أزمة قطر أكبر من أن تُحلّ بتعديل وزاري

أمير قطر يجري تعديلات حكومية شملت تعيين الرئيس التنفيذي لأكبر البنوك القطرية والرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الوطنية في منصبين وزاريين مهمين، في خطوة  تستهدف الخروج من العزلة.
أمير قطر يجري تعديلا وزاريا تحت وطأة أزمة المقاطعة
حل أزمة قطر يكمن في التخلي عن سياسة دعم الإرهاب لا في استبدال مسؤول بآخر
قطر تواجه تداعيات الأزمة بتعديل وزاري يقفز على مسبباتها

الدوحة - أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني اليوم الأحد تعديلات حكومية شملت تعيين الرئيس التنفيذي لأكبر البنوك القطرية والرئيس التنفيذي لشركة الطاقة الوطنية في منصبين وزاريين مهمين في إطار تغييرات تأتي وسط خلاف ممتد مع عدد من الدول العربية.

ويأتي التعديل الوزاري على ما يبدو ضمن محاولات قطرية لمواجهة تداعيات أزمة المقاطعة العربية والخليجية، في خطوة تشكل قفزا على مسببات الأزمة حيث أن مشكلة قطر لا تكمن في الأشخاص بقدر ما تكمن في السياسيات التي تسببت في عزلة الإمارة الخليجية الصغيرة.

وكانت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قد قطعت في الخامس من يونيو/حزيران 2017 علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع قطر بعد أن استوفت هذه الدول كل الجهود الدبلوماسية المتاحة لإثناء الدوحة عن دعم وتمويل الإرهاب والتآمر على أمن المنطقة.

وتنفي قطر هذه الاتهامات إلا أن وثائق وأدلة قدمتها دول المقاطعة تثبت استمرار الدوحة في دعم وتمويل الإرهاب والتدخل في شؤون المنطقة بقصد زعزعة استقرارها اضافة إلى احتضانها جماعات وشخصيات مصنفة إرهابية مثل جماعة الإخوان المسلمين.

وأصدر الشيخ تميم بن حمد اليوم الأحد مراسيم لإعادة تشكيل مجلسي إدارة شركة قطر للبترول وجهاز قطر للاستثمار، تاسع أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم بأصول تقدر بنحو 300 مليار دولار.

وهذا أول تعديل وزاري في قطر، أكبر منتح للغاز الطبيعي المسال في العالم، منذ أوائل 2016.

وعُين الرئيس التنفيذي لبنك قطر الوطني علي أحمد الكواري في منصب جديد يجمع بين التجارة والصناعة في وزارة واحدة. فيما يأتي هذا التعيين في إطار تعديل وزاري شمل تغييرات بوزارات العدل والعمل والشؤون الاجتماعية.

ولم يتضح إذا كان الكواري سيحتفظ بمنصبه في بنك قطر الوطني أكبر بنك في الشرق الأوسط من حيث الأصول والمملوك بنسبة 50 بالمئة لجهاز قطر للاستثمار.

وأفاد أمر أميري بتعيين سعد الكعبي الرئيس التنفيذي لشركة قطر للبترول في منصب وزير الدولة لشؤون الطاقة.

والكعبي مهندس تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وترقى ليصبح رئيسا تنفيذيا لقطر للبترول في 2014 وهو أيضا عضو في مجلس إدارة جهاز قطر للاستثمار.

وحظى الكعبي بسمعة طيبة بين المسؤولين التنفيذيين في كبرى الشركات العالمية مثل إكسون وشل وتوتال كشريك يعتمد عليه في مشروعات الطاقة التي جعلت من قطر التي يقطنها 2.6 مليون نسمة أكبر مصدر للغاز المسال في العالم.

علي أحمد الكواري وزيرا للتجارة والصناعة
علي أحمد الكواري وزيرا للتجارة والصناعة

والتغيير الذي شمل الطاقم الاقتصادي يستهدف على الأرجح فك العزلة المتزايدة التي تواجهها قطر ومحاولة لإدخال مرونة على العمل الحكومي التي تجمع كل المؤشرات على دخوله في حالة من الاضطراب والإرباك بسبب قرار المقاطعة.

وقد يكون التغيير الوزاري أمرا جيّدا لضخ دماء جديدة في الحكومة القطرية، إلا أن أزمة قطر تتطلب أكثر من استبدال مسؤول بمسؤول آخر، ففك العزلة والخروج من الأزمة الراهنة يحتاج إلى تغيير جذري في السياسات التي اعتمدتها قطر خلال السنوات الماضية والتي أضرت بشكل كبير بعلاقاتها في محيطها الجغرافي الطبيعي أي في الحضن العربي والخليجي.

وكانت دول المقاطعة قد قدمت للدوحة قائمة من المطالب يشكل تنفيذها مخرجا من الأزمة ويتيح إعادة تطبيع العلاقات على أساس حماية الأمن القومي العربي وتحصين المصالح والعلاقات الخليجية في محيط إقليمي مضطرب، لكن الدوحة اختارت المكابرة والعناد بدعوى أن تلك المطالب تشكل انتهاكا لسيادتها.

سعد الكعبي وزير دولة لشؤون الطاقة
سعد الكعبي وزير دولة لشؤون الطاقة

ولم ير دبلوماسيون ومحللون غربيون هذه التغييرات على أنها تمثل مؤشرا على حدوث تحول في السياسة بعد نحو 18 شهرا وهي عمر الأزمة.

وقال ماجد الأنصاري المحلل وأستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة قطر "كان من المتوقع حدوث التغيير الوزاري في وقت مبكر عن ذلك، لكنه تأجل على ما يبدو في ظل انشغال البلاد بمواجهة آثار الحصار والآن ومع نجاح معالجة التداعيات فقد آن أوانه".

وتصف قطر المقاطعة بأنه حصار يستهدف تقويض اقتصادها، لكن دول المقاطعة أكدت مرارا أنه قرار سيادي يستهدف إثناء الدوحة عن سياسة دعم وتمويل الإرهاب.

وأضاف الأنصاري "لا يشير التعديل إلى تغيير في السياسة أو السلطة في الحكومة".

وعُين عبدالله عبدالعزيز السبيعي وزيرا للبلدية والبيئة وهو منصب ينظر له كمنصب مهم للاستعدادات الخاصة باستضافة البلاد لنهائيات كأس العالم لكرة القدم عام 2022.

وكان السبيعي يشغل منصب العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة السكك الحديد القطرية التي يتوقع أن تدشن أول خط لقطارات الأنفاق في الدوحة هذا العام.

وصدر اليوم الأحد قرار أميري منفصل بتعيين محمد بن حمد آل ثاني رئيسا لمجلس إدارة هيئة قطر للأسواق المالية.