أسرار الكون والاكتشافات الحديثة في كتاب

أبو ظبي – أصدر مركز زايد للتنسيق والمتابعة كتابا بعنوان " الكون والاكتشافات الحديثة " والكتاب يتناول بالبحث هذا الكون الرحيب بكل ما فيه من كواكب ونجوم ومجرات بعدد رمال البحار، بل أكثر من ذلك.
والكتاب يوضح أن الإنسان، ومنذ أقدم العصور، اهتم بالفلك، وحاول أن يفهم ماهية هذا الكون البديع.
وقد كان بطليموس الإسكندري من أشهر الفلكيين، وقد رأى أن الأرض هي مركز الكون، وأن الشمس والقمر وكل الكواكب الأخرى تدور حولها.
ولكن سرعان ما تلاشت هذه النظرية بعد أن أثبت كوبر نيكوس في بداية عصر النهضة الأوروبية أن الشمس هي مركز الكون وليست الأرض، بل إن الأرض نفسها تدور حول الشمس.
ومنذ ذلك الحين قفز علم الفلك قفـزات هائلـة، وقـد أيـد كوبـر نيكوس في نظريته هذه مجموعة من العلماء منهم، عالم الفلك تيخه الذي أجرى لمدة عشرين عاماً قياسات دقيقة لمواقع المريخ وأيضاً كبلر الذي بيَّن أن حركة المريخ التي استنتجها من ملاحظات تيخه لا تتفق مع نظرية بطليموس، ولكنها تتفق مع قواعد معينة وضعت الشمس في مركز الكون، وأيضاً العالم الفلكي جاليليو الذي توصل إلى اكتشافات خالفت نظرية بطليموس، وأخيراً العالم الفلكي والفيزيائي اسحق نيوتن الذي وضع التفسير الدقيق لحركة السيارات الذي وضعه كبلر طبقاً لحسابات تيخه.
وبذلك لم يعد ثمة مجال للقول، بأن الأرض هي مركز الكون، ويتناول الكتاب كيفية تشكل الكون بما فيه من أجرام وأفلاك، فيوضّح أنه قبل نحو عشرة أو عشرين مليار سنة حدث الانفجار الكبير، وكرة النار المبدئية الساخنة الضخمة ذات الكثافة العالية التي احتوت كل المادة والطاقة في الكون، ثم انفجرت كرة النار إلى غازات سريعة التمدّد والبرودة تتكون من البروتونات والنيوترونات والإلكترونات السابحة في بحر كثيف من الإشعاع.
وفي البداية حافظ الإشعاع على انتظام التمدد، ولكن المادة التي يتكون معظمها وقتئذ من الهيدروجين مع بعض الهيليوم، بدأت في تكوين تجمعات، وقد استمرت التجمعات سابحة بعيداً عن بعضها مع أن المادة في كل تجمع على حدة كانت تنكمش بفعل تثاقلها الذاتي.
وبذلك فقد تشكلت الأجرام والأفلاك المختلفة السابحة في الفضاء بانتظـام، ومنذ ذلك الانفجار الكوني العملاق بدأ الكون تمدّداً لم يتوقف قط.
ويتحدث الكتـاب عن المجموعة الشمسية وهي المجرة المعروفة "بـدرب التبانة"
فيذكر أن هذه المجرة تتكون من تسعة كواكب وواحد وستين قمراً.
تدور كل مجموعة منها حول أحد الكواكب، وإضافة لذلك هناك أعداد كبيرة من المذنبات والكويكبات وأعداد هائلة من النيازك والشهب.
ومادة ما بين الكواكب، وقبل اختراع المناظير أمكن التعرف على خمسة كواكب هي / زحل، المشتري، المريخ، زهرة، عطارد، ومن ثم تم اكتشاف أورانوس عام 1781 ونبتون عام 1846 وبلوتو عام 1930.
ويوضح الكتاب أن هناك مئة مجرة أخرى تم اكتشافها خلف مجرتنا وهناك ما هو أكثر من ذلك بكثير.
ويذكر الكتاب أن النجوم بعيدة جداً عن الأرض وأقرب نجم إلى الأرض يبعد عنها حوالي 4.3 سنة ضوئية والسنة الضوئية وحدة لقياس أبعاد الفضاء وهي تعادل 10 مليارات كيلومتر.
ويتطـرق الكتاب لمسألة احتمال وجود الحياة على كواكب أخرى غير كوكب الأرض ولكنه يوضح أن كل الدراسات العلمية التي أجريت حول الفضاء إلى الآن أثبتت انعدام الحياة في أيّ من الكواكب المعروفة وذلك إما بسبب ارتفاع أو انخفاض درجات الحرارة الهائل على هذه الكواكب، أو بسبب انعدام غاز الأوكسجين بسبب انعدام وجود الكائنات الحية الخضراء كتلك الموجودة على الأرض التي تطرح الأوكسجين من خلال عملية التركيب الضوئي، حيث تنتشر في الكواكب غازات سامة كغاز أول أوكسيد الكربون وغاز ثاني أوكسيد الكربون وغاز الميثان والهيدروجين.
