أزمة لبنان محور نقاش ماكرون وولي العهد السعودي

اتفاق فرنسي- سعودي على ضرورة انتخاب رئيس للبنان في أسرع وقت ليتم تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتعافي البلاد.

الرياض – تصدر الملف اللبناني الاتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان السبت، حيث اتفق الزعيمان على ضرورة انتخاب رئيس للبنان و"تعزيز تعاونهما لتلبية الاحتياجات الإنسانية" لهذا البلد، بحسب بيان صادر عن الإليزيه.

وأشارت الرئاسة الفرنسية إلى أن "المحادثة تركزت خصوصا على لبنان، وشدد رئيس الجمهورية على ضرورة انتخاب رئيس في أسرع وقت ممكن حتى يتم تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية الضرورية لتعافي البلاد".

ولا يزال لبنان بلا رئيس دولة ولا مجلس وزراء كامل الصلاحيات منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون في الحادي والثلاثين من أكتوبر الماضي، وهو فراغ غير مسبوق حتى بمعايير بلد لم يتمتع باستقرار يُذكر منذ الاستقلال.

واجتمع البرلمان المنقسم بشدة خمس مرات بدون أن يتمكن من انتخاب خلف لعون، في حين تغرق البلاد في أزمة اقتصادية مستفحلة، مما يعمّق مخاطر عدم الاستقرار مع تضاعف المصاعب وترنح مؤسسات الدولة على شفا الانهيار.

وأضاف الإليزيه أن ماكرون "اتفق مع ولي العهد على مواصلة تعاونهما وتعزيزه لتلبية الاحتياجات الإنسانية لشعب لبنان".

ويبدو أن ماكرون من خلال هذا الاتصال الهاتفي يسعى إلى معرفة توجهات السعودية بشأن دعم مرشح معين للرئاسة اللبنانية، لا سيما بعد مشاركة المرشح الرئاسي ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية السبت الماضي في احتفالات إحياء الذكرى الـ33 لاتفاق الطائف بدعوة من السفير السعودي في لبنان وليد البخاري.

ورغم أن الانتخابات الرئاسية في لبنان استحقاق داخلي إلا أن الدول الوازنة والمؤثرة في الساحة اللبنانية لها تأثيرات هامة على انتخابات الرئيس اللبناني القادم.

ولم تتضح إلى حد الآن التوجهات السعودية أو الأميركية والفرنسية في دعم أي من المرشحين، إلا أن جميع هذه الدول حريصة كل الحرص على ضرورة انتخاب رئيس جديد لبنان في أسرع وقت.

إلى ذلك، تطرق الرئيس الفرنسي وولي العهد إلى التهديدات التي يتعرض لها استقرار المنطقة، و"أعربا عن رغبتهما في تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين".

وأشار إيمانويل ماكرون إلى أن "السعودية يمكن أن تعتمد على دعم فرنسا لضمان أمنها".

وأخيرا، أبدى الزعيمان رغبتهما في "تعزيز الروابط الاقتصادية بين بلديهما، لا سيما في مجال الطاقة".

وتكتسب العلاقات التي تربط السعودية وفرنسا أهمية خاصة في ظل تسارع المتغيرات الدولية والإقليمية، التي تتطلب تبادل الآراء وتنسيق المواقف بين الرياض والدول الصديقة، التي تتبوأ فيها فرنسا موقعا متميزا. وتهدف سياسة البلدين إلى الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في العالم عموماً وفي المنطقة خصوصاً.

ويرتكز التعاون الأمني والعسكري بين السعودية وفرنسا على الاتصالات الوثيقة بين البلدين في مجالات التدريب والتسليح لتعزيز الأمن الداخلي للسعودية، ودفاعها عن أراضيها، وتبرز الزيارات المتبادلة بين المسؤولين العسكريين والأمنيين من الجانبين تقارب وجهات النظر السياسية وتعزيز التعاون الأمني والعسكري بينهما.

ويرى مراقبون أن الجانب الفرنسي يولي اهتماما خاصا بملف النفط والغاز مع سعي العديد من الدول، خصوصا في أوروبا، لبحث موارد طاقة بديلة عن روسيا، خشية أن تعمد الأخيرة إلى قطع إمدادات الغاز تماما بحلول الشتاء، ردا على قرار الأوروبيين فرض حظر على النفط الروسي.

ويقول مراقبون إن السعودية تؤكد احترامها لتعهداتها والتزامها بكلمتها، بالتالي تمسكها، مثل غيرها من منتجي النفط، بقرارات مجموعة أوبك+ بقيادة الرياض وموسكو.

والسعودية شريك مهم لباريس من خلال كونها القوة البتروكيماوية العالمية، كما أن فرنسا هي أيضاً شريك قوي للرياض من حيث معدات النقل والزراعة والبضائع التي يتم إنتاجها في فرنسا.

وزاد حجم الاستثمار السعودي في فرنسا 5 أضعاف خلال العقد الماضي ليصل إلى 123 مليار دولار في 2019، بما يساوي 19 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للسعودية.

في حين تستحوذ فرنسا على نحو 0.5 في المئة فقط من الاستثمارات السعودية في العالم، بما يعادل 1.9 مليار ريال (427 مليون يورو)، والأغلبية العظمى من هذه الاستثمارات تتم في قطاع العقارات، بحسب إحصاءات البنك المركزي الفرنسي للاستثمار والخدمات اللوجستية.

ويشارك ماكرون في قمة مجموعة العشرين في بالي الأحد، ولم توضح الرئاسة الفرنسية ما إذا كان سيجتمع خلالها مع محمد بن سلمان. وقد استبعد الرئيس الأميركي جو بايدن لقاء ولي عهد المملكة العربية السعودية القوي بعد قرار تحالف أوبك+ خفض حصص إنتاج النفط.