركيا المتأزمة اقتصاديا، فقد تراجع حجم الواردات من الآلات والمعدات، ليعود لمستويات العام 2008 التي تعكس اضطراب قطاع الصناعات التحويلية.

وفي وقت يشير فيه وزراء أتراك إلى وجود فائض تجاري، فإن الفائض هو نتيجة لانخفاضات في حجم واردات الطاقة والسلع الوسيطة سببه تراجع قيمة الليرة وليس جراء زيادة حجم الصادرات.

ويثير انخفاض حجم الاستثمار الأجنبي المباشر أحد مصادر القلق الأخرى للحكومة التركية التي بلغت باقتصاد البلاد مرحلة حرجة، فقد هبط الاستثمار الأجنبي إلى 13 مليار دولار العام الماضي بعد أن وصل مستوى ذروة عند 22 مليار دولار في 2007.

ويرى خبراء بأن خطر إجمالي حجم الدين الخارجي المستحق يحوم حول تركيا، ما قد يزيد في جرعة المشكلات الاقتصادية المتكاثرة.

وكان إجمالي حجم الدين الخارجي المستحق 130 مليار دولار عام 2002، إلا أنه وصل خلال العام الحالي إلى 453 مليار دولار منها 119 مليار دولار ديون مستحقة للدفع في أجل قصير.

وبلغ مجموع الديون الخارجية المستحقة على القطاع الخاص في العام 2019 نحو 334 مليار دولار. كما يصل حجم القروض القصيرة الأجل من الديون لمستحقة على القطاع الخاص، إلى 90 ملياردولار، في وقت يصل إجمالي ديون القطاع العام القصيرة الأجل 24 مليار دولار.

الاقتصاد التركي
مؤشرات سلبية استدعت تساؤل وكالات التصنيف الائتماني الدولية

واستدعت هذه الأرقام تساؤل وكالات التصنيف الائتماني الدولية، عن كيفية تسديد تركيا ديونها الخارجية المتراكمة في ظل استمرار معدل البطالة.

وتاثر الاتراك سلبا بهذا الوضع الاقتصادي الكارثي ما دفع بعدد منهم الى الاقدام على الانتحار حرقا وهو ما رصدته بعض وسائل الاعلام التي كشفت زيف الارقام التركية حول تحسن الاقتصاد ورفاهية المواطن التركي.

ويمثل الشباب التركي عقدة حقيقة للرئيس اردوغان خاصة مع الاحتجاجات المتتالية التي تخوضها تلك الفئة مع تنامي البطالة وانسداد الأفق أمامها.

فالشاب التركي يشعر بخوف شديد من مستقبل مظلم كرسه اردوغان خاصة وان حدود البلاد تشهد اضطرابات سواء تعلق الأمر بملف الأزمة السورية وتدفق اللاجئين الذين باتوا يزاحمونها في فرص العيش ورحلة البحث عن عمل او فيما يتعلق بملف الحريات التي بات يتراجع تدريجيا مع تشديد القبضة الأمنية والقضائية في تركيا.

ويأتي تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل تواصل انهيار الليرة التركية، التي فقدت أكثر من 30 في المئة من قيمتها خلال 3 سنوات.