أزمة خبز ووقود تثقل على مفاوضات تقاسم السلطة في السودان

حزبان منضويان في قوى الحرية والتغيير يدعوان إلى وقف التفاوض مع المجلس العسكري قبل يوم من استئناف المفاوضات حول الإعلان الدستوري.

السودان يعاني أزمة سيولة وشحا في النقد الأجنبي
تراكمات حكم البشير تضع المجلس العسكري أمام تحديات اقتصادية
المجلس العسكري أمام اختبار القدرة على إنهاء أزمة الخبز والوقود
تدابير استثنائية لتوفير الخبز والوقود في الخرطوم

الخرطوم - تجددت أزمة المحروقات والخبز في العاصمة السودانية الخرطوم، فيما شهدت المخابز ومحطات الخدمة طوابير من المواطنين طلبا للخدمة، في أزمة تأتي قبل يوم من استئناف المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير المفاوضات حول الإعلان الدستوري وتقاسم السلطة.

ومن شأن هذه التطورات أن تثقل على المفاوضات الصعبة لتسوية الأزمة السياسية وتعبيد الطريق للمرحلة الانتقالية بما يفضي في النهاية لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ووضع السودان على سكة الانتقال الديمقراطي الهادئ.

وتكدست عشرات العربات أمام محطات الوقود بالخرطوم لساعات طويلة اليوم الاثنين، فيما أغلق عدد كبير من المحطات أبوابها لعدم توفر المواد البترولية.

والتأم اجتماع بولاية الخرطوم لاتخاذ المزيد من التدابير لضبط توزيع حصص الدقيق المقررة للمخابز لتأمين الخبز للمواطنين إلى جانب انسياب المواد البترولية لمحطات التوزيع، حسب الوكالة السودانية للأنباء (سونا).

وخرج الاجتماع بتعيين مندوبين من الوحدات الإدارية للإشراف على توزيع الدقيق للمخابز والرقابة على تحويل كل الوارد من الدقيق إلى خبز للمواطنين بالتنسيق مع الأجهزة النظامية.

كما سيتم تعزيز الإشراف والرقابة على توزيع الوقود والغاز بالمحطات والمنافذ المعتمدة.

وأقر الاجتماع بالفعل اعتماد مخزون استراتيجي من الدقيق لمجابهة الحالات الطارئة في الإمدادات، فيما وجهت اللجنة بإغلاق أي مخبز يثبت تلاعبه في الحصص المقررة له من الدقيق عن طريق التسريب أو التهريب.

وأزمة الخبز والوقود كانت من ضمن عوامل أخرى أججت الاحتجاجات في السودان والتي أفضت في نهايتها لسقوط نظام عمر البشير الذي عزله الجيش بعد أشهر من الضغوط الشعبية.

وتراجع إنتاج السودان النفطي بعد إنفصال جنوب السودان في 2011 من 450 ألف برميل إلى ما دون 100 ألف، ما جعل الحكومة السودانية تلجأ لاستيراد أكثر من 60 بالمئة من المواد البترولية لتلبية حاجات البلاد.

ويعاني السودان من أزمات معيشية مستمرة، تمثلت في شح السلع الإستراتيجية وارتفاع أسعار صرف الجنيه السوداني أمام الدولار وندرة في السيولة بالأسواق السودانية.

ويشهد السودان أيضا تطورات متسارعة ومتشابكة ضمن صراع على السلطة، منذ أن عزل الجيش عمر البشير من الرئاسة (1989 - 2019) في 11 أبريل/نيسان الماضي تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر 2018، تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.

وبالتزامن مع هذه الأزمة التي باتت تطرق أبواب السودان بقوة رغم الإجراءات التي اتخذتها السلطات لتخفيف حدّتها، دعا حزبان منضويان ضمن قوى إعلان الحرية إلى وقف التفاوض مع المجلس العسكري الانتقالي الحاكم وحمّلاه المسؤولية عن مقتل 5 متظاهرين في ولاية شمال كردفان (وسط) الاثنين.

وقال الحزب الشيوعي في بيان، إن "القتل والضرب والاعتقال أصبح يمارس يوميا من قبل القوات الأمنية"، منددا بـ"أحداث القتل التي شهدتها مدينة الأبيض (في شمال كردفان)، واستشهد خلالها طلاب ومواطنون إلى جانب العنف الممنهج في جامعة أم درمان الأهلية، وإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع على المحتجين ضد تقرير لجنة فض الاعتصام".

