أزمة ليبيا أكبر من أن يحلّها مؤتمر باليرمو

عشية مؤتمر دولي تستضيفه مدينة باليرمو الايطالية وتحضره أطراف دولية وإقليمية لبحث الأزمة الليبية يسود التشكيك في إمكانية التوصل لحل ينهي معاناة الليبيين اليومية.

الليبيون يشككون في مؤتمر باليرمو
لا تفاؤل ليبيا بالنتائج المنتظرة من مؤتمر باليرمو
الأزمة الليبية تلقي بظلال ثقيلة على حياة الليبيين
أزمة سيولة آخذة في التفاقم بقدر الأزمة السياسية

طرابلس - عشية محادثات دولية حول الأزمة الليبية في إيطاليا، لا يبدي الليبيون المصطفون في طوابير أمام المصارف في طرابلس تفاؤلا كبيرا بإمكانية التوصل إلى حل للأزمة السياسية والاقتصادية في بلادهم.

وقال المهندس علي كريديغ (40 عاما) "أنا هنا منذ السادسة صباحا وبعد مضي خمس ساعات لم يصلني الدور لاستلام رقمي الذي سيمكنني من الحصول على جزء من نقودي".

وتحد المصارف الليبية عمليات سحب الأموال وتربطها بتوفر السيولة ما يستدعي تشكّل طوابير انتظار طويلة أمامها، مضيفا "لعلك تلاحظ المئات ينتظرون مثلي".

وفي محاولة لتخفيف طوابير الانتظار الطويلة خصصت بعض المصارف أياما للنساء وأخرى للرجال.

وأمام مصرف آخر في حي الأندلس في غرب طرابلس تنتظر عشرات النساء دورهن فيما بعضهن يحاولن الاحتماء من أشعة الشمس.

وفي المقهى المقابل قال لطفي متأملا صفوف الانتظار الطويلة أمام مصارف طرابلس "أمر محبط أن نرى هذا وكأننا بلد فقير".

وليبيا غارقة في الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011. وتتقاسم النفوذ فيها سلطتان: حكومة الوفاق الوطني التي تتخذ من طرابلس مقرا وتسيطر على غرب البلاد، وحكومة مؤقتة في الشرق مدعومة من الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ومن برلمان منتخب.

وقال كريديغ "لقد تنقل سياسيو بلدي في العشرات من المحطات الدولية طيلة الأعوام الأربعة الماضية وأنفقوا ملايين الدولارات دون فائدة".

ويذهب القسم الأكبر من عائدات النفط الليبي لزعماء الحرب في بلد تتنافس الفصائل المسلحة فيه للاستيلاء على موارده.

وفي سبتمبر/أيلول أعلنت حكومة الوفاق الوطني إصلاحات اقتصادية بهدف مكافحة الفساد، لكن الإجراءات الحكومية تعرّضت لانتقادات كبيرة، كما يشكك محللون في جدواها وفاعليتها.

الليبيون يرون أن الحل يجب أن يأتي من طرابلس وبنغازي وسبها ومصراتة والزنتان وليس من باليرمو أو باريس أو غيرهما

إلا أن رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج قال إن تشكل الطوابير أمام المصارف يظهر فاعلية الإصلاحات وأن السيولة عادت إلى المصارف.

لكن عشية مؤتمر دولي في باليرمو لبحث الأزمة الليبية يسود التشكيك في إمكانية التوصل لحل ينهي معاناة الليبيين اليومية.

وأثناء انتظاره أمام المصرف برفقة طفله البالغ من العمر خمس سنوات قال كريديغ "لا نتيجة ستتحقق في إيطاليا مثلما كانت النتيجة صفر في الاجتماعات الدولية السابقة".

وتابع أن "إيطاليا لا تحاول مساعدة الليبيين، فهي لا تتمنى الخير لهم على الإطلاق"، مضيفا أن شريحة واسعة من الليبيين تعتبرها "مستعمرا سابقا لا يمكن الوثوق به".

وأضاف "بالتالي هذا المؤتمر هو فقط للاستعراض الدولي وإظهار روما أمام جيرانها الأوروبيين بأنها صاحبة المبادرة والزمام في ليبيا"، بعد استضافة فرنسا في مايو/أيار الماضي قمة بين الأطراف الأربعة الرئيسيين في الأزمة الليبية.

ويعتبر مراقبون أن التنافس بين الدول الغربية والعربية يفاقم الأزمة الليبية.

بدورها، تعارض الأستاذة الجامعية سعاد ملوق تدخل إيطاليا في شؤون بلادها الداخلية لأنه "لا يمكن اعتبارها وسيطا محايدا بسبب دعمها لأطراف على حساب أخرى".

وأكدت الصيدلانية فاتن محمود (54 عاما) أن أرباحها انخفضت بشكل كبير بسبب تدهور قيمة العملة المحلية.

وقالت "نحن الليبيون لا زلنا ننتظر أن يأتي الحل لمشاكلنا من دول أجنبية هي نفسها التي لا نكف عن شتمها وتحميلها مسؤولية ما نعانيه".

وتابعت الصيدلانية أن "الصخيرات واسطنبول وباريس وروما وباليرمو... ليست إلا وجهات سياحية بالنسبة إلي"، في إشارة إلى المدن التي استضافت في السنوات الأخيرة مؤتمرات لبحث الأزمة الليبية.

وأضافت أن "الحل يجب أن يأتي من طرابلس وبنغازي وسبها ومصراتة والزنتان".

أما جاب الله الشويهدي (74 عاما) فيرى أن الأمل ضئيل جدا، معتبرا أن حل الأزمة الليبية يتطلب طاولة حوار ليبية حصرا.

وقال الشويهدي "إذا كان هناك أمل فهو ضئيل جدا جدا ولا أنظر إليه خارج ليبيا. المنطق يفرض أن نجلس على طاولة ليبية عندها يمكن أن نصل إلى نتيجة".

وجزم رمضان ناصف (45 عاما) بأن مؤتمر باليرمو لن يكون مختلفا عن المؤتمرات السابقة.

وقال ناصف "نحن تحت رحمة الله ومن ثم تحت رحمة مجلس الأمن وما لم يجتمع مجلس الأمن بأمراء الحروب وقادة الميليشيات ويحثهم على تسليم السلاح لن يكون هناك أي حوار سياسي ناجح مهما حصل". وختم متسائلا "كيف أتحاور مع البندقية؟".