ومن ثم ينتقل الكتاب لفرضية موت النجوم الزاهرة، وهي الفرضية التي تنطلق من أن كلَّ ما له بداية له نهاية أيضاً وليست النجوم والكواكب بما فيها الشمس بمنأى عن هذه الفرضية.
وفرضية موت النجوم تقوم على أساس أن هذه النجوم تضيء بفعل وجود عنصري الهيدروجين والهيليوم، حيث يتم تفاعل نووي من اتحاد هذين العنصرين، فإذا ما تحول كل الهيدروجين الموجود في لبّ النجم إلى هيليوم، يتوقف التفاعل النووي في اللب، وبالتالي يبرد لبّ النجم،فيزداد انكماشه نحو المركز،فترتفع درجة الحرارة ويتمدد الجزء الخارجي من النجم، وبالتالي يبرد سطحه،وبذلك يصبح النجم غير مضيء،ويسمى عند ذلك" عملاقاً أحمر" والكتاب يشير إلى أن الشمس تسير نحو التحول إلى عملاق أحمر، لأن الطاقة الموجودة فيها ليست بدون نهاية، وربما ينطفئ نور الشمس بعد خمسة أو عشرة مليارات سنة من الآن بعد أن تنتهي التفاعلات النووية الموجودة فيها.
ويتحدث الكتاب عن ظاهرة الثقوب السوداء، فيوضح أن هذه الثقوب هي نجوم ذات كتل هائلة، وفي هذه النجوم الضخمة تنتصر قوة الجاذبية على القوى الأخرى، وهو ما يُعرف بالثقب الأسود، وذلك لأن قوة الجاذبية تمنع الأشعة من الانطلاق والظهور على سطحه وتظل منكمشة في النواة، ولذلك يبدو كثقب أسود.
ويتحدث الكتاب عن ظاهرة السُدم الكوكبية، فيوضح أنها عبارة عن طبقات من الغاز يلفظها العملاق الأحمر، فتتشكل في سُدم ضخمة للغاية تتواجد بين الكواكب، وقد تم رصد 1000 سديم كوكبي في مجرتنا.
ومن المعتقد أن يكون في مجرتنا عشرة أضعاف هذا العدد الذي رصد.ومن ثم يتحدث الكتاب عن أبحاث الفضاء ، فيوضح أن الاتحاد السوفيتي السابق كان أول من أطلق قمراً صناعياً إلى الفضاء عام 1957 ومن ثم تبعته الولايات المتحدة التي أطلقت عام 1958 قمراً صناعياً إلى الفضاء.
وتوالت عمليات استكشاف الفضاء من قبل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة ودخلت أوروبا واليابان في موضوع استكشاف الفضاء.فقد بنت كل من أوروبا واليابان محطات لإطلاق الصواريخ الحاملة لمركبات فضائية كما بنت أيضاً المناظير الضخمة التي تمكن من رؤية دقيقة لحركة الكواكب في الأبعاد السحيقة، ومن خلال هذا النشاط العالمي المكثف لمعرفة الفضاء الخارجي فقد تم اكتشاف العديد من الكواكب التي كانت مجهولة لوقت قريب، ولكن مازال الفضاء الخارجي لغزاً محيراً ولم تحرز الرحلات الأمريكية المتكررة إلى الفضاء نجاحاً يذكر في إمكانية استغلال الفضاء أو الاستيطان فيه.
ولكن الكتاب يرى أن الإنسان حقق أرباحاً من خلال أنشطته الفضائية، وتتمثل هذه الأرباح في أن الأبحاث الفضائية توّلد خلال فسحة من الوقت قصيرة كمَّاً كبيراً من الخبرة العلمية والتقنية حول إدارة المركبات في الفضاء.
وقد مكنت هذه الخبرة العلمية والتقنية الإنسان من وضع أقمار اصطناعية دائمة في الفضاء تقوم بأنظمة اتصالات لاسلكية متطورة بدرجة كبيرة، كما مكنت هذه الخبرة الإنسان من الإشراف الجوي على اتساع العالم، ومن الحصول على المعلومات عن مصادر المعادن في العالم وأيضاً، فإن التقدم الناتج في صناعة الصواريخ كان له مغزى عسكري عميق، بحيث أن أمريكا صارت تتجه الآن نحو عسكرة الفضاء فيما يُعرف بـ"حرب النجوم".
وتساءل الكتاب، أين موقعنا نحو العرب إزاء هذه الجهود الدولية لاكتشاف الفضاء . ويرى الكتاب أنه لابد من أن يساهم العرب في اكتشاف هذا المجهول، وأن يتابعوا مسيرة أسلافهم أمثال العالم الفلكي ثابت بن قرة وابن الشاطر وغيرهم ممن كان لهم أعظم الأثر في دفع علم الفلك بقوة إلى الأمام من خلال أبحاثهم العلمية الرصينة التي مهدت لولادة الثورة الكوبرنيكية.
ويدعو الكتاب العرب إلى اللحاق بركب الأمم الأخرى التي سبقتنا في مجال اكتشاف الفضاء قبل أن يفوت الأوان، وتحصد الأمم الأخرى كل النتائج.