وقتل خمسة محتجين بينهم 4 طلاب اليوم الاثنين، خلال مظاهرات رافضة لنتائج تحقيق حول فض الاعتصام أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم في 3 يونيو/حزيران الماضي.

وشدد الحزب على "ضرورة محاسبة الجناة ووقف الانتهاكات فورا"، مضيفا "لا يمكن أن نجلس في طاولة مفاوضات مع من يسمح بقتل الثوار".

ومن المقرر أن يعقد المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير جلسة مفاوضات اعتبارا من الغد الثلاثاء بشأن تقاسم السلطة خلال مرحلة انتقالية. ودعا الحزب المجلس العسكري إلى تسليم السلطة لحكومة مدنية دون الدخول في مفاوضات. ويتولى المجلس العسكري الحكم منذ أن عزلت قيادة الجيش عمر البشير من الرئاسة.

وقال حزب المؤتمر المعارض في بيان، إن "استمرار استباحة دماء وأرواح السودانيين والسودانيات وقمع مظاهر التعبير السلمي الديمقراطي يضع البلاد برمتها على حافة الانهيار"، مضيفا أن "المجلس العسكري والأجهزة الأمنية تقع عليهم مسؤولية هذه الدماء التي تسفك جورا".

وحذر من أن "كل يوم تمر به البلاد وهي تعيش حالة السيولة والفراغ الدستوري هذه يجلب المزيد من المآسي والكوارث".

ورأى أن ما وصفها بـ"الجرائم لن تتوقف ما لم تنقل السلطة فورا لسلطة مدنية انتقالية".

وأعرب المجلس العسكري مرارا عن اعتزامه تسليم السلطة إلى المدنيين، لكن لدى بعض مكونات قوى التغيير مخاوف من احتمال احتفاظ الجيش بالسلطة، كما حدث في دول عربية أخرى.

ويشهد السودان منذ السبت الماضي احتجاجات ضد تقرير لجنة التحقيق الرسمية الخاصة بفض الاعتصام. وقالت النيابة، إن 9 ضباط كبار يواجهون إجراءات قانونية لارتكابهم جرائم ضد الإنسانية خلال فض الاعتصام.

ونفى رئيس لجنة التحقيق الرسمية فتح الرحمن يوسف في مؤتمر صحفي التوصل عبر التحريات إلى حالات اغتصاب أو حرق بالنار خلال فض الاعتصام على عكس ما أعلنته قوى التغيير.

وأعلنت وزارة الصحة السودانية يوم الأحد، سقوط 184 قتيلا منذ بدء الاحتجاجات في 19 ديسمبر/كانون أول 2018 حتى مطلع يوليو/تموز الجاري.

وتُحمل قوى التغيير المجلس العسكري المسؤولية عن سقوط عشرات القتلى خاصة خلال فض اعتصام الخرطوم وهو ما ينفيه المجلس.

مقتل 5 متظاهرين يشعل الاحتجاجات في شمال كردفان
مقتل 5 متظاهرين يشعل الاحتجاجات في شمال كردفان

وأصدر اللواء الركن الصادق الطيب عبدالله، حاكم ولاية شمال كردفان السودانية المكلف قرارا بإعلان حظر التجوال بعدد من مدن الولاية، اعتبار من مساء الاثنين و"حتى إشعار آخر".

وجاء القرار على خلفية مقتل 5 محتجين في مدينة "الأبيض" بالولاية، خلال مظاهرات رافضة لنتيجة تحقيق حول فض الاعتصام قبالة مقر الجيش بالعاصمة الخرطوم قبل نحو شهرين.

وقال البيان إن والي شمال كردفان المكلف أصدر قرارا بإعلان حظر التجوال في مدن "الأبيض، وأم روابة والرهد أبودكنة وبارا".

كما قررت لجنة أمن الولاية تعليق الدراسة بالمرحلتين الأساسية والثانوي بجميع مدارس الولاية حفاظا على أرواح الطلاب والمواطنين إلى حين إشعار آخر.

وأرجع بيان صادر عن اللجنة الأمنية القرار لـ"الأحداث المؤسفة التي جرت خلال اليوم بالمدينة".

وأفاد شهود عيان بأن محتجين أضرموا النيران في أحد بنوك المدينة، احتجاجا على ما وجود "قناصة في أعلى سطح البناية، تطلق الأعيرة النارية على المتظاهرين السلميين".

وتأتي هذه الأحداث عقب إعلان لجنة أطباء السودان التابعة للمعارضة، مقتل 5 محتجين بينهم 4 طلاب، في مظاهرات رافضة لنتائج تحقيق حول فض الاعتصام.