أسعار النفط تقفز مجددا مدفوعة بالتوتر الأميركي الإيراني

ارتفاع جديد في أسعار النفط يأتي بعد تفاقم التوتر بين طهران وواشطن على خلفية مقتل سليماني، فيما بلغت أسعار الذهب أعلى مستوياتها منذ سنوات وتراجعت أسهم البورصات في العالم.
تفاقم التوتر الأميركي الإيراني يستدعي القلق من اضطراب إمدادات الخام في منطقة حيوية
مقتل سليماني يقطع تفاؤل المستثميرين بشأن اتفاق تجاري مرتقب بين بكين وواشنطن

باريس - دفع التوتر الأميركي الإيراني الذي بلغ أوجه بعد تصفية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني في غارة أميركية الجمعة بالعراق، أسعار النفط إلى ارتفاع قياسي هو الثاني في أقل من أسبوع، فيما يخيم القلق على الأسواق من اضطراب إمدادات الخام على ضوء التقلبات السياسية في المنطقة الغنية بالنفط والتي توجد فيها أيضا ممرات مائية حيوية لإمدادات العالم من الطاقة.

وسجلت أسعار النفط ارتفاعا جديدا، بينما بلغت أسعار الذهب أعلى مستوياتها منذ ست سنوات وتراجعت أسعار الأسهم الاثنين، وسط مخاوف من نزاع كبير في الشرق الأوسط بين طهران وواشنطن على خلفية مقتل سليماني.

وحذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من "رد كبير" ضد طهران بعدما هددت بالانتقام لمقتل سليماني الذي صدم الأسواق العالمية وأثار عمليات بيع أسهم وارتفاعا في أسعار النفط.

وأعلنت إيران الأحد التنصل من كل القيود بشأن التفاق النووي، بينما طلب البرلمان العراقي رحيل القوات الأميركية من البلاد.

وتثير الأزمة قلق المستثمرين بعدما كانوا متفائلين في ظل استعداد الولايات المتحدة والصين لتوقيع اتفاق تجاري مرحلي الأسبوع المقبل، وورود أرقام تشير إلى تحسن طفيف في الاقتصاد العالمي.

وارتفعت أسعار النفطين المرجعيين في المبادلات في آسيا، إذ تجاوز سعر برميل برنت السبعين دولارا للمرة الأولى منذ سبتمبر/أيلول الماضي عندما أدت هجمات على منشأتين سعوديتين إلى انخفاض إمدادات أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بمقدار النصف تقريبا.

وكان ترامب الذي يواجه انتقادات بسبب العملية ودعوات إلى خفض التوتر، قد أطلق سلسلة تصريحات حربية، مؤكدا أن البيت ألبيض حدد عشرات المواقع لاستهدافها في ضربات ردا على أي عمل انتقامي من إيران، معلنا أنه لا يحتاج إلى موافقة الكونغرس حتى لضربات "غير متكافئة".

وقال راي اتريل المحلل في البنك الوطني الاسترالي إن "التوتر الجيوسياسي سيبقى مرتفعا في الأيام المقبلة على ما يبدو، ما يدعم أسعار النفط ويمكن أن يبقي أسواق المال في موقف دفاعي".

وارتفعت أسعار الملاذات الآمنة المعروفة كالعادة عند حدوث اضطرابات، ليسجل الذهب أعلى سعر له منذ منتصف 2013، والين الياباني أعلى سعر له مقابل الدولار منذ ثلاثة أشهر.

وقال ستيفن اينيس المحلل في شركة 'اكسي تريدرز' إن "الإنذار السيئ الذي لم يكن أحد يرغب ببدء العام به، أثار قلق أسواق الأسهم العالمية، حيث كان المستثمرون يتوقعون بعض السلاسة بعد الإعلان عن المرحلة الأولى من اتفاق تجاري أميركي صيني"، مضيفا "إنهم يبحثون الآن جاهدين عن ملاذات آمنة".

أسواق الأسهم المالية في العالم تسجل خسائر بعد زيادة التوتر بين طهران وواشنطن
أسواق الأسهم المالية في العالم تسجل خسائر بعد زيادة التوتر بين طهران وواشنطن

وسجلت أسواق الأسهم خسائر بعد وول ستريت حيث تراجعت المؤشرات الرئيسية الثلاثة عن مستويات قياسية كانت سجلتها. وأنهت أسواق المال السبع في دول مجلس التعاون الخليجي انخفاضا حادا وسط مخاوف من هجمات انتقامية إيرانية على مصالح أو قوات أميركية.

ويستضيف عدد من هذه الدول مثل الكويت وقطر والبحرين قواعد عسكرية أميركية كبيرة، بينما تنتشر قوات أميركية في السعودية.

وامتدت الخسائر إلى أسواق الأسهم في آسيا حيث تراجعت بورصة طوكيو حوالى 2 بالمئة خلال جلسة سوداء كانت الأولى في بداية العام.

وخسرت بورصات هونغ كونغ 0.8 بالمئة، وسنغافورة 0.7 بالمئة وسيول 1 بالمئة، بينما تراجعت بورصات تايبيه وبومباي (1 بالمئة كل منهما) ومانيلا (0.9 بالمئة) وجاكرتا (0.7 في المائة).

أما بورصة شغهاي فقد أغلقت بلا تغيير وسط ترحيب المستثمرين بتعهد السلطات الصينية في نهاية الأسبوع دعم القطاع المصرفي المضطرب في البلاد والشركات الصغيرة في مواجهة تزايد الديون.

في المقابل ارتفعت أسعار أسهم شركات الطاقة مدفوعة بارتفاع اسعار النفط. فقد ارتفعت أسعار أسهم مجموعة 'ابنبيكس كوروبوريشن' اليابانية أكثر من 4 بالمئة في طوكيو، وربحت أسهم شركة 'بتروتشاينا' في هونغ كونغ النسبة نفسها. وارتفعت أسعار أسهم الشركة الوطنية الصينية النفطية أوفشور (سي ان او او سي) 3.6 بالمئة.

وفي المبادلات الأولى انخفضت بورصة لندن 0.4 بالمئة وواصلت التراجع حتى 0.62 بالمئة، بينما تراجعت بورصة فرانكفورت 1.1 بالمئة وباريس 0.7 بالمئة.

وأثار الهجوم الأميركي الجمعة صدمة في الأسواق العالمية التي كانت تنتظر سلسلة جديدة من المكاسب بسبب الاتفاق التجاري بين الصين والولايات المتحدة، الذي أدى إلى خفض التوتر بين القوتين الاقتصاديتين الكبريين وتراجع المخاوف بشأن بريكست.

وقال بيتر دراجيتشيفيتش الخبير في استراتيجيه السوق في مجموعة 'صن كورب فاينانشل' إن "الجميع أحسوا بالارتياح لأن الهدنة في الحرب التجارية تحققت ولأن آفاق 2020 كانت تبدو أفضل قليلا، قبل أن يرد إنذار جيوسياسي جديد".

ويرجح أن يدفع التدخل التركي في ليبيا عضو أوبك أيضا إلى حدوث اضطراب في إمدادات النفط وارتفاعا في الأسعار، فيما تبقى كل الاحتمالات على ضوء تمدد التوتر أو انحساره، بينما تقاوم منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بقيادة السعودية وحلفائها بقيادة روسيا، للحفاظ على استقرار السوق.